غوص في استفهامات الأديب العلامة امحمد ولد أحمد يوره

تعتبر نقاط الاستفهام عنصرا مهما في بناء معنى بعض قصائد امحمد ولد أحمد يوره، خاصة اللهجية منها. فهو يوظف التساؤلات للتأكيد وللتنبيه وللإسترسال الشكلي.


وقد يطرح ولد أحمد يوره أسئلته على الحجر أو المدر، كما يسائل الوديان والتلال، بل وحتى البرق والنسيم والبهم. وتارة نجده يسائل نفسه. ففي طلعة “السبخه” تتحول تساؤلات ولد أحمد يوره إلى محاكمة ذاتية وجدانية عميقة:

اعْلاَشْ انْعُودْ افْـ مَوْضَعْ كَادْ++ فِيــهْ إِجِينِ زرْكْ التّفْكَادْ؟

سؤال جلي يطرحه الشاعر على نفسه في صيغة اللوم: “لماذا أجد نفسي في مكان يستطيع معه رمي الذكرى أن يصلني؟ أي: لماذا أكون في مرمى الذكريات؟”.. رغم ذلك فوحده الشاعر يعرف السبب، لكنه لا يتوقف عند هذا السؤال التأنيبي، بل يسرع إلى تعزيزه بسؤالين عميقين:

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

واعْلاَشْ انْرَ دَارْ الْعَـــرَّادْ++ يَامسْ فَوْكْ السَّبْخَ؟ واعْلاَشْ

إِرَكَّبْلِ بِيرْ الْجَــــــوَّادْ ++ الْيُومْ أُ بِيـرْ أَرَاشْ أَرَاشْ؟

هنا تتعمق مقاضاة الشاعر لنفسه فيتساءل قائلا: “لماذا أعثر في السبخة – يوم أمس- على ربع للمعشوقة؟ ولماذا –اليوم- يعرض عليّ النوءُ صورا لبئر الجواد وأخرى لبئر أراش؟”.

ثم يتساءل الشاعر (طالبا من نفسه تقديم إيضاحات أكثر):

واعْلاَشْ امَّلِّ ذُ لَـــــيَّامْ++ أَيَّامْ الْكَتْمَ وَ رَشْـــرَاشْ

نشَّوْشْ سَاحـلْ تنْدَكْــعَامْ ++ وَانَ مَانِ حجْ التّشْــوَاشْ؟

هنا يجلد الشاعر نفسه أكثر معذبا إياها بآخر ما في جعبته من تساؤلات، قائلا: “ولماذا أيضا، وفي هذه الأيام بالذات حيث الظلمة والطل، اشتاق لغربي تندكعام، رغم عدم أهليتي للشوق؟”.

كذلك نجد الشاعر في طلعة “واد احنينه” يسائل نفسه وخله الذي اقتطعه من نفسه قائلا:

اشـْمَشـَّانَ واشْكَعَّدْنَ== آنَ وانتَ هُونْ أُحَدْنَ

يَـ العَكْلْ افـ دارْ اعْلَ مدْنَ== كبلتْ ساحلْ وادْ احْنيْنَ؟

يطرح الشاعر على نفسه وعلى خله (وهو ليس إلا جزء مبطنا من نفسه) سؤالا غريبا قد لا يفهمه غير المعذب بالوجد: يقول: “لماذا نذهب ولماذا لا نذهب، أنا وأنت يا فؤاد، وحدنا هنا في ربع دارس جنوب غربي واد احنينه؟”.

ثم يعلل لخله سؤاله الغريب بقوله:

كانْ اكْعَدْنَ فيهَ ضعنَ== أُ كانْ امْشَيْنَ عنهَ شيْنَ

ما فتْ آنَ وانتَ لثنيْنْ== يـ العكْلْ ابْكَيْنَ واشْكَيْنَ

واتمَثنـَيْنَ فـ الدارْ إليْنْ== من حق الدارْ اتنجَّيْنَ

مبرر واضح لمثل هذه التساؤلات المحرجة؛ فهو يقول “إذا لم نذهب (أي إذا بقينا في الدار) فذلك هو الضياع، وإذا ذهبنا فذلك هو العار خاصة إذا تم ذلك قبل أن نبكي ونشتكي ونتمشى لهوا في جنباتها إلى أن نؤدي ما لها من حق علينا.

تنبيه:

– “أراش”، في الطلعه الأولى، ظاهرة مناخية نادرة تتمثل في رفع المزن أو النوء، إذا كانت أو كان مسطحا تماما وبمساعدة من انكسار الأشعة، لصور ما تحتهما سواء كان قرية أو حيوانا. وقد تـُرى تلك الصور من عشرات الكيلومترات.


نقلا عن موقع التيسير الثقافي

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى