الحاكم العربي شيطان مارد !
الحاكم العربي أو الحاكم الفرد أو الزعيم العربي …لا فرق ، ألقاب تحيلك على أشياء كثيرة أهونها أنه ذلك الشخص الذي يفرض نفسه على الناس ظلما وعدوانا ، هذا ما أتخيله أنا و أمثالي من البسطاء ، و هو حكم يعضده الواقع و يشهد له ،
كنا نعلم علم اليقين أن هذا الحاكم تربطه علاقة وطيدة بالشيطان لكننا لم نكن نعرف أنه هو الشيطان عينه ، مع العلم أنه حاكم فرد/ واحد “والواحد شيطان”
أنا من جيل أكره على الخروج إلى هذه الدنيا في حقبة من تاريخ الأمة لو اطلع عليها الأجنة في بطون الأمهات لاعتصموا في بطونهن وحولوها إلى ميدان تحرير رافضين الخروج والدخول في هذا المعترك … ولدت في خلافة الزعيم معاوية بن الطائع و رأيته في الميدان ممتشقا سيفه في خضم الحرب الشرسة التي خاضها ضد شعبه … غادر ول الطائع الحكم فخلف من بعده خلف جزء منه أو حلت فيهم روحه أو نسخة منها ، لا أدري ، فأنا أومن بأن الروح حين تنتهي مهمتها في الجسد تعود إلى بارئها ، لكن ماذا إذا كان أول جسد صحب هذه الروح ما يزال على قيد الحياة ؟ ألا يمكن أن يتبرع من روحه بما يضمن له أن يعيش حاضرا غائبا ؟ … هنا وأمام هذا اللغز المحير وجدتني مضطرا للبحث في أخبار الأولين و الآخرين عن كائن ثابت متحول قادر على تغيير جسده في كل وقت ليتكيف مع كل الظروف الزمانية و المكانية ، فتذكرت قريشا و بيت الندوة و الشيخ النجدي … و عندها عرفت أنني بدأت أمسك بخيوط الحل ، تمسكت بهذه الفرضية و انبريت أبحث لها عن تصديق أو تكذيب ، فكانت ثورتا تونس ومصر نهاية الشك وفاتحة اليقين .
كانت هنالك شكوك تحوم دائما حول هوية هذا الحاكم عن ما إذا كان مدنيا أم عسكريا ، فكان مدنيا تارة و عسكريا تارات أخر ، يشيخ هذا الحاكم ولا يشيخ ، ويسكت طويلا ويتكلم كثيرا فيصف تقدما هائلا في مجالات كالقضاء على الفقر وكحرية التعبير … فننظر يمنة و يسرة ولا نرى إلا فقرنا ومرضنا و رجل أمن واضعا أصبعه على الزناد ينتظر اللحظة صفر/ لحظة خروجنا منددين بما يجري ، وبعد سنوات طوال من الكبت والإرهاب خرجت الجماهير العربية إلى الميادين العامة تهتف بهتافات مختلفة الألفاظ متحدة المعاني ، حتى إذا التحمت الجماهير ببعضها البعض و اختلطت الأصوات لم يعد بإمكانك تمييز صوت من صوت و لا هتاف من هتاف … تحرق إطارات السيارات فتتصاعد سحب الدخان ، فتخيل ! من أهم وسائل “السحرة ” لطرد الشياطين (الأرواح الشريرة) النار و الدخان و تمتمة و صراخ في بعض الأحيان إذا استعصى الشيطان على الطرد !
يخرج أعوان الحاكم / الشيطان في محاولة مستميتة للذود عنه ممتطين صهوات الخيول متوركين فوق الرحال والأقتاب … بعير يرفس المتظاهرين برجله ، سيارة أمن تدهسهم ، دبابات و مجنزرات تحاصر المكان … لوحة متنافرة ــ جمعت بين القديم و الحديث ــ حين تبتعد عنها وتنظر إليها لن يساورك شك في أن الذي رسم هذه اللوحة هو الفنان الشيطان ، إذ ليس باستطاعة البشر تخيل هذا المشهد ولا تخيل خيمة و ناقة نجيبة تحملان في طائرة خاصة ، وعصابات مجهولة الهويات بعضها له قبعات صفراء تنكل بكل من تسول له نفسه أن يرفع ذكر الله عاليا في وجه الشيطان !
و أمام تعويذات الجماهير تتهاوى قلاع الشيطان فيضطر لتوجيه أهم خطاب يوجهه للشعب طيلة حياته الطويلة ، يوجه إليهم “خطاب فهم ” يتبرأ فيه من أعمال عصابته ( إني بريء منك )
و بعد فإن إرهاب الحاكم العربي واستماتته في الدفاع عن حقه في القتل و الحرق و النهب ، وخوفه من التكبير و التهليل و الهتافات و الدخان … كلها أمور تؤكد أنه شيطان مارد و أنه هو الشيطان الذي بحثنا عن مكمنه واعتقدنا أنه يكمن في التفاصيل ، ولم يبق أمام الشعب العربي ــ وقد وصل إلى نقطة اللاعودة ــ إلا المزيد المزيد من التعويذات و التكبير و التهليل و إطلاق العنان لسحب الدخان ، فالشفرة السرية السحرية اكتشفت و عصر الخوف ولى .
ممو الخراشي