تعقيب على الشيخ المجلسي

قال تعالى: (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يأتينَّكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتي فَمَن اتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ، والذينَ كذَّبوا بِآياتِنا واستكبَرُوا عنها اُولئكَ أصحابُ النارِ هم فيها خالدونَ) صدق الله العظيم

تعقيب على ما كتبه الشيخ محمد سالم المجلسي بتاريخ 15/06/2011 في موضوع الشيخ الإمام محمد البشير صال، في جريدة الحياة بتاريخ 10/06/2011.

نعم إنه رجل من رجال الأمة حفظ القرآن في صغره وأتقن اللغات لنبوغه، العربية والإنجليزية والفرنسية والبولارية والحسانية والولفية، رجل ورث العلم والدين والشجاعة من أجداده وهو ممن يقدر حسبه ونسبه في المجتمع الفولاني الفوتي عامة.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

فبصمات والده المرحوم خراش صال لا تخفى على سكان العاصمة نواكشوط منذ سنة 1962 حتى وفاته سنة 2006 عاش في عالم البناء والأيتام والدعوة والتبليغ، وكانت داره مأوى للفقراء ورجال الدين عامة، كما اشتهر عمه أحمد صال كلدور في الإدارات الدولية من التعليم إلى الداخلية والصحة وغيرها ولا تزال الأمل تذكر ما حسنه وفضله.

وأما جده وهو الأمير أحمد صال قد عين حاكما عاما في عهد الاستعمار الفرنسي، شيف كافتون في شمال نهر السنغال وجنوبها ذلك منذ سنة 1922 حتى توفي سنة 1933 وجدته المسماة فاطمة بنت راشين كان، وهي علامة في الفقه والشريعة ودرست العلوم والشريعة في مدرستها في روصو حتى توفيت سنة 1962 وتركت ذكريات تذكر في العلم والدين، وأما جده من أمه وأبيه هو تيرنو معناه الشيخ راشين كان وهو من زعماء الأمة ومشاهير فوتاتورو ومن أعلم علمائهم، ومن الأولياء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وقد نسب إليه عدة كرامات في أثناء حياته وبعد وفاته.

وقد نشر الدين والعلم في مناطق فوتا ووالويرك ولا يزال يذكر اسمه في حفلات دينية وعلمية في فوتا عامة.

إمامة الشيخ محمد البشير صال

قد عين الشيخ بشير صال إماما في المنطقة التي ولد فيها: مدينه3 هذا يعني أن سيرة حياته لا غبار عليها لا في طفولته ولا في الشباب والمراهقة، ولهذا عين إماما مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أردتم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم”، وقال صلى الله عليه وسلم: “أئمتكم شفعاؤكم”، وأشار الشيخ ابن رشد وقال “إن الإمامة من أرفع مراتب الإسلام فلا يؤم إلا أهل الكمال”.

نعم لقد كمل دينه ونضج علمه فاختاره العلماء إماما راتبا ولم يتجاوز الثلاثين من عمره، إنه لفخر له ولأسرته وأصله، وقال الشاعر:

إن الذي سمك السماء بنا لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

نعم نشأ في بيت العلم والدين مع العراقة بالحسب والنسب ولله الأمر من قبل ومن بعد، ومع هذا كله فنحن لا نبكى عليه بقدر ما نبكي على أوضاعنا ومستقبل بلادنا، موريتانيا الإسلامية ونتساءل إلى أين؟

وقد حاول زعماؤنا جميعا بناء دولة إسلامية موريتانية في هذه الأرض منذ الرئيس المختار ولد داداه إلى الجنرال عبد العزيز، ولكن للأسف الشديد قد نسي هؤلاء الرجال ما يسمى الأساس، فتأسيس الدولة يحتاج أولا الاعتماد على الأساس، ولكل أساس دعائمه وأركانه ولسبب غير معروف بنو هذه الدولة بلا أساس إذن ماذا ننتظر نحن من هذه الدولة سوى السقوط مهما طالت الأيام لا محالة فهي ساقطة رضينا أم كرهنا، بسلام وسلم أو بدمار ودماء لا قدر الله، تلك سنة الله وسنة الحياة، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وهناك مئات الأمثلة، فأقربها إلى التاريخ العراق والصومال والسودان وليبيا وغيرها كثير في تاريخ الدول والشعوب.

وقال العلماء أن الأساس في كل دولة ومجتمع هو العدل لا غيره، “فإن العدل وحده يصنع السلام الدائم أما الشرطة والجيش والقوة والقوانين والسجون والحيل فقد تستطيع أن تفرض لبعض الوقت ولكنها زائلة ثم إلى الجحيم”.

قال العلماء “إن الحق والعدل أزليان وهو الذي يحدد صورة العمليات الاجتماعية والسياسية في الحياة كلها وإليه ترجع الأسباب لكافة التغيرات أو التحولات في فكر الإنسان وسيرة حياته من التقدم والانحدار وكذلك الدول والشعوب.

وعلى هذا يجب على أي دولة ومجتمع أن يعتني في المراعاة الحق والعدل والمساواة بين مواطنيها، وإلا فلا استقرار ولا سلام ولا نجاح ولا تقدم ذلك لأننا نبني ثم نهدم.

ماذا استفاد العراقيون والصوماليون والرومانيون كغيرهم من تلك الجسور والقصور والمصانع، من الصدام، وزياد بري وشاوسيسكو كلها إلى جهنم لا محالة.

وعلى الحكام ورجال الدولة اليقظة وطرد كل أنواع الأنانية والتسلط أو الإهمال في تطبيق القانون وتنفيذه على الجميع، من أنفسهم، ويجب أن يعطي كل ذي حق حقه في وقته دون تأخير، لنتذكر قول المفكر الأوربي والفيلسوف المشهور ديكارت “إن الشعوب قد تخدع وتقهر لبعض الوقت ولا يمكن أن تخدع وتقهر طول الوقت”.

وقال الفيلسوف المشهور أريسطو “إن طلب الخير لا يكفي ما لم يكن هذا الخير عاما ومشتركا شاملا بين جميع المواطنين”، وعلى رئيس الدولة أن يقرب العلماء من ذوي الخبرات الواسعة ثم يستمع إلى إرشاداتهم، لا ممن يلهثون وراء المصالح المادية الخاصة تعرف هؤلاء بسيماهم هم الذين يقولون للرئيس نعم، صح، نعم، صح، ولم يقل أبدا كلمة لا، هؤلاء لا قيمة لهم ولا لعملهم، هم رجال بلا ضمائر ولا أخلاق، لا مكانة لهم في السيادة والقيادة والقرارات، يجب طردهم من مراكز الدولة لأن المراكز الحساسة في الدولة تحتاج إلى رجال عظماء من نبلاء الأمة من ذوي الشهامة والشهادات، وإلا تتضاعف حجم الفساد وتنتشر العنصرية والقبلية ثم تضاءلت الفضائل والذمم ولفق على الأبرياء والشرفاء كل التهم وتعود النزاهة رذيلة والأمانة حماقة والعدل سذاجة، “أيها الزعماء فعودكم إلى العدل خير من التمادي على الباطل”.

“التهم والمحاكم الدولية”

وأما التهمة التي حكم الشيخ الإمام بشير صال من أجله خمس سنوات وهي كما قيل في المحكمة العليا، “أن الشباب من السلفيين يأتون بيته هذا فقط لا غير” ولكن السؤال ما هي العلاقة بين الشيخ بشير صال مع هؤلاء السلفيين، لم نجد جوابا سوى لا شيء والثابت أنهم يدخلون بيته إذن فهو منهم، هذا ما اعتمد عليه فقهاء القانون في المحكمة العليا بنواكشوط؟
قلت نعم لو كنا في فرنسا أو بريطانيا أو سويسرا لكانت تهمة في محل البحث والنقاش ولكن نحن في موريتانيا ثم أننا جميعا موريتانيون لا غير فهل هناك بيت موريتاني لا يدخله الموريتانيون؟ كلا والله لا بل تأكل وتشرب مكرما محترما ولو كان هذا الزائر خمارا حقيرا، ولا أحد يطرده في هذه الأرض وخاصة إذا أظهر الدين والتقوى، وقيل في المثل من خدعنا بالدين خدعنا.

ولكن الإنسان بطبيعته إذا أراد تنفيذ أمر ما يضخم الأمور كما يقول المثل الفولاني: الرجل العاقل إذا أراد أكل عصورة أمام أولاده يضخم شأن العصورة لا لشيء إلا ليأكلها لا غير:

هذا شأن المحققين رجال الأمن ولا أقول القضاة احتراما لهم ولكن كما قال العلماء: “فاقد الشيء لا يعطيه” فالعدل مفقود في الأساس ولهذا وغيره لا نجد أحدا يثق بمحاكمنا وما يصدر عنها، وقال الباحث عن هذه المحاكم ما لقيت بمحكوم فأسأله ما بال حلمك إلا قال مظلوما، وليست كلمة هو قائلها فقط إنما هي الحقيقة.

وأما عن العنصرية:

وهي كما ذكرها العلماء بأنها مرض شيطاني تخص الكفار والمنافقين وأصحاب الكبائر من المسلمين لا غيرهم.
وهي عبارة عن الحقد والحسد وهي نقطة حمراء في قلب الإنسان الشرير ينبثق نتيجة البواعث النفسية والتربوية السيئة أو البيئة الخرافية الشيطانية الفاسدة.

وهناك أرواح شيطانية تسكن جلود البشر ومهمتها هي التخريب والتدمير وتشويه حياة البشرية وعلاقة الأفراد والأمم عامة، فهؤلاء العنصريون بسبب دوافعهم الشريرة الشيطانية وبغرائزهم الوحشية وأمراضهم النفسية يقسمون الناس قسمين:

1 أصدقاء يحالفونهم

2 أعداء يحاربونهم

كل ذلك بحكم طبائعهم الشيطانية الشريرة ولكن في الحقيقة ليس لهم أصدقاء حقيقيون ولا أعداء إنما شيطانهم غرائزهم المائلة إلى الدماء والظلم والإيذاء فقط لا غير.

وفي النهاية يدمرون أنفسهم وأهلهم وأصدقائهم وأعدائهم على السواء فالأمثلة كثيرة من زعيم النازي هيتلر إلى يومنا هذا، اسأل التاريخ.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وشكرا للجميع

أحمد مختار كان

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى