قد يكون هذا من أهم المقالات التي كتبتها , بل وقد أقول انه الأهم فأرجو أن تتحمل أخي قراءته , لأنه يحاول علاج ظاهرة مؤلمة وخطرة تهدد المجتمع العربي . وتهدد مكتسبات الثورات العربية فكم احزن وأنا أرى الشائعات هي التي تحكم تصرفات الكثير من أبنائنا , وتقرر مواقفهم وهذا الخطر يتزايد يوما بعد يوم . وخصوصا مع اقتراب مواعيد هامة في وطننا العربي الكبير, من اختيار لمسئولين وانتخابات وغيرها من الاستحقاقات القادمة سريعا .
و من تابع مسيرتي , يعلم إني كنت دائما أحب النقد البناء والمبنى على حقائق ولكني اكره النقد والانتقاد المبني على شائعة , ومهما كانت قوة هذه الشائعات , أو من تحدث عنها أو تحدث فيها , فيكفينا سنين طويلة كنا نسير فيها بالشائعات .
ومن اخطر الشائعات هي الشائعة التي تفرق ولا تجمع , وتشتت ولا توصل . وتخون الأفراد والدول . فمثل هذه الشائعات تدمر العلاقات بين الأفراد وتدمر العلاقات بين المجتمعات .
ودعوني أبين لإخواني كيف يمكن إن نميز الشائعة من الحقيقة ,
أولا :- الشائعة عادة لا تعرف من هو مطلقها الأول , إذ تخرج فجأة , ودون أن يكون لها مصدر .
ثانيا :- الشائعة يتبناها أفراد لهم توجه واحد , مثلا شائعة يتبناها الليبراليون ضد الإسلاميون , أو الإسلاميون ضد الليبراليون .
ثالثا :- الشائعة تكون مستندة إلى كلام , وليس إلى وثائق أو صور , بل إلى تصريح لفلان وفلان أو فلان , أو مقال في صحيفة أو رأي لأحد الكتاب , ولكن لا توجد وثيقة واحده تثبتها .
رابعا :- الشائعة غالبا ما تكون من نوعية لا تحتاج إلى وثائق أو يصعب الحصول على وثائق تؤيدها أو تنفيها . وعندما تطالب بوثائق سيجيب عليك مطلقوها أو متبنوها كيف يمكن الحصول على وثائق إثبات .
خامسا:- الشائعة تكون موجهة ضد شخص أو هيئة أو جهة أو دولة , وتتحدث بعمومية مخلة , بدون إثبات أو دليل .
سادسا:- أن تكون الشائعة مخالفة للعقل ومنطق الأمور . إذ لو قام الإنسان بتمحيصها لعرف إنها غير منطقية ,
سابعا:- أن يتبنى الشائعة من هو مستفيد منها , أو متضرر من عدم صحتها , فالمستفيد أو المتضرر لا يصلح حكما على صحة أو خطأ هذه الشائعات
ثامنا:- الشائعات تعتمد على التخويف والتخوين , اكثر من اعتمادها على التطميع أو الرجاء , فهي تخوف من جهة وتخون أخرى ,
تاسعا:- تعتمد الكثير من الشائعات على حقائق مبتورة , وحوادث لم تذكر كاملة على طريقة ” ويل للمصلين ” .
عاشرا :- تكون بعض الشائعات مصحوبة بوثائق لا يمكن التثبت من صحتها , او مزورة أو يوجد خطأ في تفسيرها .
حادي عشر :- الشائعات لا تعالج وضعا , لأنها موجهة مع أو ضد إفراد أو هيئات , ولذلك لا تجد شائعة تحاول إن تضع حلا أو تعالج مشكلة , بل بالعكس هي تحاول عرقلة حل لمشكلة .
أي خبر أو تصريح يحمل بعض وليس كل ما ذكرته أعلاه يدخل ضمن الشائعات . الحقائق فقط هي من يجب على الإنسان أن يبني تصرفاته عليه , لا أن يبنيها على شائعات . مهما كان مطلقها أو متبنيها ,
أولا :- نسمعها ولكن لا نتبناها أو ندافع عن صحتها .
ثانيا :- لا نبني تصرف لنا أو موقف بناء على شائعة
ثالثا :- نربط تصرفاتنا بالبديهيات والمنطق , وليس بالشائعة .
رابعا :- نطالب بالأدلة , وليس بالكلام . فلا يهم من قال ماذا , ولكن يهم الدليل .
خامسا :- نبتعد عن الشائعات التي تحاول تخوين الآخرين , أو الشك في ولائهم لبلدهم أو دينهم . فهذه خطوط حمراء لا أظن أن مخلص عمل لبلده يسمح لنفسه حتى بالتفكير في خيانتها .
سادسا :- أن نعدل , وان نتبع قول الله سبحانه وتعالى ” َلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى” . فمهما كنا لا نحب أو لا نتفق مع بعض الأشخاص فلا بد ان نتمسك بالحقيقة , وان لا نسر بالشائعات وننشرها
سابعا :- أن تكون الآية الكريمة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” هي خطة عملنا .
ثامنا :- يذكر التاريخ كم شوهت إشاعات قامت بها أنظمة عربية سمعة ولطخت أسماء وطنية مخلصة , فهذا الملك الصالح السنوسي , وهذا سيد قطب , ورفعت من قيمة أشخاص كانوا سرطان للأمة , وهم كثر اكثر من أن نحصيهم , يجب أن تكون الأدلة والأدلة فقط هي المطلب لنا لتبني رأي والدفاع عنه .
اعلم أن مقالي هذا لن يعجب البعض , ولكن هذا ما أدين الله به