المسؤولية وأخلاقيات الإدارة العامة
الإدارة العام عبارة عن منظمة عامة تابعة للدولة والموظف هو العنصر البشري في الإدارة وهذا الموظف كل أعماله عبارة عن تحقيق حاجات المجتمع والجمهور هم المستفيدون من هذه الحاجات فكلما كان الموظف سلوكه سليما ينعكس ذلك على الدولة والعكس بالعكس.
فالموظف استخدم من قبل سلطة الإدارة كي يقدم خدمات مرافق الدولة ومنافعها الى كل من يطلبها من أفراد المجتمع ، فهو مكلف بمهام محددة ، ومن ثم فهو لا يقدم معروفا أو إحسانا للغير وإنما هو يقوم بجهود يتقاضى أجرا عليها ، فامتيازات السلطة مقرره للصالح العام وليست أداة لاستعباد الأفراد أو إذلال المستفيدين من خدمات الدولة لشعبها.
ولقد تزايد الاهتمام بأخلاقيات العمل الحكومي مؤخرا لعدد من الأسباب
1ـ محاربة الفساد الإداري ورشوة واختلاس الأموال العام واستغلال الوظيفة العامة والمحسوبية
2ـ تزايد الاهتمام الشعبي بقضايا الفساد والمطالبة بمعاقبة مرتكبيها
3ـ تذمر بعض المسيرين نتيجة عدم تعودهم على محاربة الفساد.
4ـ انتشار الفساد الإداري أحد العوائق الرئيسية للتنمية في موريتانيا فى العقود الماضية
5ـ الرقابة الرئاسية غير كافية لمراقبة سلوك الموظف ، مما يوجب أن تدعم بالرقابة الذاتية له من خلال التأكيد على أخلاقيات الإدارة.
- مفهوم المسؤولية الإدارية
ليس من السهل تحديد مفهوم المسؤولية الإدارية بدقة ، لذا سنتناولها من زاويتين
1ـ المسؤولية الإدارية في الشريعة الإسلامية .
الإسلام يفرض على المسلم أن يتقي الله في عمله ،وأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب غيره ، وقبل أن يحاسب .
وأن الإنسان سوف يحاسب عما يرتكبه من تصرف مشين .
وتشمل المسؤولية الإدارية مساءلة الموظف عن خطأ يرتكبه سواء هذا الخطأ موجه ضد الإدارة كشخصيه معنوية أو ضد أصحاب المصالح .
2ـ المسؤولية الإدارية في الفكر الإداري المعاصر
يعني من الناحية القانونية ”تحمل المرء نتائج أعماله“
– وتعني ” تعيين الفرد في وظيفة ما، تفرض عليه التزاما معيناً ليسلك سلوكاً يتفق مع قواعد أخلاقية وقيم حضارية معينة في تنفيذ هذه الوظيفة بالشكل الذي يساهم في تحقيق أهداف المنظمة ”
بذلك تكون المسؤولية التزام مشتق من الوظيفة ، كما أن الوظيفة مشتقة من الأهداف. وحيث يكون هناك رئيس ومرؤوس تكون هناك مسؤولية .
– وصف مارشال ديموك المسؤولية بأنها ” الشعور بواجب أو التزام ، بحيث يتوافق هذا الشعور مع القانون الوضعي والأخلاقي ويكمل كل منهما الأخر .
– يتداخل مفهوم المسؤولية مع مفهوم آخر وهو مفهوم المساءلة (المحاسبة)والذي يرتبط بمفهوم التدرج الهرمي للمسؤولية (او بالمركز القانوني للمسؤولية) ، أما المسؤولية فتتضمن مفاهيم وقيم أخلاقية فردية ذاتية (وكلما تزايدت السلطة تزايدت المسؤولية)
هذا يقودنا إلى نوعين من المسؤولية.
– المسؤولية الموضوعية : وهي محاسبة الموظف المقصر من قبل رؤسائه الإداريين وقدرتهم على فرض عقوبات عليه في حال مخالفته للأوامر (المسائلة ) وهي ذات معايير خارجية تضعها الإدارة .
– المسؤولية الشخصية : أو النفسية وتتصل بالولاء والانتماء ويقظة الضمير من قبل الموظف تجاه واجباته الوظيفية ، وهي ذات معايير داخلية .
ويكمل كل منهما الآخر ،ولكن في حال تعارضهما تعطى الأولوية للمسؤولية الموضوعية .
-المسؤولية الاجتماعية : وتشمل المحاسبة الشعبية (محاسبة المجتمع) لأعمال الإدارة، كما تشمل الدور الذي يتعين إن تقوم به.الدولة أو المنظمة لخدمة المجتمع.
– وفي محاولة ضبط العمل الإداري الحكومي ظهر في البداية الأسلوب التقليدي الذي يركز على تحقيق المسؤولية الموضوعية (بدون الاهتمام بوسائل تحقيق المسؤولية الشخصية )من خلال الإجراءات الرقابية التي تمثلها نظرية س مثل :
ـ وضع السياسات العامة للمنظمة
ـ اللوائح والأنظمة الإدارية
ـ تحديد طرق وأساليب وإجراءات العمل
ـ الإشراف والملاحظة المباشرة
ـ أسس ومعايير دقيقة للأداء الفردي والجماعي
ـ دوافع الإنسان للعمل دوافع خارجية
ـ الرقابة خارجية
الرقابة شكلية سلبية في هذه الحالة
لكن مع التطور الثقافي والاجتماعي أصبحت الوسائل الخارجية غير كافية وظهرت المفاهيم السلوكية في الإدارة والتي تركز على المسؤولية الشخصية متمثلة في نظرية ص والتي من افتراضاتها :
ـ الانسان ايجابي ويحب العمل ويتحمل المسؤولية
ـ الرقابة الداخلية حيث يراقب الموظف نفسه وتصرفاته وسلوكه الوظيفي
من وسائل تحقيق المسؤولية الشخصية ، التربية والتعليم ومناهج الدراسة والتدريب قبل الخدمة والتدريب أثناء الخدمة والقدوة الحسنة من قبل الرؤساء ، والمعاملة الطبية والارشاد والتوجيه وتهيئة المناخ الصحي للعمل وتحقيق طموحاته ورغباته وتنمية قدراته.
عندما تتمكن الادارة من خلق بيئة عمل صحية وسليمة سيساعد ذلك تنمية مشاعر الولاء والحب والانتماء عند الموظف للمنظمة ويزيد احساسه بالمسؤولية ويوقظ ضميره الذي هو أداة الرقابة الذاتية.
وتعتقد المدرسة السلوكية في الادارة ان ضعف أداء الموظف وتفاديه للمسؤولية وبحثه الدائم لتحقيق مصالحه الشخصية ناتج عن :
ـ الأسلوب الإداري الذي تتبعه القيادات الإدارية
ـ تأثير المجتمع بما يحمله من قيم وعادات وتقاليد في تكوين شخصية الموظف وتشكيل سلوكه .
محمد الأمين ولد سيد الأمين
مدير إداري مالي في وزارة شؤون المغرب العربي سابقا.
- بتصرف من وكالة صحفي للأنباء