منمو إنشيري: أعلاف أمل 2012 أفقدتنا الأمل …

اكجوجت – صحفي – في إطار مكونة “بيع علف الحيوانات” من برنامج أمل 2012، والتي تستهدف شريحة عريضة من ساكنة هذه الولاية التي تعتمد في حياتها على التنمية الحيوانية، وحتى المنتجعين الذين قد يفوق تعداد رؤوس مواشيهم تعداد المواشي المحسوبة على هذه الولاية.


وقد بدأت انطلاقة هذه العملية في شهر فبراير الماضي عن طريق ما يعرف باللجنة الفنية المحلية والمكونة من السلطات الإدارية المحلية المدنية والعسكرية وبعض ممثلي المنمين. ونظرا لأن الحصة الشهرية المخصصة لهذه الولاية كانت فقط 260 طن من مادة القمح، فإنها لم تشبع نهم الثروة الحيوانية، مما استدعى من اللجنة اتباع سياسة تقشفية لبيع هذه الكمية حتى تغطي فترة شهر كامل، قبل أن تتم زيادة هذه الحصة لاحقا لتصل إلى 350 طن شهريا من القمح ، بما فيها حصة المواشي المنزلية “تمزه”.

اللجنة المحلية لبيع الأعلاف: ازدواجية المعايير

ستلفت انتباهك حتما تلك الطوابير من الجنسين والتي تأتي تحت جنح الظلام، أمام مقر المندوبية الجهوية لوزارة الزراعة والبيطرة (الصورة 2)، وما تفتأ تتزايد في انتظار حضور اللجنة المشرفة على بيع الأعلاف، محاطة بعناصر أمنية(الصورة 3). وتدعي هذه اللجنة أنها تقوم بتوزيع حصة 100 شخص يوميا، بغض النظر عن تعداد الحضور، بعد أن كان النظام في السابق يقضي بتقسيم الحصة اليومية على المنمين الحاضرين، وهذه الوضعية الجديدة خلقت نوعا من التذمر والامتعاض من لدن هؤلاء المنمين، القادمين من كل فج، والمنتظمين في طوابير، يتم إبلاغهم بكل بساطة، وبعد منتصف اليوم، أن الكمية نفدت وأن عليهم أن يعودوا في المرة القادمة! وبالنسبة لمن حظوا بالدخول إلى اللجنة، إذا لم يكونوا ممن لا يسد أمامهم باب، فإن التعامل معهم يكون انتقائيا، وخاضعا لمعايير كثيرة غير موضوعية من زبونية ومحسوبية، وحتى انتماء سياسي، فكل من هذه المعايير قد يمنح صاحبه كمية إضافية.

السيد: أحمد سالم ولد سيدي أحمد، منمي بمنطقة خط انتمادي، يشكو التلاعب بالتسجيل، والانتقائية، والفوضى في كل مراحل عملية البيع، نفس الشيء أكده المنمون المتطوبرون أمام المندوبية الجهوية لوزارة الزراعة والبيطرة: أميم بنت السالك، ادويدي ولد عبد الله ولد جدين، وغيرهم، أجمعوا على فوضوية التسجيل والتوزيع.

السيد: علي ولد حفظُ (الصورة 4)، نائب رئيس نقابة “أنتر” للزراعة والتنمية، يؤكد، هو الآخر، وجود خروقات لا تتماشى والشفافية التي تدعي الإدارة، ومن أهمها ما لاحظه هذا المنمي المهني من استلام عضو اللجنة وممثل المندوبية الجهوية لوزارة الزراعة والبيطرة لمجموعة من بطاقات التعريف الوطنية من طرف أحد الأعيان والوجهاء التقليديين للمدينة، بهدف تسجيل أصحابها غيابيا! وقبل أيام، يقول نائب رئيس النقابة: استغربت وجود عدد كبير من الطلبيات Bonsبحوزة أحد ممثلي المنمين في هذه اللجنة، يقوم بتسديد قيمتها للخزينة! متعللا بأن بعض المنمين كلفه بتسديدها؟! هذه التصرفات، وغيرها، يخل بعمل هذه اللجنة ويفقدها مصداقيتها لدى المنمين، ولا أدل على ذلك من اعتراض واحتجاج المنمين، من وقت لآخر، لدى السلطات الإدارية على أداء هذه اللجنة.

نفوق المواشي: إن من بدأ المأساة ينهيها

كان الإقبال كبيرا جدا على القمح كعلف حيواني ممتاز، وكغذاء أيضا لكثير من الأسر، فهو إذن مادة مزدوجة الاستخدامات، ولكن دخول “رَكلْ” على الخط، قلب الطاولة على الجميع، بعد نفوق أكثر من 30 من الإبل، وهذا العدد قابل للزيادة بعد تعليف هذه البهم بهذه المادة ذات الصنع المغربي، والمنتجة حديثا، كما يظهر من التاريخ المبين على تعبئتها: (23/04/2012)، وإن كانت نشرة استعمال هذا العلف تشير إلى أنه خاص بالعجول التي تزن حوالي 300 كلغ ! دون أن تحدد الكمية المناسبة لكل وزن، فهل هذا هو سر نفوق هذه الإبل التي لا يصل وزنها عادة 300 كلغ ؟ّ! أم أن الإفراط في زيادة نسبة أحد العناصر المكونة لهذا العلف هو سر الكارثة ؟! أم أن السبب الحقيقي يتمثل في مادة حافظة تمت إضافتها إلى هذا العلف تسببت في سميته ؟! أسئلة لم يحصل المنمون حتى الآن على إجابة عليها من الجهات الرسمية المعنية!

أما عن المتضررين من نفوق الحيوانات جراء تعليفها بمادة “ركل”، فهم يبحثون، أولا، وقبل كل شيء، عن من يسعفها قبل نفوقها: عبد الله ولد الكوري ولد اتوه (الصورة 5)، فقد 4 نوق وبعير من قطيعه، ولم يستطع الحصول، حتى اليوم الإثنين 07/05/2012 على أية مساعدة بيطرية من طرف المندوبية، فهل هذه، يقول: إدارة لمساعدة المنمين أم لتسميم مواشينا التي تعتمد عليها حياتنا ؟

علي ولد عبد المولى، التقيناه وهو يسقي بقية قطيعه، ويشير إلى المصاب منها، والذي يتم إسعافه تقليديا، ولكن دون جدوى، والسبب دائما هو العلف المشؤوم “ركل”.

السيدة: اكلاه بنت نوح (الصورة 7)، صاحبة مشروع ذائع الصيت لبيع لبن الإبل وسط مدينة أكجوجت، أقامته منذ سنة 2005، فكانت تعلف النوق الحلوب، وترسل بقية القطيع لمن يرعاه خارج المدينة، ومازالت كذلك إلى أن حلت بها كارثة علف “ركل” حين اشترته، تقول: في الأسبوع الثاني من شهر مايو الماضي، من المندوبية الجهوية للزراعة والبيطرة، واستلمته من مخازن مفوضية الأمن الغذائي، وما إن علفت به نوقي حتى بدأت ألاحظ أعراض مرض غريب يصيب هذا القطيع تمثل في: انحباس بولها وإصابتها بتورم ورعشة، فقمت بالامتناع عن حلبها وأبلغت السلطات المعنية التي عاينت هذه الحالة ومثيلاتها على مستوى كل من استعمل هذا العلف، حتى أصبحت هناك قناعة في اليوم الأول أن السبب هو مادة “ركل” وليس أي سبب آخر، الشيء الذي سمعت، تقول بنت نوح، أن وزير التنمية الريفية قد نفاه، رغم تأكيده من قبل مسؤولي إدارته على المستوى الجهوي.

وبعد عدة أيام لاحظنا أن كل دابة أصيبت بهذا المرض مصيرها النفوق الحتمي عاجلا أو آجلا، حتى بعد حقنها من طرف مصالح البيطرة بحقن مستوردة من فرنسا بهدف حماية الكبد وخفض نسبة الملح في البول، بناء على فحص عينات من دم هذه البهم تم فحصها في مختبرات في الخارج، ولكن دون جدوى! وقد أخبرني الطبيب البيطري المشرف على هذه العملية أن هناك مادة سامة موجودة في هذا العلف وضعت من أجل حفظه، وهي المسؤولة عن هذا التسمم!

وفي الأخير تقول السيدة: اكلاه بنت نوح، لقد فقدت خلال شهر واحد 12 ناقة من أصل 16 و الأربعة الباقية(الصورة 8)، والتي ترونها في العناية المركزة تحت هذه الخيام التي نصبناها لها نظرا لعجزها عن النهوض، وهي في الواقع ميتة سريريا،(الصورة 9)، لكن الواجب الشرعي يقتضي منا كمسلمين رعاية هذه الحيوانات والرفق بها! وحتى الوضعية الجديدة لبقية هذا القطيع ـ وضعية اللا حياة واللا موت ـ تتطلب منا الكثير من النفقات والجهد والوقت، وما ذكرته عن وضعية قطيعي ينطبق تماما على قطعان زملائي الذين أذكر منهم بالإسم: الشيخ ولد الفاك، الذي لم يسسلم من قطيعه سوى رأسين، محمد حي ولد أب، فقد رأسين من قطيعه، ولد أبييه نفقت له 9 نوق دفعة واحدة، والقائمة تطول، هؤلاء فقط على مستوى المدينة وضواحيها ناهيك عن القرى مثل: تابرنكوت وأغسرمت وغيرها من بوادي هذه الولاية، وحتى اليوم، منتصف شهر يونيو، لم أتلقى أنا وزملائي من المنمين أي تجاوب من الجهات الرسمية إزاء هذه الكارثة التي سببتها هذه الأعلاف التي اشتريناها من هذه الجهات الرسمية، فالمندوب الجهوي طلب مني المحافظة على بقية قطيعي دون أن يعد بأي تسوية أو تعويض، والسلطات الإدارية هي الأخرى لم تعد بأي إصلاح أو تعويض، ونحن كمنمين جهويين قمنا بتسليم طلبات تعويض للسلطات الإدارية، كما قمنا بحملة تحسيسية لإطلاع الجميع على ما لحق بنا، حيث زارتنا الكثير من وسائل الإعلام المستقلة، لكن كل هذا دون جدوى، بعد مضي أكثر من شهر على هذه الكارثة التي ستكلف المنمين الكثير مما لا يستطيعون تعويضه، حيث يبلغ سعر رأس الإبل، بالنسبة لنوق المشاريع 400 ألف أوقية، كسقف أعلى، لتصل إلى 150 ألف أوقية كحد أدنى بالنسبة لبقية الإبل.

في مباني المندوبية الجهوية للزراعة والبيطرة التقينا السيد: محمد ولد اسويدي(الصورة 10)، رئيس مكتب المنمين، والذي تحدث لنا بإسهاب عن طريقة بيع الحصة اليومية من العلف على المنمين، بعد توقيف بيع “ركل”، مشيرا إلى أن هذه الطريقة سليمة، بالنظر إلى الحصة المخصصة للولاية. كما تطرق لنفوق أكثر من 30 رأسا من الإبل، وإصابة أعداد أخرى، إثر تناول علف “ركل” الذي باعته المصالح الجهوية للمنمين، وأضاف ولد اسويدي: لقد كتبنا إلى السلطات الإدارية المحلية باسم المنمين طالبين منهم مساعدتنا في التخفيف من آثار هذه الكارثة، كما طلبنا منهم مساعدتنا في إيجاد حل للتخلص من بعض الكميات التي مازالت موجودة لدى بعض المنمين من هذه المادة الضارة، حيث أن حرقها قد يسبب أضرارا والاحتفاظ بها هو الآخر قد لا يكون حلا، ولكن حتى الآن لم نحصل على أي رد رسمي من طرف هذه السلطات بهذا الشأن. كما وجهنا طلبين إلى شركة ذهب أكجوجت MCMالتي تقوم بنهب خيرات موريتانيا، لمساعدة المنمين في هذه الوضعية الراهنة عبر الدعم المباشر أو عبر مساعدة الدولة للتخفيف من أعباء هذا القطاع، ولم نتلق أي رد حتى اليوم، نفس الشيء ينطبق على شركة تازيازت KINROS TASIASTالتي لم يصلنا منها أيضا أي رد حتى الآن.

وفي تعليقه على ما أوردته بعض المواقع عن اعتصام السيد: آبيه ولد الشيخ يحظيه، أحد منمي هذه الولاية يوم الإثنين الماضي 11/06/2012 أمام القصر الرئاسي صحبة بعض ماشيته، مدعيا أنه يمتلك 400 رأس من الغنم في طريقها إلى النفوق خلا يومين إذا لم يتم إنقاذها! وأن هذا القطاع أولى بالمساعدة من الكرة الحديدية التي تنفق عليها شركة ذهب أكجوجت MCMمبلغ 12 مليون أوقية! قال رئيس مكتب المنمين: إنه لا يعرف هذا المنمي شخصيا ولا يستبعد أن يكون من المنتجعين في هذه الولاية، فلا نتصور أن يقوم بهذه المبادرة دون أن يكون من المنمين، مضيفا أن الماشية التي لا يتم علفها معرضة طبعا للنفوق إثر الأمراض والجفاف، عكس تلك التي يتم علفها.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى