إلى صديقي أحمد ولد الناه.
حينما كنت أخطو خطواتي الأولي في مشواري التعليمي كنت كغيري أحلم بمستقبل مشرق ، أحلم بذلك اليوم الذي أحمل فيه شهادة عليا وأدخل سوق العمل مساهما في بناء مجتمعي ووطني.
حينما نلت شهادة الباكلوريا – شعبة الرياضيات – وتم قبولي في كلية الطب كنت أسعي إلي محو تلك الصورة النمطية عن الطبيب الموريتاني داخل مجتمعنا ورفع المعاناة عن شريحة واسعة من فقراء هذا الشعب الكثر، بدأت دراستي بالكلية مفعما بكثير من الحماس ، أعزي نفسي عن غياب الكراسي داخل بعض الفصول وعدم وجود أي منهج دراسي محدد ندرس من خلاله بأن الكلية فتية وأنها حتما ستتحسن في فترة وجيزة ، أنهينا عامنا الأول وبدأنا عاما آخر كان بكل أسف أسوء من سابقه فإضافة للتراكمات السابقة فتح علينا باب من الصعاب تمثل في غياب التنسيق مع الأساتذة الزائرين لأغلب المواد وعدم توفرنا علي مطعم ومنحة ونقل كانت تتفاقم عاما بعد عام كلما زاد عدد الطلاب وتحولت الوعود التي تطلقها الإدارة بحلها إلي أضغاث أحلام ، لنجد أنفسنا أمام خيار الإضراب بهدف تحقيق مطالب عاجلة لا يمكن أن نستمر بدونها فكان أن دخلنا في إضراب مفتوح استمر زهاء47 يوم ظفرنا من خلاله بإنجازات خلناها ستدخل الكلية في مرحلة جديدة لكن حينما لا تكون هناك إرادة صادقة للنهوض بالكلية من قبل القائمين عليها يتم التراجع عن المكتسبات الطلابية وهو ما حدث بالفعل بعد “انتخاب” مجالس الإدارة علي مقاييس شخص بعينه من أجل استخدام هيئات الكلية في تصفية الحسابات مع الطلاب وهو ما ظهر جليا حينما تم استدعائي و5 من زملائي إلي مجالس التأديب بسبب حملة تنظيف لمباني الكلية ومجموعة من الأنشطة الطوعية كنا ننوي القيام، لتبدأ معها سلسلة من المعاناة النفسية والبدنية حينما أصر العميد علي طردي من الكلية بشكل نهائي لا لشيء سوي أنه لم يعد مرتاحا لوجودي في الكلية!!! ولم تنتهي عندما استدعي الشرطة لوقفة سلمية تندد بقرار طردي وزملائي ليشرف بشكل شخصي علي التنكيل بي حتى أصبت بكسر منحني في ذراعي الأيمن فشلت مصالح الإستشفاء الوطني في محاولات علاجي لأجد نفسي وأمام ضغط الآلام المبرحة التي أصبحت تهدد ذراعي مضطرا لتكبد عناء السفر خارج البلاد في رحلة علاج هي الأخري لا تخلو من مخاطر.. كل هذا لأنني آمنت بكلية الطب المتطورة والحديثة وسعيت رفقة زملائي بنضال سلمي وحضاري من أجل تحقيقها.
هكذا هو لسان حال المناضل البطل أحمد ولد الناه الذي عرفه الجميع داخل الكلية من أساتذة وطلاب بسمو المبادئ وحدة الذكاء والتميز الدراسي والأخلاقي، فبأي حق يفعل يرتكب عميد الكلية بحقه هذه الأفعال وبأي ذنب يتم طرده من كليته ؟؟؟؟؟