إسواني : المدينة السنغالية التي تتحدى التحديث وتحارب التنصير

إسواني : المدينة السنغالية التي تتحدى التحديث وتحارب التنصير

مدينة اسوانى هي المدينة الوحيدة في السنغال التي يعتبر الاستماع فيها لوسائل الاعلام العصرية جريمة تستوجب العقاب بسبب حظرها لوسائل الاتصال من تلفزة وراديو وذلك من اجل التفرغ للعلم والعبادة ، كما تصنف هذه المدينة بانها الوحيدة ايضا التي تجبر النساء على تطبيق الشريعة بشكل صارم ،ما دمن يرغمن على قضاء النهار خلف اسوار “مدينة النساء” ، و يحظر خروجهن في الشوارع لقضاء الضرورات القصوى الا وهن متنقبات ،ومن دون ان يسمح لهن الحديث لغير محارمهن .

كما تحظى مدينة اسوانى من ناحية اخرى بسمعة علمية ودينية خاصة في السنغال ، جعلتها مزارا هاما للطلبة الذين يرغبون في دراسة العلوم الشرعية من مختلف دول غرب افريقيا ، فيما يحضر الى المدينة رؤساء البلاد طلبا “للبركة” وسعيا وراء قضاء الحاجات ،وبقصد توظيف لقائهم بمشايخ المدينة في الدعايات الانتخابية .

تأسيس المدينة :

ولد الشيخ محمد سالم اسوان مؤسسة مدينة اسوان سنة 1899 م في جانابا باقليم كازماس ،وقد تلقى العلم على بعض من اهم العلماء في عصره مثل الشيخ الدرامي في السنغال والشيخ سيديا باب في موريتانيا ، كما التقى الشيخ محمد سالم بكبار العلماء في عصره مثل الشيخ احمدو بمب الخديم والشيخ ابراهيم انياس .

وقد هاجر الشيخ محمد سالم من جانابا سنة 1935 ليستقر في المنطقة التي اسس فيها مدينة اسوانى ، ليقيم بها نموذجه الخاص القائم على تدريس الشريعة وتطبيقها ، وذلك حتى لا يستطيع احد ان يتدخل له في الرؤية والطريقة التي يريد بها تدريس وتطبيق الشرع الاسلامي .

وقد اتخذ الشيخ في البداية من حظيرة كبيرة في المنطقة ـ خصصها لايواء قطيعه ـ مكانا للتدريس خصوصا خلال الليل ،وقد طار صيته في المنطقة ليبدأ الطلبة يتقاطرون عليه ، والذين أصبح الكثير منهم يقرر البقاء معه لخدمته وملازمته ،وهو ما كان سببا في ازدياد الوافدين على المدينة والمقيمين بها .

كيف تدار مدينة اسواني :
تتالف مدينة اسوانى من ثلاث اقسام رئيسية هي : الخلافة العامة ـ مدرسة دارا ـ مدينة النساء ، والتي لكل منها دور مهم في حياة المدينة .

الخلافة العامة : وهي مبنى كبير محاط بسور عال يوجد بداخله محل اقامة الخليفة العام للطريقة الاسوانية التي هي فرع من فروع الطريقة القادرية المنتشرة في الغرب الافريقي ، وقد اصبح التقليد المتبع ان يختار الخليفة من بين اسن ابناء الشيخ محمد سالم مؤسس الطريقة.

ويدعى الخليفة الحالي للطريقة اسوانية الشيخ ابرهيم السواني وهو الذي خلف والده الشيخ محمد سالم في الخلافة .

مدرسة دارا : وهي مكان مخصص لتعليم واقامة الطلبة وهو مكان فسيح محاط هو الآخر باسوار عالية تمثل خلفية للبنايات الموجودة التي تحيط بمساحة المدرسة.
ويتولى الشيخ كرم با اسوني مسؤولية الاشراف على هذه المدرسة التي تتبع لها مجموعة من الفصول منتشرة على مساحة ضعف مساحتها هي ،والتي هي مخصصة لدراسة الاطفال الصغار (الكتاتيب) .

و نتيجة الصيت العالي المنتشر لهذه الدار في تدريس القرآن وعلومه اصبحت محجا رئيسيا لطلاب العلم على مستوى الغرب الافريقي بكامله ، حيث يوجد بهذه المدرسة حاليا طلاب من جنسيات متعددة :سنغاليون وغامبيون وبوركانبيون وسيراليون وغيرهم .
ويعتمد القائمون على “دارا” ـ والذين درسوا في المحاظر الموريتانية ـ نفس المقررات الموجودة في موريتانيا ، حيث يعتمدون على تدريس متون اساسية ، في الفقه مثل الاخضري ـالعشماوي ـ مصباح السراج ـ الرسالة ـ الكفاف ـ مختصر خليل، كما يدرسون بالنسبة للنحو والصرف : الاجرمية ـ طرة بن بونه ـ عقود الجمان ـ طرة محنض باب الديماني ـ لامية الافعال ـ قطر الندى ـ شذور الذهب .

احتفال سنوي :

تقيم مدينة اسواني تظاهرة سنوية كبيرة تخليدا لذكرى الشيخ المؤسس ،وهي تظاهرة يحرص اتباع الطريقة الاسوانية على حضورها من مختلف الدول الافريقية المجاورة مثل غامبيا و بركينا فاسو وموريتانيا فضلا عن جمهور غفير من الاتباع من السنغال عموما ومن منطقة ومدن كازماس على وجه الخصوص .

مشاكل وتحديات :

بسبب الاقبال الكبير والمتواصل على الدراسة في “دارا” ، وبسبب سمعتها العلمية الكبيرة في الدول المجاورة للسنغال ،ونتيجة النظام المجاني والتطوعي الذي تعتمده هذه المدرسة فقد وجد القائمون على التدريس في “دارا” انفسهم امام مجموعة من المشاكل والتحديات أهمها :

ـ ضرورة تطوير المناهج المتبعة في التدريس وتحديثها ليستجيب للتحديات التي تطرحها الاعداد الكبيرة للطلبة (4000 طالب) ،والتي لا تستطيع التجارب المحظرية ( المصممة اصلا للتعامل مع اعداد محدودة للطلبة ) الاستجابة لها ،وذلك باعتماد الفصل بين المستويات وتخصيص مراحل دراسية متباينة .

وفي هذا الاطار اقدم القائمون على مدينة اسوانى على استصلاح مساحة ارضية كبيرة بعدة هيكتارات بعد ان ازاحو ما عليها من اشجار ،وهم يأملون ـ في حالة توفر تمويل من هيئات خيرية او مؤسسات مالية اسلامية ترعى مثل هذا النوع من المبادرات ـ في ان يبنوا فوقهذه المساحة مدرسة متكاملة تضم المراحل الاساسية والاعدادية والثانوية .

ـ نتيجة الاعداد الكبيرة للطلبة المتوافدين ، فقد طرحت على القائمين على “دارا” مشاكل توفير الطعام لهذه الاعداد الكبيرة ،فضلا عن مشاكل ايوائها والتكفل بحاجياتهاالاساسية من الاخرى من ثياب ومأوى ودورات مياه .

ـ يعتبر القائمون على مدينة اسوانى انهم في مواجهة مفتوحة مع تجارب التنصير التي بدأت تكتسح منطقة كزماس مزودة بالمال الذي تقدمه للمحتاجين لجلبهم الى دينها ، ويرى القائمون على “دارا” انهم اذا وجدوا من يمد لهم يد العون بالمساعدة في توفير حاجيات الطلبة وتجديد النظام التعليمي ليتسجيب للتحديات التي يطرحها العدد المتزايد للطلبة فلن يكون للمسيحية مكان في المنطقة .،وهم ياملون في هذا الاطار ان لا تخذلهم المؤسسات الاسلامية في حربهم ضد التنصير .

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى