إنشيري: لقاء الشعب: نسخة أكجوجت
اكجوجت – صحفي –
بعد أسبوع من الاستعدادات والترتيبات، على مستوى المحطة الجهوية لإذاعة أكجوجت، والتي أشرف عليها المدير العام للإذاعة، وعلى غرار لقاء أطار، قامت الإذاعة الوطنية، مشكورة ليلة البارحة باستنساخ التجربة في أكجوجت، فاختارت نفس التوقيت، ونفس الطاقم تقريبا، باختلاف في الأسماء، ونفس السيناريو، ولكن هذه المرة تحت يافطة “تنمية ولاية إنشيري”
تمت استضافة المنتخبين، ورؤساء المصالح الجهوية، و 3 ممثلين عن شركة معادن النحاس MCM، وبعض منظمات المجتمع المدني، تبادل الجميع الأدوار على استيديوهات المحطة الجهوية، بينما تولت الاستيديوهات المركزية استضافة بعض الأطر الجامعيين، والاتصال بعدة محطات جهوية ليتولى ضيوفها التعريف بهذه الولاية. تم غياب أرقم هواتف للاتصال، وكذلك البريد الألكتروني.
كانت البداية رسمية جدا مع اتصال هاتفي مريح مع الوالي لتقديم ولايته، قبل أن تتاح فرصة قصيرة لعمدة البلدية اقتنصها ليحصي ليعدد منجزات مختلف قطاعات الدولة والشركة المعدنية خلال السنوات المنصرمة ليضيفها إلى رصيد البلدية في سباق مع الحملة القابلة، الشيء الذي وقف مقدم البرنامج: محمد عبد الله ولد يب، في وجهه مطالبا العمدة بالحديث أولا عن إماطة الأذى عن طرق المدينة، كدور أساسي من أدوار البلدية!
إذا كان العمدة عابر سبيل، فإن بقية المنتخبين، لا تعرف عنهم هذه الساكنة أي شيء، حتى أسمائهم، فلا يأتون إلا في مناسبات خاصة، وأماكن خاصة، ورغم ذلك فقد أبت هذه المحطة إلا أن تكتشفهم، وما كان من نائب المقاطعة إلا أن اتخذ موقفا واضحا وصريحا، ومقنعا أحيانا، من واقع التنمية في هذه الولاية عانت الكثير جراء استغلال ثرواتها المعدنية، وأبرز هذا النائب الجهود التي ما فتئ يبذلها في سبيل أن تحصل هذه الساكنة على أكثر استفادة من ثرواتها بأقل ضرر بيئي، هذا الموقف كان كفيلا بالتعريف بموقف هذا النائب، ولو عن بعد.
بعد مداخلات الكبار، وما شابها من تجاذبات اعتاد عليها سكان هذه الولاية، بل كانت، ومازالت، هي السبب الرئيس في تخلف هذه الولاية عن ركب التنمية، حتى هذه المحطة المحلية كانت دائما مسرحا لهذه الصراعات السرية حينا والعلنية أحيانا، فرغم كونها شراكة بين الدولة وشركة MCM فهي تدار من طرف ثالث ومن وراء حجاب، وهي مسخرة (بتشديد الخاء) لخوض حملة انتخابية أحيانا، ولتلميع بعض الأوجه أحيانا، أما أن تهتم بشؤون الساكنة فهذا مالا يعنيها، وتقييم سنة من عملها كفيل باستنتاج ما أوردناه.
المسؤولون الجهويون، استطاعت الإذاعة، وهي بذلك تستحق جائزة رمضانية، ولو رمزية، استطاعت أن تأتي بهم من كل فج عميق، حتى ألئك الذين لم نسمع عنهم ولم نرهم، مثل المدير الجهوي للصحة، رأينا هؤلاء المسؤولين يتحدثون بتلعثم عن قطاعات لا يعرفون عنها شيئا، لكن لحسن حظهم أن السائل هو الآخر لا يعلم الكثير عما يسأل عنه، فقط بروتوكوليا هناك أسئلة نموذجية، وإجابات كذلك.
وكان الغائب الأكبر هم المواطنون، أو على الأصح المستيقظ من المواطنين المهتمين بهذه النسخة، فبعد منتصف الليل، يصعب عليك رؤية شخص في شوارع المدينة، إلا من رحم ربك، وقليل ما هم، ورغم ذلك فما إن انتهت هذه الحلقة في الثانية من صباح اليوم الأربعاء، حتى حضرت إلى المحطة مجموعة ممن كانوا ينتظرون في إحدى السيارات المتنقلة دون أن يتم الاتصال بهم، بعد محاولة واحدة من طرف الاستيديو اعتذر عنها المقدم متعللا برداءة الاتصال!! هذه المجموعة، ذي الغالبية العمالية، والتي اعترضت على إقصائها الذي اعتبرته متعمدا من طرف المشرفين على هذا البرنامج، خاصة أنه اتصل ببعض الأشخاص ممن لا يملكون أية صفة، بينما حرموا هم أبناء المدينة الذين قضوا ليلتهم ينتظرون بجانب السيارة ليتم في النهاية إبلاغهم بنهاية البرنامج! الأساتذة أيضا زادوا غضبا على غضب لقاء الشعب في أطار، وكأن لعنة النسيان تلاحقهم.
وقد اعتذرت، حسب السيد: عثمان ولد محمد محمود، إدارة محطة الإذاعة الجهوية عن هذا الإقصاء غير المتعمد، متعهدة بعدم تكرار هذا الخطأ في المستقبل.
هذه مشاكل التنمية أو لا تكون
لن نكون منصفين إذا قلنا أن حوارا على مدار ثلاث ساعات لم يتطرق لمشاكل الولاية، وإن كان العدد الكبير للضيوف، انعكس على الوقت، فقد تطرق المشاركون إلى بعض مشاكل التنمية وإن من زوايا مختلفة، وبتفاوت كبير بين هذه المشاكل واختلاف في أولوياتها وترتيبها الترتيب الصحيح.
وهنا نورد، ما يعتقد البعض أنه أهم المشاكل التي تعاني منها عاصمة هذه الولاية:
1. مشكل مياه الشرب:
تقوم شركة معادن النحاس MCM بضخ المياه من بنشاب (130كلم) إلى الخزان الرئيسي، وهي تتبجح في كل فرصة بتوفير المياه مجانا لساكنة هذه المدينة، لتتولى بعد ذلك الشركة الوطنية للمياه SNDE تسييره وتوزيعه على مشتركيها في المدينة لمدة ساعتان يوميا فقط، وبأسعارها المعتادة، وهنا يطالب المقربون من شركة MCM وعلى رأسهم عمدة بلدية أكجوجت بالتوفير المجاني لهذه المياه، بحكم أن هذه الشركة هي المالكة لها وهي من تولى النفقة عليها، فليس منطقيا أن تتدخل شركة أخرى لبيع مالا تملك، حتى أنها لم تستطع حتى الآن القيام بتجديد شبكة انابيبها، مما يحول دون توزيع المياه في المدينة، إذ أن هذه الشبكة مهترأة فلا تمسك ماءا! هذا رغم أن الشركة الوطنية للمياه SNDE تسدد مبلغ 7 ملايين أوقية سنويا للبلدية لكي تقوم بتعويض المستهلكين الذين لا تتجاوز فواتيرهم مبلغ 4000 أوقية، الذي لا تقوم به هذه البلدية!
إذن مشكل مياه الشرب مطروح بإلحاح: يطالب البعض بمجانيته أو تخفيض تسعيرته، والبعض الآخر يطالب فقط بتوفيره على مدار الساعة، ولكن دون أن تلوح في الأفق بوادر لأي من الحلين.
2. مشكل الكهرباء
ما يقال عن مياه الشرب ينطبق على الكهرباء أيضا، حيث وفرت شركة معادن النحاس MCM مولدا كهربائيا، وتكفلت بصيانته، مقابل توفير الطاقة لساكنة هذه المدينة، فقامت شركة شومك SOMELEC باحتكار هذه الخدمة وبيعها بتسعيرتها المعتادة للمواطنين!! وقد أقامت بعض نساء المدينة، في السنة المنصرمة، اعتصاما أمام الولاية لمدة يومين، بهدف توفير هذه الخدمة بعد أن عانت المدينة من انقطاعها الدائم.
3. الصحة العمومية
رغم مرور أكثر من سنة على تدشين المستشفى الجهوي الذي كلف ترميمه مبلغ، فإنه لم يستطع حتى الآن استقبال عملية جراحية واحدة، حتى ولو كانت الزائدة الدودية، وذلك لنقص في تجهيزات غرفة العمليات ؟!! وبالتالي أصبح يلعب دور أي مستوصف أو مركز صحي عادي.
4. الزراعة المروية
البطحاء التي تقسم مدينة أكجوجت إلى شطرين، تعتبر سلة غذائية لهذه المدينة منذ تأسيسها، بما توفره من خضروات وعلف للمواشي، وإنتاج معتبر للنخيل، حيث تعيش مجموعة من هذه الساكنة على امتهان الزراعة المروية بالمياه المالحة عبر عدة آبار يتم ضخها بالمضخات الكهربائية التي تزودها بها شركة الكهرباء SOMELEC، ولكن ومنذ أكثر من سنة، أصبحت هذه الزراعة تعيش وضعية خطيرة تنذر بالقضاء عليها، إذ لم تعد تتوفر على المياه، رغم تسديد المزارعين لمستحقاتهم، كما يدعون، فتراكم فواتير الكهرباء وتعطل بعض المضخات، وتقادم شبكة الري، كلها أمور تضافرت لتقضي على أحلام هؤلاء المزارعين، وإن كان بعضهم، يرجع المشكلة لأسباب سياسية فيحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية المتواطئة مع مسيري هذه الشبكة على أساس زبونية لا تمت بصلة للمصلحة العامة لهذا القطاع، ولا أدل على ذلك مما تلقته هذه الزراعة من مساعدات من المشروع الأسباني إلى المشروع الإيطالي، ورغم ذلك فقد أصبحت هذه المدينة تستورد تموينها من الخضروات وحتى النعناع من انواكشوط بعد أن كانت تصدر إليه، وأصبحت هناك بطالة في المزارعين وجفاف ملحوظ على طول هذه البطحاء.
5. التنمية الحيوانية
استبشر المنمون خيرا بمكونة بيع علف الحيوان، التابعة لبرنامج أمل 2012، وعلق المنمون آمالا كبيرة على هذا البرنامج الذي سيساعدهم في تكلفة الإنفاق على حيواناتهم في فترة الصيف، على الأقل، ريثما ينقضي هذا الفصل، لكن جاءت الرياح بما لا تشته السفن! حيث قامت مفوضية الأمن الغذائي بالتعاون مع المندوبية الجهوية للزراعة والبيطرة ببيع كميات معتبرة من علف (ركل) الذي تسبب في نفوق الكثير من المواشي، بل كل المواشي التي استعملت هذا العلف والمقدرة بأكثر من 100 ناقة، وهذه، لعمري ثروة طائلة! ورغم ذلك فلم تحرك السلطات ساكنا، اللهم إلا ما يؤكد ويثبت أن سبب النفوق هو هذا العلف، وأن على المنمين التوقف عن إعلاف مواشيهم!!؟ فأين التعويض ؟ أو الإعتذار على الأقل عن ضرر مادي كبير تسببت فيه هذه الأعلاف!! لم يتم أي شيء من هذا.
أكجوجت ـ محمد عبد القادر