ردا على مقال: موريتانيا.. محمية الجنرال عزيز، لكاتبه: أعل ولد أصنيبه
الرئيس محمد ولد عبد العزيز.. كتاب الخير المفتوح
عبر كاتب المقال عن بعض الاستنتاجات والاستقراءات المراوحة مكانها، التي تقود إلى القول بعدم أهلية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وعدم كفاءته للقيام بالمهام الموكلة إليه، بل تجاوز ذلك بتجريحه – منصبا نفسه قاضيا – وتدنيسه، ليصل إلى إدانته بالفساد، ووصفه له بأكبر المفسدين، مستخدما عبارات غير دقيقة على الأقل إن لم تكن غير صحيحة (فالرأي العام الوطني، اليوم بعد اللقاء، أكثر إدراكا، من أي وقت مضى، بحقيقة الرجل ودوافعه الحقيقية التي…)، اللهم إلا إذا كان يعتبر نفسه الرأي العام الوطني، هذا غير مقبول من أستاذ جامعي، يفترض أنه على الأقل يعرف طرق البحث العلمي، هل قام باستبيان؟ حول الرأي العام الوطني وما هي العينات التي اختارها؟ وعلى أي أساس؟
وهل هي ممثلة حقيقية للشعب؟ بمختلف فئاته وولاياته؟ وكيف تم ذلك؟ سواء من حيث القدرة المادية الفيزيائية؟ أو من حيث الموضوعية؟ من توفير الخيارات المفتوحة من حرية التعبير، وعدم المشاركة بدون تمثيل، والتغلب على كافة أشكال الضغط التي يمكن أن تؤثر في آراء العينات، أعتقد أنك لم تأخذ بنظر الاعتبار هذه الأسئلة عندما أطلقت لنفسك العنان معتبرا إياها أكثر نضجا وفهما وإدراكا من الرأي العام الوطني، مرتكبا عن غير قصد أفدح أنواع الغلط حيث تخوض في حقيقة الرجل ودوافعه، متناسيا إن لم تكن تعرف أن الحقائق والدوافع من اختصاص الخالق، وأننا معشر المسلمين إنما نحكم بالظواهر، ولا نحاكم النوايا، ولا نجرم المخالف، ولا ندين بغير دليل، بل ونلتمس العذر بحسن الظن، وندرأ الحدود بالشبهات…
اتفق معك عزيزي الكاتب في الجزء الأول من عبارتك (عن كتاب مفتوح) وأختلف معك في الشطر الثاني الذي لا يمت بصلة لمورثنا الثقافي، والذي يعبر بالإضافة إلى استدلالكم المتوهم عن انطباع الصحافة الفرنسية، عن مدى الاستلاب الحضاري الذي يجتاح بعض الذين أهملنا تحصينهم جراء فساد منظومتنا التربوية والتعليمة في العقود الماضية، اتفق معكم في تشبيه السيد الرئيس بالكتاب المفتوح، لأن الكتاب يرمز للحكمة والمعرفة والفائدة، وكونه مفتوحا يناقض ما ذهبت عزيزي إليه في الفقرة السابقة متجشما عناء سبر دوافعه وحقيقته، في حين هو مفتوح وظاهر، مما يدل على عدم مصداقية دعواكم، ثم إن كونه جنرالا ليس عيبا يرد به على الأقل إن لم يكن مزية في القيادة والريادة، أين ذهب عقلك عزيزي، إنه لا تعمى…
وفيما يتعلق بقولكم ( قام بـ “زرعه” في حديقة…)، فما مدى معرفتك عزيزي بالنبات لتصنف وتؤلف، ربما يكون ابراهيم ولد ابراهيم أدرى بذلك، وعموما فإن القرآن الكريم يؤكد معلومات ابراهيم الدقيقة، والكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها …، وأما الخبيثة فقد اجتثت ما لها من قرار.
وقولكم استطرادا ( فن الممكن…)، ففي هذه الفقرة جميع العبارات التي انتقيت لا تليق بمن يقدم الدروس في فن الممكن إلا إذا كان لا يفهم ما يقول أو يغالط القارئ الكريم، كيف وأنت تتجاوز شخص الرئيس إلى كل أفراد القوات المسلحة واصفا إياهم بالقصور الفكري، وعدم الاستعداد العقلي، معتبرا ذلك نتيجة حتمية للمستوى الدراسي، وهذه لعمرك مغالطة كبرى وتشويه للحقيقة وتجني على الأهل والعشير.
في الفقرات الثلاثة اللاحقة حاولت عزيزي التمهيد لسؤالك الوارد تماما، دون أن تتخلص من تلك العقدة التي تلازم تفكيركم، والتي مفادها أن خطابك لن يكون له معنى ولا حجة ما لم تستشهد ولو من أجل التذكير فقط ببعض ما يعرفه ابن خلدون بهوس تقليد المغلوب للغالب، متناسيا أنه في الوقت الذي يمكن لكل من هب ودب أن يحدث الناس عن أنفسهم، ويصدر أحكامه باسمهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ربما لانشغاله بأدب محطة القطار، فإنه (يمكن لموظف يتقاضى راتبا زهيدا في بلد فقير مثل بلادنا أن يكون ثريا بشكل معتبر)، كيفما كان ذلك كذلك، فإن ذلك يكون كذلك.
ثم في بقية المقال ما قبل فقرتكم الأخيرة، يظهر بشكل جلي مدى المفارقة بين ما ذهبت إليه وما يعيشه الناس كواقع ملموس من الانجازات المفيدة والضرورية لحياتهم اليومية، مما يؤكد عدم تناغمكم مع الواقع المعاش، وضعف قدرة التمييز فيما تعرضتم له في الفقرات السابقة من استنتاجات أو تشبيهات مدعومة باستقراءات خارج السياق إذن.
أخي الكريم، قل غيرها، واستسمحك على استخدام هذا المثل العراقي الأصيل، والذي لم أجد له مماثلا أو بديلا مناسبا لاستخدامه في مثل هذا الموقف.
في فقرتكم الأخيرة (مع أفواج حزب الوئام) تنكرون ما تذهبون إليه، فهل كان الوضع مختلفا عندما كانت المعارضة المحاورة رافضة للحوار؟، بل وأبعد من ذلك واللبيب تكفيه الإشارة، ثم أين ذهبت تلك الفنون الممكنة؟، أم أننا وصلنا مرحلة متقدمة من تباين الأدوار والشبه.
على كل حال أتفهم تماما أن يحتار الخصم، فيغرب ويغرب، يعثر بظله، يفيض غيظه، تنتشر رائحته، أعرف كل ذلك من ثقافتنا العربية الأصيلة، يقول المثل العربي ( امش عدل يحتار عدوك)، وهكذا مشى السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز.