خطاب رئيس الجمهورية أمام قمة المؤتمر الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو…

أيها السادة والسيدات…

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

تنعقد قمتنا اليوم على أرض الكنانة، في مصر،أم الحضارات الإنسانية، والتعايش السلمي النموذجي بين الديانات، و قاعدة الفتح الإسلامي لإفريقيا. يفرض علينا، أيها السادة، خيار المكان، وإرث التاريخ، وتحديات الواقع، أن نضمن الشروط المثلى لنجاح أعمال قمتنا التي يعلق عليها، أكثر من مليار من البشر، آمالا كبيرة في استعادة الدور الحضاري الذي نهضت به الأمة الإسلامية من جاكارتا إلى شنقيط.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات…

لا يخفى عليكم أن العالم الإسلامي يواجه اليوم جملة من التحديات الجسيمة تفرض عليه استجابة ترفع التحدي، وتعيد للمسلمين ثقتهم بأنفسهم، وقدرتهم على الإسهام الفعال في تقدم الحضارة الإنسانية.

يأتي على رأس تلكم التحديات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي تصاعدت وتيرته، وعظم خطره، حتى أصبح حجر عثرة في وجه السلام القائم على حل الدولتين، بفرضه أمرا واقعا يحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويمنع عودة اللاجئين إلى أراضيهم المغتصبة، تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات..

تمثل النزاعات في العالم الإسلامي تحديا آخر علينا مواجهته جميعا من خلال آلية رشيدة لحلها، وتفادي الأزمات التي تنتج عنها أوضاع إنسانية مأساوية، كما هي حال النزاع في شمال مالي الذي مثل حالة فريدة، حيث احتلت جماعات عنف متطرفة مؤلفة من أجانب، جزءً هاما من أراضي دولة مستقلة ذات سيادة. ولولا التدخل الفرنسي-الغرب إفريقي لسيطرت تلك الجماعات على كامل التراب المالي، مهددة بذلك أمن واستقرار الدول المجاورة. لقد مثل هذا التدخل أول مبادرة جادة من طرف المجتمع الدولي لمواجهة شبح الإرهاب، وإنهاء أكثر من عشر سنوات من الخطف، والعنف، وإشاعة الكراهية بين شعوب وأعراق بنت تاريخها المشترك، على مر العصور، وثقافتها الغنية، على التعايش في وئام وسلام.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات..

لقد دفعت الحرب في شمال مالي بعشرات آلاف اللاجئين إلى البلدان المجاورة، وعلى رأسها بلدنا، الذي استقبل أكبر عدد من اللاجئين، أغلبهم من النساء والأطفال، يعانون ظروفا إنسانية صعبة. وقد عملنا جاهدين، رغم قلة الإمكانيات، وانعدام الخبرة في التعامل مع هذه الأعداد الغفيرة، على تأمين الغذاء، والدواء، والمأوى الآمن لجميع اللاجئين الذين تمكنوا من دخول أراضينا، إحساسا منا بمسؤوليتنا التاريخية تجاه إخوتنا في الدين، وجيراننا.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات…

تفرض علينا كثرة النزاعات، والحروب، التي تنتجُ عنها حالات إنسانية مأساوية، تُحمِّل بلداننا منفردة أعباءً لم تكن مستعدة لها، التفكيرَ الجاد في إنشاء منظمة إسلامية متخصصة في غوث اللاجئين تتدخل بشكل فعال لتخفيف معاناتهم، وتقدم المشورة للبلدان التي تستقبلهم.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات…

لقد أصبحت ظاهرة الإسلاموفوبيا مصدر قلق للمسلمين وغيرهم من الذين يدركون أن السلم العالمي، والتقدم الاقتصادي مرهونان بحوار حضارات حقيقي قائم على المثاقفة، واحترام الخصوصيات، وحقوق الأقليات المسلمة، وتجاوز الصورة النمطية، التي يحاول البعض إلصاقها بالإسلام السمح. لقد أسهم بعض أبناء الإسلام، المتدينين بلا فقه، المتحمسين بلا رؤية واضحة للمشروع الإسلامي، في إنتاج تلك الصورة، وتلقَّفها، من غير المسلمين، من اشتهر بعدائه للدين، ليتخذها دليلا على صدام الحضارات، وخطر الإرهاب.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات..

لقد عملت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، منذ استقلالها، على تعزيز التضامن الإسلامي، وتنمية الروابط الثقافية، والاقتصادية بين جميع البلدان الإسلامية، محافظة بذلك على تقليد توارثه الشناقطة على مر العصور، منذ الفتح الإسلامي، فقد ظلت شنقيط المنارة والرباط، منطلقا لإشعاع حضاري حمله تجار الشناقطة إلى إفريقيا في سماحة بيوعهم، وعلو أخلاقهم التي كانت خير دعوة للإسلام. وتزود به حجيجهم علما وورعا يشفي الغليل في علوم اللغة، ويهدي السبيل في علوم الدين.

السيد الرئيس..

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو..

أيها السادة والسيدات..

على تلكم الخطى الرشيدة تسير الجمهورية الإسلامية الموريتانية اليوم، فاتحة أبوابها لأشقائها المسلمين من أجل تعاون مثمر في كافة المجالات، وعلى رأسها المجال الاقتصادي والمالي، الذي عملنا على تشجيع الاستثمار الأجنبي فيه من خلال تبسيط الإجراءات، وتقديم الحوافز، في قطاعات اقتصادية متعددة، ذات إمكانات واعدة، مثل قطاع المعادن، والصيد البحري، والزراعة.

وفي الختام أتمنى لقمتنا النجاح، ولأمتنا مزيدا من التقدم، والتضامن عملا بقوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى