ندوة الإذاعة: انتفاضة محررين.. مدير حاضر.. ومسؤول سام برتبة مترجم..
نظمت إذاعة موريتانيا الليلة ندوة احتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان: “مكانة تحرير الفضاء السمعي البصري في دولة القانون” شارك في عدد من مسؤولي الهيئات الصحفية، ومديرو الفضائيات والإذاعات الخاصة، إضافة لجمهور من الصحفيين الموريتانيين.
الندوة التي بدأت بكلمة للمدير العام للإذاعة محمد الشيخ ولد سيد محمد اعتبر فيها أن الإذاعة بعد تحولها إلى الخدمة العمومية نجحت في إطلاق العديد من الخدمات الخاصة بها، ومنها الأيام المفتوحة والندوات، والتي نظمت الإذاعة عدة نسخ منها خلال الأشهر الماضية.
الأمين العام لوزارة الاتصال الرسول ولد الخال خلال كلمته الافتتاحية
كما تحدث ولد سيد محمد عن التوسع الذي تختص به الإذاعة، سواء في مساحة البث الذي يشمل موريتانيا كلها، أو الإذاعات الفرعية، كإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة الشباب، والإذاعات الجهوية في عواصم الولايات الداخلية.
وعرف افتتاح الندوة كلمة للأمين العام لوزارة الاتصال الرسول ولد الخال.
وكانت بداية الندوة الفعلية مع عروض قدمها الدكتور محمد المختار ولد سيد محمد وهو أستاذ القانون العام في جامعة نواكشوط، والأستاذ أحمد ولد صمب عضو السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، والدكتور الحسين ولد مدو نقيب الصحفيين الموريتانيين، ومحمد المختار ولد محمد الأمين مدير الصحافة المكتوبة بوزارة الاتصال.
“انتفاضة محررين..”
مديرو القنوات الفضائية الخاصة خلال حديثهم الليلة في الندوة
المحررون الصحفيون فرضوا حضورهم خلال الندوة، وكانت “انتفاضتهم” إحدى أبرز محاور الندوة، حيث صاح عدد منهم في وقت واحد؛ “هذه مسرحية، هذه مسرحية، لقد سجلنا أسمائنا مع بداية الندوة وتم استبعادها، لم لا تتركونا تعبر عن أرائنا”.
احتجاجات المحررين دفعت المدير العام للإذاعة للتدخل، كما ساعده عدد من المسؤولين في محاولة احتواء الموقف، قبل أن يتم الاتفاق على السماح لهم بالحديث من خلال منبر الندوة، لعبروا عن آراء المحررين الصحفيين.
أرقاء وأرقاء سابقون
الصحفية بإذاعة موريتانيا ميمونة بنت سيدنا عمر وهي تحمل جائزتها وعلى الواجهةكتيب”حقوق الإنسان”
المتحدثون باسم المحررين الصحفيين وصفوا ما يعانيه المحررون بالاسترقاق الجديد، مؤكدين أن المؤسسات الصحفية تعتمد عليها في إنتاجها وعطائها اليومي، ورغم ذلك يتم التنكر لهذه الجهود، ولا يجدون أي مقابل لجهودهم، كما أن الإدارات تمتنع عن توقيع عقود معهم.
الصحفي مولاي ابحيدة كان أول المتحدثين باسم الصحفيين المحتجين حيث طالب السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية التدخل لرفع الرق عن المحررين، معتبرا أن منبر ندوة الإذاعة كان خالصا لممارسي الاسترقاق على المحررين، وقد سعت الجهات المشرفة على الندوة لمنعهم من الحديث والكشف عن واقعهم.
مديرو الإذاعات الخصوصية خلال مشاركتهم في الندوة الليلة (الأخبار)
الصحفي المتعاون في إذاعة موريتانيا أبو بكر دهماش قال إن وصف المسترقين ينطبق بشكل أكبر على المتعاونين في مؤسسات الإعلام الرسمي، مخاطبا مدير الإذاعة محمد الشيخ ولد سيد محمد بقوله: السيد المدير أنتم تعرفون أن العمل اليومي يعتمد على المتعاونين، وأن العمال الرسميين وكذا المدراء لا يقومون بأي عمل، ومع ذلك لا يمنح هؤلاء أي حقوق، ويستعبدون داخل هذه المؤسسات بشكل بشع.
المحررون الصحفيون تحدثوا عن “أرقاء سابقين” كانوا يعانون من واقع الاسترقاق في المؤسسات العمومية أو الخصوصية، لكنهم تناسوا واقع زملائهم، بل إن بعضهم أصبح من ممارسي الاسترقاق، على حد وصف المحررين الصحفيين المحتجين.
تقاعد الإعلاميين
بعض صحفيي الإذاعة وهم يتابعون الندوة المنعقد بفناء مبنى الإذاعة (الأخبار)
الصحفي عبد المجيد ولد إبراهيم من الصحفيين المحتجين شدد على ضرورة وضع ميثاق شرف يفرض على الصحفيين التقاعد عن سن معينة، معتبرا أنه من غير المعقول أن يسيطر جيل واحد على الصحافة الموريتانية منذ نشأتها وإلى اليوم، معتبرا أن سن ميثاق شرف في هذا المجال يعتبر أكثر من ضروري.
واتهم ولد إبراهيم إدارات المؤسسات العمومية بما وصفه بالتماجن داخل هذه المؤسسات، وممارسة المحاباة في الاكتتاب وفي التعامل مع المتعاونين، مؤكدا أن هذا المجال يشكل مسلكا خصبا للفساد وللممارسات غير الأخلاقية، داعيا إلى فرض يمين قانونية على كل مسؤول سام في الإعلام بعدم التعامل مع متعاونين على أسس غير أخلاقية، ومراقبة هذه الجوانب في المؤسسات العمومية.
مسؤول سام في الترجمة
السفير الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية محمد الأمين ولد علال في قمرة الترجمة في خيام ندوة الإذاعة
إدارة إذاعة موريتانيا نجحت في استقطاب مسؤول سام في الحكومة الموريتانية للعمل في عمل “ثانوي” وفي قمرة داخل خيم الإذاعة التي استضافت الندوة.
فقد حضر الدبلوماسي والناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الموريتانية محمد الأمين ولد علال للقيام بمهمة “دبلوماسية” داخل مباني الإذاعة تتمثل في ترجمة الخطابات الرسمية والمداخلات أثناء الندوة، وكان لافتا أن المسؤول السامي في الحكومة مارس عمله الجديد في الترجمة دون ضجيج، ودون أي استقبال رسمي.
وقد رابط ولد علال داخل قمرة الترجمة حتى نهاية الندوة بعيد منتصف ليل السبت الأحد، في عمل ثانوي للشخصية الدبلوماسية المسؤولة عن الحديث باسم الخارجية الموريتانية داخليا وخارجيا.
مشكلة الأسماء و”حقوق” للعمال
أكثر من ثلثي المقاعد ظل فارغا طيلة الندوة
الصحفي الذي يربط فقرات الندوة بالفرنسية بدى وكما لو أنه يسمع اسم الأمين العام لوزارة الاتصال الرسول ولد الخال لأول مرة، فقد نادى أول الأمر “بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم” قبل أن يعود ويصحح اسم الأمين العام لوزارة الاتصال.
كما شكل اسم مديرة قناة دافا منتان بنت المرابط مشكلة للصحفي المقدم بالعربية، حيث تراوح نداؤه لها بين “منات” و”منتاته” قبل أن يتمكن من تصحيح الإسم عند نهاية مداخلتها ضمن أحاديث مسؤولي القنوات الفضائية الخصوصية الموريتانية.
وقد كرمت إذاعة موريتانيا اثنين من صحفييها على تميزهما خلال الفترة الماضية، وهما المشرف على الندوة باللغة الفرنسية سيري سيد بي، والصحفية ميمونة بنت سيدنا عمر، وكانت الجائزة من ظرف مغلق مصحوب بكتيب صغير عن “حقوق الإنسان”، وقد علق عدد من الحاضرين على أن “حقوق عمال الإذاعة” أولى لديهم من حقوق الإنسان.
المدير العام لإذاعة موريتانيا كان حاضرا في كل التفاصيل أثناء الندوة، حيث مدد الوقت لعدد من الضيوف من خلال إشارات متبادلة بينه وبين الصحفيين المشرفين على الندوة، كما تدخل للحوار مع المحررين المحتجين، ونجح في التوصل معهم لحل، وفضل في الفترة الأخيرة من الندوة الجلوس قريبا من منصة الحديث لمراقبة الوضع عن كثب.
عشرات المقاعد التي جهزت في الخيام المضروبة داخل مباني الإذاعة ظلت فارغة، فيما غادر عدد كبير من الحضور الندوة بمجرد مغادرة الرسميين، وانتهاء المداخلات الأولى.
العديد من الحضور وخصوصا من الصحفيين فضلوا “تنظيم” حوارات جانبية داخل الخيام، واقتصرت متابعة الندوة على الصفيين الأماميين من الحضور.
اتبع منظمو الندوة أسلوبا منهجيا في تنظيم المشاركين في البداية، حيث فتح المجال للمشاركين الرسمين، ثم ممثلو القنوات الفضائية، فالإذاعات الحرة، قبل أن يفتح المجال لممثلي التجمعات الصحفية والصحف والمواقع الإلكترونية، قبل أن ينظم بعد الصحفيين احتجاجات على طريقة ترتيب المتدخلين.
