أنا وأنت؟!؟
ألا أيها المترجل فوق أمعائي، الجاثم فوق صدري، خفف الوطء، إن قدميك الناعمتين تذبحاني، لا تعاند فوجودك دوني من العشر المستحيلات، فعلى من ستضع رجليك العاريتين، ومن سيتقبل وزنك الثقيل غيري، لا تترجل بدون حذاء فقد تعودت دهسي ورفسي، فأنا منذ وضعتني أمي لا أعرف غير رجليك المتلطختين بخبز الجوعي، وترنيماتك على آهات الأرامل والثكلى. من أنت قل لي بربك؟ أأنت نيرون؟ لكن نيرون ربما يكون أرحم منك، نيرون أعلن عنجهيته وتكبره وبسط جبروته وتكبره، لعلك أقرب إلى فرعون، لكنك ما ادعيت ألوهية ولا ذبحت الأطفال لكنك قد تكون ذبحتهم جوعا، ولا شردت وهمشت، لكنك منحت إقطاعات لسدنتك، آه لعلك أخذت منه أنك صاحب إصلاح، فعلى لسانه قال ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، كما أخذت منه مجابهة المصلح بسلاحه “وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ” ولكنك سيدي لست نيرون ولا فرعون ولا غيرهم ممن عاثوا فسادا في الأرض، أو إصلاحا، لكن لعلك أخذت من كل ما يناسبك، ويوافق مقاسك، ويحقق ما تصبو إليه.
لقد اعتدت يا سيدي أن أكون فراش طعامك، وسجادتك الحمراء، كما تعودت أن ارتجف بين أضراسك، وأن أكون حاويتك التي لا تعرف الجمركة، وفمك الذي لا يعرف التوقف عن الدوران، وبطنك التي لا تعرف الشبع، لكن مهلا لقد أدركت أخيرا أن هذه كلها عادات سيئة، آن لي أن أغير من عاداتي، فلن يظل الذئب راعيا للغنم، لا أطمح أن يقف المسحوقين مثلي في وجهك، لكن سأقف لك بالمرصاد، سأنقص عليك عيشك، ولن أبرح حتي ترى أني ومع ضحالتي ورذالتي وقلة حيلتي، في نظرك، لن تستطيع كسري ولا حتى إرضاخي، أنت بي تصنع المعجزات سواء بقيت تحت نعلك أو فوق صدرك، فأنت تجيد اهتبال الفرص وقنص المواقف، هذه المرة لن تعرف وجهتي ولن تحدد موقفي، سأترك لك الاصلاح والرشاد والضمان الاجتماعي، ومحاربة الفقر، وزيارة وعودة الفقراء، أنت كفيل بذلك. سأعصر ذهني إن كان فيه ما يعصر، فلم تترك في جسمي سوى الصديد والبكتيريا والدموع وبعض الدماء المختلطة بمرارة الحنظل، لكن تذكر سيدي أن حنظلة لم يمت، لقد اغتالوه عيانا لكنه بقي فينا عيانا، لن تعرف مني حلوا ولا مزّا، سأتيك في كوابيسك، لن تهنأ بعد اليوم حتي تقول لي من أنت؟ ومن أنا؟ ولماذا أنا وأنت دائما؟ لماذا أنت السيد وأنا المسحوق؟ لماذا لا نكون كلنا أنت فنستريح؟ أو كلنا أنا فنستريح؟ أم أنه لابد من أنا وأنت؟ وهو لا يدري!