“بشمركة موريتانيا” متسولون يتقمصون شخصيات صحافة

الأخبار (النعمة) – استقبلت مدينة النعمة عاصمة الحوض الشرقي خلال الأيام الماضية جيشا جرارا مما يعرف إعلاميا “بالبشمركة” وهو تعبير يطلق على متسولين يتقمصون دور الصحافة ويطاردون المسؤولين الرسميين خلال كل جولة داخلية للرئيس، وحتى في مكاتبهم في العاصمة نواكشوط.

ويتداول السكان في مدينة النعمة العديد من القصص والنوادر عن “جيش البشمركة الجرار”، كما يتحدث أعضاء في هذا الجيش عن تجارب “نجاح” عادت عليهم بمبالغ طائلة، وحالات فشل نجح أحد المسؤولين في التسلل خفية من أعبن المراقبة المنصوبة له في مختلف المواقع التي يرتادها.

وأدت بعض الخلافات بين مجموعة منهم خلال الأيام الماضية إلى كشف النقاب عن بعض القصص الخاصة، خصوصا وأن الخلاف وصل درجة تبادل اللكمات بالأيدي داخل منزل الوزير الأول الموريتاني مولاي ولد محمد الأغظف في مدينة النعمة.

“الأخبار” رصدت بعض القصص والنوادر التي يتداولها السكان في النعمة عن “البشمركة”، كما قبل أحد “مجندي” هذا الجيش الحديث لبعثة “الأخبار” مشددا على ضرورة إخفاء اسمه، حتى لا تتضرر سمعته في صفوف بقية أعضاء الجيش.

ويؤكد هذا “المجند” في حديثه للأخبار أن الزيارة الحالية للرئيس الموريتاني إلى مدينة النعمة أعادت لهم الكثير من الاعتبار، بل وأدت لعودة كبار الناشطين في هذا الجيش، بعد أن كانوا قد عزفوا عن هذا المجال خلال الأعوام الماضية.

ويضيف أن مبالغ معتبرة تم توزيعها على “الجيش البشمركي” من بينها مبلغ 500 ألف أوقية قدمه الوزير الأول لهم ليلة الاثنين، لكن تعدد الحضور داخل “الكتيبة” التي ينشط فيها قلص نصيبه من المبلغ إلى 15 ألف أوقية، معتبرا أن على الوزير الأول أن يعيد الكرة، فهذا المبلغ ضئيل بالنظر إلى حجم الجيش الجرار الذي ينتشر في المدينة هذه الأيام.

وقال المجند الذي تصل تجربته في المجال إلى أكثر من 15 سنة، إن العديد من المسؤولين الحاليين وخصوصا أعضاء الحكومة حاولوا التهرب من ملاحقة “البشمركة” لهم لكن يقظة الأفراد المكلفين بمتابعة المسؤولين أفشلت كل خطط أعضاء الحكومة.
أسلحة متعددة…
وتحدث “البشمركي” عن الأسلحة المعتمدة لدى هذا الجيش، معتبرا أن من آخر هذه الأسلحة فتكا الحديث بصوت مرتفع أمام الرئيس ولد عبد العزيز بخير أو بشر عن أي مسؤول، فيحن يكون تفاعل المسؤول إيجابيا – يقول هذا البشمركي- فإننا نتحدث عن أدواره الإيجابية أمام الرئيس، ونقول إنه بذل الكثير من الجهد، أما إذا لم يكن كذلك فإننا نتهمه بالانحياز إلى المعارضة سرا، ونقول إنه ينفذ أجندتها ويسعى بشكل غير مباشر لإفشال الزيارة، هذا فضلا عن الثناء عليه بشكل مفرط في الصحف أو المواقع أو المدونات التي يديرها هؤلاء، أو التهجم عليه بشكل فج إن كان موقفه الشخصي منهم يقتضي ذلك.

ومن الأسلحة كذلك –يضيف البشمركي – أسلحة خاصة “بكتيبة المواقع الإلكترونية” وهي اللجوء إلى الحديث عن تعديل وزاري كل ما أغضبنا أحد الوزراء، ونجعل اسم هذا الوزير على رأس الساقطين، وقد نعود خلال فترة وجيزة للحديث عنه بشكل إيجابي إن هو تجاوب معنا، معتبرا أن هذا قد يفسر كثرة تناول “كتيبة المواقع” للتعديلات الحكومية دون أن يظهر أي دليل على ذلك.

تصنيفات ونوادر…
يتداول “البشمركة” تصنيفات لطبقات أفراد هذا الجرار، يتبع طريقة الفنادق في التصنيف، وقد يتفوق عليها، فهناك بمشركة 5 نجوم، وقد تزايد الأنجم أو تقل حسب قدرة “المجند” على ابتزاز المسؤولين، وحسب نوعية المسؤولين المكلف بمتابعتهم من قبل “جيشه”.

السكان يتداولون قصصا عن إحدى كتائب هذا الجيش سافرت من العاصمة نواكشوط وحتى النعمة (حوالي 1200 كلم) معتمدة في ذلك على ممارسة “مهمتهم المقدسة”، على أفراد الأمن العاملين في الحواجز الأمنية، فهم يطلبون من كل حاجز أمني أن يبحث لهم عن سيارة تحملهم إلى الحاجز الموالي، وهكذا حتى وصلوا مدينة النعمة أقصى الشرق الموريتاني دون دفع أي مقابل للنقل.

أحد قادة حزب شبابي ناشط في الأغلبية، دفعته متابعته لطريقة كتيبة البشمركة المتابعة لحزبه للتفكير في مراجعة صفته، حيث طالب قيادة الحزب بوضع اسمه ضمن اللائحة التي ستستفيد من بعض المبالغ المالية المخصصة لها، مقنعا قيادته بأنه كان منتسبا لهذا الجيش قبل أن يتولى منصبه في قيادة الحزب.

كما يتداول السكان طرائف من إفلات بعض المسؤولين من الطوق المحكم المضروب على منازلهم أو أمكان إقامتهم، ولجوئهم للبقاء لفترة طويلة خلف الأبواب المغلقة والمحروسة في حال فشلوا في توفير مهرب آمن من الطوق الأمني المحكم المفروض من قبل “جيش البشمركة”.

ويتهم العديد من الصحفيين السلطات بالتغاضي عن الظاهرة؛ بل وتشجيعها في بعض الأحيان، معتبرين أن “تقمص الشخصية” يعاقب بالنسبة لكل الصفات إلا الصحفي، – مضيفا بحسرة – لقد أصبحت محرجا من إعلان صفتي الإعلامية رغم أنني أنفقت زهرة عمري في دراستها، وأحببتها واقتنعت بها قبل أن أتخصص فيها.

وأضاف افترض معي أن شخصا ما تقمص صفة شرطي أو دركي أو قاض أو جندي في الجيش كيف سيكون تصرف السلطات معها، أليس هذه سلطة يعهد لها بدور ريادي في كل المجتمعات الطامحة للرقي، والساعية للتقدم؟، مؤكدا أن أغلب المنتمين لهذا الجيش والمتقمصين لشخصيات الصحافة هم من منتسبي أجهزة الأمن والجيش حاليا أو سابقا، كما أن بعضهم ينصف ضمن الأميين أبجديا بشكل كامل، وهو ما يكشف خطورة الظاهرة، وضررها على الجسم الصحفي، وعلى سمعة “صاحبة الجلالة”.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى