تحديات عدة تواجه وزيرات موريتانيا
نواكشوط (العربية) – تواجه الوزيرات الموريتانيات المعينات في الحكومة الجديدة تحديات وملفات شائكة، يشكك البعض في قدرتهن على النجاح في إدارتها بالنظر إلى ماضيهن السياسي وفشلهن في ملفات سابقة.
وإذا كانت التركة الثقيلة والماضي السياسي يحاصران بعض الوزيرات، فإن أخريات، ولاسيما اللاتي دخلن الحكومة للمرة الأولى، سجلن انطباعاً سيئاً لدى الرأي العام بسبب تصريحاتهن الصادمة وغير الموفقة، مثل وزيرة الرياضة التي صرحت بعد تعيينها أنها لم تتابع مباراة في كرة القدم في حياتها.
وجاء تعيين سبع وزيرات في الحكومة الجديدة مفاجأة كبيرة للمتتبعين بالنظر للظروف والسياق العام الذي تم فيه تشكيل الحكومة، ويبدو أن النظام حاول إرضاء النساء حين فشل في تشكيل حكومة موسعة ولم يوفق في إرضاء بعض الأحزاب والتكتلات الموالية له، كما فشل في إقناع المعارضة بالمشاركة في الحكومة.
لكن الفعاليات النسائية لا ترى في تعيين سبع نساء في الحكومة قراراً مفاجئاً، بل هو نتيجة مستحقة بعد نضال طويل ومشاركة سياسية فاعلة ساهما في ترقية المشاركة السياسية للمرأة ورفع نسبة حضورها في الوظائف الرسمية السامية. وبالتالي فهي ترى أن رفع عدد الوزيرات من 4 في الحكومة المستقيلة إلى 7 من أصل 30 حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة، تطور طبيعي لنضال المرأة الموريتانية التي وصلت إلى مختلف المراكز السياسية؛ حيث شغلت منصب وزير وسفير ومحافظ وأمين عام وزارة ورئيس حزب، كما ترشحت لمنصب رئيس الجمهورية.
تحد جديد
يعتبر المراقبون أن تعيين 7 وزيرات في وزارات صعبة ومليئة بالملفات الحساسة، سلاح ذو حدين، قد يشكل نقطة تحول في اتجاه زيادة عدد المناصب الحكومية المخصصة للمرأة إن أجادت الوزيرات الجديدات عملهن، وقد يؤثر سلباً على فرص وصول النساء لهذا المنصب بهذا العدد في حكومات قادمة إن لم يحالف الحظ الوزيرات في إثبات جدارتهن في الحكومة الحالية.
ويبدو أن الماضي السياسي لبعض الوزيرات بات شبحاً يطاردهن ويؤثر سلباً على ثقة الرأي العام بهن، فأغلب الوزيرات فشلن في الانتخابات النيابية الأخيرة رغم أنهن ترأسن لوائح حزب الاتحاد الحاكم، مما يؤكد أنهن لا يتمتعن بالشعبية والحضور القوي في الوسط السياسي.
أما وزيرة الشباب والرياضة فاطمة فال بنت أصوينع، فقد أثارت جدلاً كبيراً بعد تأكيدها أنها “لم تتابع مباراة رياضية في حياتها” وأنها لا تفقه أي شيء في الرياضة، وأنها بعد تعيينها أصبحت مجبرة على متابعة المباريات الرياضية، حيث أثار هذا التصريح جدلاً بين نشطاء الرياضة والمدونين الموريتانيين الذين اعتبروا أن إسناد حقيبة الشباب والرياضة لشخص بعيد عن الوسط الرياضي ويجهل مشاكل قطاع الرياضة تفريط كبير واستخفاف بالمسؤولية.
أما الناهة بنت مكناس التي تولت حقيبة التجارة والسياحة والصناعة التقليدية، فرغم تجربتها الطويلة في السياسة فلا زالت شعبيتها تعاني من تأثير ملفات لم تفلح في إدارتها إبان توليها حقيبة الخارجية. فبنت مكناس التي تمت إقالتها بعد عامين فقط من تعيينها على رأس الخارجية في سابقة من نوعها في العالم العربي، دفعت ضريبة أخطاء ومواقف محرجة تعرضت لها.
وكشف سبب إقالة الوزيرة من منصبها عن درجة محاباة بعض التنفيذيين في موريتانيا لنظام القذافي، حيث أصدرت الوزارة جوازات دبلوماسية لمسؤولين ليبيين من رجال القذافي، لتسهيل تنقلاتهم حول العالم خلال الأزمة الليبية، أكثر من الجوازات التي أمرت الحكومة باستصدارها للمسؤولين الليبيين، مما دفع البعض إلى الوشاية بها.
إلا أن الإعلام ساق تبريرات كثيرة للإقالة المفاجأة من قبيل أن الوزيرة ارتكبت خطأ “بروتوكوليا” وأنها فشلت في حلحلة قضايا كثيرة تتعلق بالجاليات الموريتانية والشكاوي المتكررة من عدم رعاية مصالحها وفشل الجهود الديبلوماسية الموريتانية للوساطة في ليبيا وساحل العاج.
التغزل بالوزيرة
ومن المواقف المحرجة التي تعرضت لها الوزيرة تغزل أحد المسؤولين السودانيين بها في اجتماع رسمي وبأبيات شعرية. وشكلت الواقعة حديث الشارع الموريتاني، ووصل الأمر إلى حد الافتاء بحرمة سفر الوزيرة بدون محرم، وانتقاد جولاتها المكوكية خارج البلاد وأسفارها الكثيرة.
ورد السودانيون على هذا الهجوم بالقول إن القصيدة خاطبت موريتانيا وأهلها عبر الوزيرة بأسلوب غزلي تقليدي، واستحضرت تاريخ العلاقات بين البلدين والتشابه في التقاليد والعادات، لكن بلغة غزلية هيمنت فيها تعابير الشوق والوجدان.
ورغم أن الدبلوماسية الموريتانية عرفت تطوراً ملحوظاً في فترة تعيين الناهة بنت مكناس على رأس وزارة الخارجية، حيث كان لها الفضل في إقناع عدد من المسؤولين العرب والغربيين بزيارة نواكشوط، إلا أن الانتقادات لم تتوقف واستمر التشكيك في قدرتها على أداء مهام وزير الخارجية حتى تمت إقالتها.