نواكشوط: أني أغرق أني أغرق
من كان يتصور أن المياه قد تقتحم منازل الموريتانيين عليهم,و من كان يتصور أن السيول قد تجتاز العاصمة نواكشوط و تحولها إلى مستنقعات و برك,في ظل وجود الحكومة, و المجموعة الحضرية,و من كان يتصور أن السيول قد تحول مستشفى الأمومة و الطفولة إلى بحيرة,و من كان يتصور أن أول ما سيعترض المأمورية الثانية لرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز, هو عدم وجود صرف صحي يحفظ للموريتانيين سلامتهم و يوقيهم خطورة المياه الجارفة التي تهدد سلامة المواطنين و تهدد منازلهم و تشل حركة المرور بشكل كامل,وتهدد بقاء العاصمة,لا تتوفر العاصمة نواكشوط على أي ضمان صحي,كما لا تتوفر على آليات لجرف المياه أو أنفاق لتمرير السيول,وقد بررت الحكومة أن عدم وجود صرف صحي ناتج عن تكلفته الباهظة.
مياه ملوثة و مستنقعات و برك و منازل تعج بالمياه,هجرها أهلها بعد أن أغمرتهم السيول على هجرها,هذا هو شكل العاصمة نواكشوط هذه الأيام,الحكومة تقف مكتوفة الأيدي أمام السيول تعجز عن وجود حلول لجرف المياه,آلاف المنازل هجرها أهلها,و آلاف المواطنين تحاصرهم السيول إلى حدي الساعة مع أن الحكومة لديها الإمكانيات لإنشاء صرف صحي و لشراء آليات لجرف المياه لكنها لا ترغب في ذلك,وقد تسبب الأمطار الأخيرة,في انتشار الأوساخ و حمى الملاريا و الخفافيش و تعطل حركة السير,و قد حولت الأمطار الأخيرة العاصمة نواكشوط إلى بحيرة.
و قد شاهدنا مؤخرا حملات إعلامية أطلقها شباب موريتانيين تطالب بإنشاء صرف صحي على صفحات المواقع التواصل الاجتماعية لكن الكتابة و التدوين على صفحات فيس بوك لا تغير من الواقع المرير و المشين و الهش الذي نعيشه,نحن و للأسف الشديد نتنفس الأمراض نتنفس الهوا المتلوث و نستخدم الأغذية المنتهية الصلاحية نحن و للأسف الشديد نعيش في زمن ليس بزماننا نعيش في مزق و آلام مستمرة و جوع و عطش,غدائنا ملوث بالخفافيش و الأوساخ و منازلنا حاصرتها المياه بالكامل,و الطريق المؤيدة إليها أيضا فأين الملجأ,عاصمتنا اسم فقط,لو أن الشباب الذين اخترعوا فكرة ” كافي” جادون في ما يقولون لنزلوا إلى الشارع و بدءوا بأنفسهم بتنظيف الشوارع و إزاحة الأحجار و الأذى عن الطريق لكن شباب الموريتاني ينقصه تطبيق الأفكار و الجدية في القول و الوعي و التخلي عن انتماءات الفكرية و السياسية لصالح البلد,صحيح هذا دور الحكومة و عليها القيام به,لكن علينا أن لا نسى أن هذه ليست هي أول حكومة موريتانية و أن هذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها الشعب الموريتاني بإنشاء صرف صحي و ليست المرة الأولى التي تغمروا فيها السيول العاصمة,و علينا أن ندرك أن الكتابة و التدوين و الظهور إعلاميا لا يحل المشاكل و لا يزيح المياه و لأوساخ و لا يشفي من داء,لنطبق ما نكتب و لنبدأ من الآن ليست الكتابة و التهجم و الشتم يحل محل الإصلاح نحن نعرف عيوبنا و مشاكل لن يحلها إلى نحن,لكن ما دمنا متكبرين على نزول لشارع و إزاحة المستنقعات و البرك التي خلفتها الأمطار لن نتقدم لو بميل لنساعد أنفسنا و لنقف على أقدامنا فالمدن المزينة التي نشاهد في العالم صنعها شباب مثلنا رغم وجود الحكومة,من مستعد معي لنزول إلى الشارع و تنظيفه و إعادة الحياة له بدون انتظار إشارة من المجموعة الحضرية,لماذا دائما الشباب الموريتاني يتحدث كثيرا و يفعل قليلا و يكتب ما ليس له بصلة,و لماذا الشباب الموريتاني نشط في السياسة و بطيء في خدمة بلده,لماذا الشباب الموريتاني شاطر في تظاهر ضد الحكومة و المطالبة بالرحيل و لا يتظاهر لإنشاء صرف صحي أو بنية تحية.
لنفترض أن الحكومة عاجزة عن إزاحة الأوساخ و جرف السيول التي خلفتها الأمطار و إنقاذ حياة المواطنين الذين تحاصرهم المياه في جوانب العاصمة,و شباب الموريتاني متكبر على النزول لشارع و إماطة الأذى عن الطريق,فلماذا لا تقوم أحدى المنظمات الرائدة و التنموية في البلد بالتبرع للحكومة بتكاليف إنشاء صرف صحي,أو أحد رجال الأعمال الموريتانيين الغيورين على وطنهم.
لا يمكن مقارنة العاصمة نواكشوط بالعواصم الأخرى,لان شكل العاصمة نواكشوط يحي إلى أنها بنيت قبل الميلاد,و بدون أي دراسات,أما العواصم العصرية فتغمرها السيول و لا يؤثر ذلك على المواطنين,مع العلم أن موقع العاصمة مهدد بامتداد بالبحر, نواكشوط يصرخ أنقذوني أنقذوني أني أغرق أني أغرق.
من يعيش في العاصمة نواكشوط معرض للإصابة بأنواع الأمراض الفتاكة و الخطيرة و ذلك ناتج عن عدم وجود هيئة لمراقبة الأدوية و انتشار المستنقعات و المياه الملوثة في العاصمة,و انتشار الأوساخ المشروبات المنتهية الصلاحية و الأدوية المنتهية الصلاحية و الأغذية المنتهية الصلاحية و غياب هيئة لمراقبة الأغذية, لا تستغرب قد تموت نتيجة السيول التي تحاصر العاصمة,لا تستغرب قد تموت نتيجة المشروبات الغازية المنتهية الصلاحية التي يتم بيعها على مرأى و مسمع لا استغرب قد تموت نتيجة إهمال الحكومة لواجبها, لا تستغرب قد تغرق نتيجة مجاملة أنصار الحكم, لا تستغرب قد تصاب بالشلل نتيجة المياه الملوثة التي تحاصر منزلك,لا تستغرب قد تأتي إلى المستشفى فتجد المياه تلعب فيه نتيجة إهمال قطاع الصحة,لا تستغرب أن تصاب بالحمى أو بأي مرض فلا تجد طبيب في العناية,لا تستغرب قد تأتي للمستشفى الوطني و أنت على مشارف الموت فتجد الطبيب مشغول في مغازلة زملاته و تناول الشاي,لا تستغرب لن تلتقي العلاج إلا إذا دفعت تكلفة العلاج أولا و إن كنت في حالة خطيرة فالحكومة لا تعالج مرضاها بالمجان.