ردا على مصطفى سيدى مولود : منتجعوا تيرس هم من أهلها
طالعت بإمعان مقال السيد المصطفى سيدي مولود المنشور بأحد المواقع الالكترونية الوطنية تحت عنوان :” مسلسل انتهاكات حقوق الإنسان يتواصل بتندوف ” والذي تناول فيه قضية إنسانية وحقوقية تتعلق بموضوع اختطاف السيد امربيه احمد محمود آد ، ورغم أن المقال تضمن حقائق حول دلالات عمليات الاختطاف والسجن التي تعرض ويتعرض لها بعض ساكنة مخيمات اللاجئين بتندوف والتي أوضح السيد مولود ملابساتها والسياقات التي تتم فيها وهو الخبير المعايش لهذه الأحداث.
غير أن ما يؤخذ على المقال في نظري هو تلك النظرة الإقصائية لإحدى مكونات ساكنة منطقة الصحراء والتي تجلت في عبارتين دالتين في النص هما : أن المعنى في المقال (امربيه) من أصول موريتانية، وان عائلته كانت تنتجع منطقة تيرس أي أنها تفد إليها وقت الانتجاع فقط ، وبما أن الكاتب صحراوي المولد والنشأة فقد كان حريا به أن يكون على اطلاع بتاريخ المنطقة وساكنتها مما يجنبه الوقوع في مثل هذا النوع من الأخطاء التي إن كانت عن جهل وغير قصد فهي مصيبة وان كانت عن قصد وسابق معرفة فالمصيبة أعظم . غير انه ولتعم الفائدة وجب تقديم التوضيحات التالية حول القبيلة المعنية وذلك وفق سياقات أربع وهي :
1)- السياق التاريخي: يرجع تواجد قبيلة أهل بارك الله بمنطقة تيرس إلى بداية تشكيل المجتمع الحساني ( البيظاني) الحالي ، يشهد على ذلك تعميرهم لهذه المنطقة من الصحراء بحفر آبارها وزراعة وديانها (لكرار) وحضورهم الطاغي في مدافنها وأضرحتها وتخليدهم لمضاربها ومآثرها شعرا ونثرا .
2)- السياق الجغرافي : قسمت الحدود الموروثة عن الاستعمار مضارب ومساكن هذه القبيلة كغيرها من القبائل والمجموعات الحدودية عامة والقبائل المجاورة لها خاصة إلى شطرين جزء بالقطر الموريتاني وجزء بمنطقة تيرس (إقليم اوسرد) وكل متشبث بوطنه ويغني على ليلاه، وتجدر الإشارة إلى أن الإحصاء الاسباني لسنة 1974 قد شمل أكثر من 1800 شخص من هذه القبيلة في منطقة الصحراء.
3)- السياق العلمي والروحي: كغيرها من القبائل الزاوية بمنطقة الصحراء شكلت هذه القبيلة ركنا أساسيا من أركان المجتمع الصحراوي حيث أسست أول مدرسة (محضره) لتعليم أصول الدين وعلوم اللغة العربية في منطقة تيرس قبل 300 سنة على يد الشيخ سيدي عبد الله بن الفاضل و واصلت منذ ذلك التاريخ عطاءها العلمي والروحي عبر علماء أجلاء عديدون لا تزال أضرحتهم ومزاراتهم بمنطقة تيرس (إقليم اوسرد) شواهد إثبات على أن نهضة علمية وروحية قد عرفتها تلك الربوع النائية ذات المناخ القاسي، ونذكر من هؤلاء العلماء على سبيل المثال لا الحصر :
– الشيخ محمد المامي (عزري ايك )- اسحاق بن الفاضل (عزري اوسرد)- مولود بن بارك الله (دفين زوك) – المداح ولد بارك الله (دفين اتويرك) – البخاري بن الفيلالي (دفين جلوا) – عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي (دفين ارش اعمر)- محمد بن سيدي عبد الله (دفين معطى الله) – الحاج بن مسكة (دفين دومس) – حمى الله (دفين تشلا ) حيبللا بن المامون وأحمد محمود بن محنض أحمد ( دفينا بئر تشانيت ) …… الخ.
4)- سياق النزاع في الصحراء : لقد كان لقرار التقسيم لسنة 1975 وظروف انسحاب موريتانيا وانعكاسات الحرب وما رافقتها من تجاوزات أضف إلى ذلك بعد المنطقة من الحواضر الكبرى للصحراء و قسوة مناخها وندرة الماء بها كلها عوامل أدت إلى هجرة ساكنة هذا الجزء من الوطن وتشتتهم في الدول المجاورة ابتداء من سنة 1976 إلى آن خلت المنطقة تماما من سكانها بحلول منتصف سنة 1979 ، وقد كانت مدن مثل اوسرد و تشلا و أريافهما عند استرجاعها سنة 1979 خاليـــة مـــن ساكنتــها تمامـــا ، والســـؤال الــذي كان يجـب أن يطـرح وما زال هو: أين ذهبت ساكنة هــذه المـدن والبــوادي ؟
وبناء عليه وتأسيسا على ماسبق يتبين أن منتجعي تيرس المشار إليهم في مقال السيد المصطفى سيدي مولود هم من أهلها.
البخاري محمد مؤمل