من هم الرهائن غداً..؟
“العدل أساس الملك”
كثيرا ما اعتقدت أن العقد الحالي هو عقد التحولات الكبرى لمجتمعنا على جميع المستويات؛ السياسية والاجتماعية والثقافية، وسوف لن أخوض في أسباب ذلك كثيرا لأنها بادية للعيان بدءا بتطورات محلية مهمة، وأخرى عالمية خطيرة.
ويمكن بسهولة ملاحظة حجم التغيرات التي نشهدها، وهي تطورات في مجملها تعكس إرادة هذا الشعب في حياة كريمة، ملؤها التسامح والعدل والحرية.
إن الطريقة التي أصبحت الجماهير الموريتانية تطرح بها مطالبها جديرة بالفحص والمتابعة سواء كانت مطالب سياسية أو اجتماعية، وسواء كان المطالبون بها عمالا يريدون نيل حقوقهم أم عاطلين يريدون العمل، مستعبدون وأرقاء سابقون يطمحون لتجسيد الحرية والكرامة، مهمشون على رصيف المجتمع التقليدي.
إنها طرق حضارية محترمة جدا، سلمية تنظر للمستقبل بعيون واعدة لبناء مستقبل خال من الانتقام والحقد، تؤمن بالتدرج، لكنها لا تقبل التجاهل.
وفي المقابل، يبدو أن السلطة الحاكمة لا تعير الموضوع كبير اهتمام، وتقف عاجزة عن فهم وقراءة هذه التحولات، فتلجأ إلى سياسة التجاهل أو التصامم عنها أو التسويف، وفي بعض الأحيان إلى القمع لثني حاملي هذه المطالب عن التعبير عنها!!
وآخر أمثلة لسلوك السلطة الغريب، والذي لا ينطوي على أي مسئولية هو المحاكمة السياسية للحقوقيين في روصو، وقمع الوقفة السلمية أمام وزارة العدل (على غير العادة) التي نظمها ميثاق حقوق لحراطين، وقبلها قمع تجمع “أنا علمي” المطالبين بحقهم في العمل، وقبل ذلك تجاهل مسيرة عمال الأمن القادمة من ازويرات للاحتجاج على ظلمها.
وقد كشفت عملية احتجاز حرسيين بالسجن المدني بنواكشوط من طرف مساجين سلفيين مهددين بقتلهم إذا لم يتم الإفراج عن أربعة من زملائهم المنتهية فترة محكوميتهم، كشفت عن منحى خطير في طريقة تعامل السلطة مع هذا الأسلوب العنيف في طرح المطالب، فقد حققت مطالب المجموعة السلفية بعيد ساعات من الأزمة، ولكن بقي الكثير من الأسئلة بعد انقشاع غبار المعركة:
ما مصير السجناء الآخرين المحبوسين تحكميا أو المنتهية فترة محكوميتهم؟
هل عليهم أن يلجأوا لنفس أسلوب الجماعة السلفية لكي ينالوا حريتهم؟
إذا كانت السلطة تعاقب المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم بالقمع والتعذيب دون إنذار أو محاكمة، وتفرج عن مدانين في قضايا إرهاب استخدموا ضدها العنف قبل وبعد انقضاء الأحكام الصادرة في حقهم، وتطلق سراحهم دون متابعة جنائية لما قاموا به في السجن!!
فماذا يعني ذلك؟
هل الاحتجاج السلمي حرام على هؤلاء، والتهديد باستخدام العنف حلال على أولئك؟
أم أن السلطة لا ترضخ إلا لمنطق العنف، وتعرض عن صوت الحق الهادئ؟
إن اللحظة الراهنة مفترق طرق تاريخي لأصحاب المطالب ـ من غير الجماعات المدنية المنظمة ـ لتختار بين سلوك الطريق السريع إلى تلبية المطالب “المشروعة” وبين الثبات على المطالب رغم التجاهل والتصامم وحتى القمع ومحاولة الثني عنها..!!
فهل سنرى في قابل الأيام عمالا تأخرت أجورهم وهم يحتجزون مديرهم؟
أم سنجد موظفا تم تحويله بشكل تعسفي وهو يختطف عائلة وزير ؟!!
سيد ولد محمد الامين
25 يناير 2015