بيظان الهامش / الشّيخ ولد مزيد
لا يزيدُ المواطنون في غامبيا على تسمية البيظاني بسوله التي تعني القرد، إمعانا منهم في التهكم والسخرية من “أبناء المرابطين” البيظان البيظان، وفق آخر الماركات.
إن أبناء المرابطين الذين يرون، من أنفسهم، أنه “لولاهــم ما خلقت شمس ولا قمر…” لا يعدون، وفق نظرية النشوء والارتقاء الغامبية، أن يكونوا قردة. أما في غينيا بساو فيعرف البيظاني من حيث هو بـ”نار كابرا”، أي بيظاني الغنم، وهو ما قد يجد تفسيرا في أن الدفعات الاوائل من الموريتانيين التي وصلت هناك كانت تمارس تجارة الغنم، وقد مثلت غينيا بساو وجهة للتجار الموريتانيين في مرحلة هامة من التاريخ الكوني، ففي روايته:
الأسماء المتغيرة، يرصد الشاعر والروائي الموريتاني احمدو ولد عبد القادر جوانب من حياة التجار الموريتانيين بغينيا بساو خلال موجة الجفاف التي تسببت فيها الحربان العالميتان، وقد مثلت تجارة الأغنام البديل عن تجارة العلك التي غدت كاسدة بفعل الحربين العالميتين. وفي السنغال يميز الولف بين نوعين من البيظان هما نار بيروت ( اللبنانيون) ونار كنار (الموريتانيون). أمّا عن تفسير تسمية البيظان بــ”نار”، فيعتقد أحمد بن الأمين الشنقيطي، في كتابه الوسيط، أن التسمية جاءت في أعقاب حرب بين البيظان والزنوج، أستخدم فيه البيظانُ النّار لحرق أخصاص الزنوج، وهو تفسير لا تخفى صبغته الأسطورية، كما لا يجد ما يعضده تاريخيا إذ يعتقد أهم المؤرخين والسوسيولوجيين عبد الودود ولد الشّيخ أنه لم تقم حرب بين البيظان والزنوج خلال التاريخ الموريتاني. لذلك فإن نظرية “البيظان البيض”، المصنعة موريتانياً لا تستقيمُ لأنّ الموريتانيين البيظان لم يكونوا أبداً بيضاً خالصين، وحتى لو كانوا عربا، فإن لون العرب السمرة: “أنا مسكين لمن يعرفني ….. لوني السمر ألوان العرب” . وفضلا عن ذلك فإن هذا جدل عقيم وخال من روح العقل، ونازية وفاشية وشوفينية متأخرة، فاللون لم يكن أبداً مِعياراً للتّمايز بين البشر، فلا يوجد بيظان بيض و آخرون سمر، لكن يوجد بيظان هامش وبيظان مركز، فبيظان المركز هم القلة القليلة (قبّحها الله) المستولية على مقدرات البلد وعلى ثالوث السلطة، الثّروة والمكانة الاجتماعية، أمّا بيظان الهامش فهم أنا و أولائك الذين يستآزرون مع كل الألوان والفئات الإجتماعية المضطهدة. وكما أنّه لا يوجد بيظان بيض فلا توجد دولة، فالدولة ليست إلا أداةً يَستخدِمُها مُلاك وسائل الإنتاج الأروستقراطيون لحماية مصالحهم، ولذلك لن تكون الدولة أبداً وسيلة للعدل والمساواة، مالم يحدثْ إنقلابٌ جَذري في سّلم التراتب المجتمعي البائس، تكون الأولية فيه لنا نحنُ المُهمشين والمهشّمين.