هل بدأ النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة ؟
كيفه – قراءتي المتواضعة والتي أرجو أن يعالج المعنيون مبرراتها حتى لا تتحقق تقودني إلى أن أقول بكل ثقة أن النظام على وشك الانهيار أو في طريقه إلى الزوال أو أنه يعيش آخر رمق في حياته إن لم يكن أخذ يلفظ أنفاسه الأخيرة بالفعل -لا قدر الله- وذلك لأسباب كثيرة منها:
1 الفضائح – بغض النظر عن حقيقة حصولها أو عدمه – التي انتشرت بالصوت والصورة في الآونة الأخيرة والتي استهدفت رأس النظام وشخص الرئيس بالذات.
إن الهدف الواضح لعمليات تسريب هذه الفضائح هو التهوين من شخص الرئيس في أعين المواطنين البسطاء والحط من قدره عندهم إلى درجة تصويره على شكل شخص خادع ومراوغ بذيء يصارع الضعفاء على مصادر قوتهم.. وإلا فما دلالة تصوير سيارة لمفوضية الأمن الغذائي وهي تنزل مئونة تافهة أمام منزل الرئيس وتحت عيون حراسه وهو المحمول النفقة؟.
إنها مؤامرة كبيرة لا يمكن أن تتم إلا بتعاون تام بين أطراف كان يفترض أن تتولى إحباطها بدل الترتيب لها، إن مصدر تسريب تلك الصور مشابه تماما لمصدر تسريب صور القوات الجوية (زيارة غزواني لولد احريطانى، سقوط طائرة البخاري ولد محمد أحمد رحمه الله…) إن المحيط الضيق للرئيس بدا ينشر “غسيل” القصر هل تبرما منه أو ضغطا عليه أو “تثويرا” عليه؟ قطعا ثمة أمر مريب يتحتم البحث عنه.
2 تزايد الشكاوى من مقربين من الرئيس سواء كان أصحابها محقين أو غير محقين، المهم في الأمر أن الناس امتلأت أسماعها من الشكوى من أفعال مجرمة قانونيا يدعي أصحابها أن مقربين جدا من الرئيس هم من فعلوها، صورت هذه الحوادث أولا على أنها طيش ونزوات شباب لكن وتيرتها تضاعفت إلى أن أصبحت دروسا تلقن أعداء النظام حب النظام.
إن الحديث المستفيض عن غبن يمارسه مقربون للرئيس ومضايقات كثيرة في كافة الميادين: التعيينات، الصفقات، التمثيل… ناهيك عن موائد القمار… هذا الحديث حشر الرئيس في زاوية ضيقة هو وذوي قرابته بصورة جعلته شخصا غير جدير بالاحترام في أعين العامة. إن مثل هذه الحال هو دائما بداية الطريق أمام التخلص من أي نظام مهما كانت قوته: الحفر حول جذع شجرته حتى تنقطع مما حولها ليسهل اجتثاثها في أية لحظة.
إن النتيجة الحتمية لهذه الوضعية هي تصوير محيط الرئيس على أنه أصل الداء ومصدر العلة سواء كان ذلك حاصل فعلا أم لا وبالتالى العمل على استئصاله مما يترتب عليه حدوث شرخ بين الرئيس وأقرب مقربيه يسهل تماما الانقضاض عليه في أي وقت.
3 الضربات التي بدأ بعض المقربين من الرئيس في تلقيها: بدأت هذه الضربات تصل هؤلاء المقربين من الرئيس نفسه على شكل دروس تنتهي عادة نهايات حميدة: تولي البنك المركزي قضاء ديون ولد بوعماتو، تأبيد رئاسة الشيوخ لمحسن، إسناد منصب الوزير الأمين العام للحكومة لمولاي ولد محمد لقظف، إسناد وزارة الاقتصاد لولد الرايس… على خلاف خلافات حصلت مع غيرهم ذهبت ببعضهم إلى صفوف أخرى.. ولكن هذه الضربات أخيرا يبدو أنها قد تسير مسارات مؤلمة حين تفرض المالية ضرائبها على مقربين من الرئيس وكذلك حين تطبق وزارة الصحة قوانينها على مقرب ثان.
إن وزيري القطاعين المعنيين يعتبران من ألصق الوزراء بالرئيس وإن ما قاما به لا يخرج عن أحد احتمالين : إما أنهما أنسا من الرئيس ضعفا استغلاه في ضرب أقرب الناس إليه وهذا الآن مستبعد جدا، أو أنهما تلقيا منه أوامر بهذا الصدد مما يعني أن الحبل على الجرار وأن بقية الوزراء سوف يتلقون منه أوامر مماثلة ستفصح الأيام القريبة عن ماهيتها ومداها خاصة أن صفحات بعض الصحف الموالية قبل المعارضة أصبحت مليئة بوثائق تدين بشدة مقربين من الرئيس ولجوا كافة القطاعات الحكومية.
4 استقالة السلطات العمومية وعجزها أمام التذمر الواسع من سوء بل انعدام الخدمات العمومية: لقد أظهرت زيارات الرئيس الأخيرة داخل الولايات مدى فشو تذمر كافة فئات الشعب من انعدام الخدمات العمومية الضرورية: الماء، الكهرباء، الطرق، التعليم، الصحة.. ناهيك عما سوى ذلك من خدمات أنفقت عليها المليارات دون أن يعثر لها على أي أثر.
إن وعدا يقدمه الرئيس مثلا لمستضيفه في وركنكط 2009 يفاجئه صاحبه في تمبدغه 2015 بان شيئا منه لم يتحقق الى حد الان كغيره من آلاف الوعود التى لم يحظ أصحابها بلقائه أو استنكفوا عن لقائه رغبة عنه وعن وعوده تدل بوضوح على أن الاتجاه العام يهدف إلى تعميم التذمر داخل عامة الشعب وكافة طبقاته.
5 تعميم بؤر التوتر بشكل تدريجي دون العمل على إيجاد أية حلول، بدا هذا اللون من التآمر على النظام مع مجيئه وصور الأمر في البداية على أن الرئاسة مفتوحة أمام أصحاب المظالم وأن عليهم أن يتوجهوا إليها ليثبتوا أن النظام يحفظ الحريات ويحميها دون أن يدرك رأس النظام أنه سيكون لهذا الأمر ما بعده خاصة أن مظالم المواطنين ظلت تتراكم في قطاعات الاسكان والعمران والعدل والحالة المدنية والحريات السياسية… وبالمقابل كثفت الجهات المعنية أنشطتها في سبيل تعقيد تلك المظالم بدرجات استحال معها حلها فيما بعد.
6 تمثلت الطامة الكبرى في وصول شخصيات أقل ما يقال عنها أنها غير مناسبة إلى المقاعد الأمامية في السلطة، إن صراعات بين أطراف مختلفة داخل النظام سهلت وصول شخصيات إلى مقاعد هامة على مستوى القرار سوغت للكثيرين النظر إلى النظام على أن مستواه من مستوى هذه الشخصيات مما انتقص من هيبته في عيونهم.
تخفيفا على القراء واقتصادا في القول نكف عن الاسترسال في الحديث عن ملاحظات نرجو أن تكون حققت تنبيها وتوجيها لمن هذا ميدان اختصاصهم وديدن اهتمامهم أن يشبعوه بحثا أو على الأقل يصححوه من يدري لعل وعسى.
محمد المهدي صاليحى