يأيها السفير نعرف أنّك الحاكم الفعلي لبلدنا
هناك دواعي كثيرة تدفعك إلى الترحيب بالسفير الأمريكي حتى تجعلك تطبل له وتبايعه؛ علّه أن يسوسك بالعدل ويسبغك ببعض ما في بلده من نعم حقوق الإنسان واحترام القانون، والعدالة الاجتماعية في بلده.
فأمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل ولهذا قيل: (الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة) وقيل قدما العدل أساس الملك.
ولما لا نرحب بالسفير الامريكي!؛ فلولا رائحة البارود التي تفوح من كمه، وصوت القنابل التي تنبعث من دفّ نعليه، وغبار الفتنة التي تثور من نزول مروحيته، لاستقبلناه بالزهور والورود، حتى نشتكي إليه من راعيه، فالسفير لا عيب فيه غير أنّ أسياده دمروا العراق وأفغانستان وسلّطوا الطغاة على رقابنا وما مصر عنّا ببعيد! لكنّهم مع أوطانهم عمريين، ومع غيرهم شياطين، فكأنّهم تشبيه مقلوب بالمقارنة مع حكامنا.
يأيها السفير نعرف أنّك الحاكم الفعلي لبلدنا، فأنت بلمير موريتانيا و كبلانيها، والذي يزعم غير ذالك فعليه بالشواهد وسوف تكذبه، ولا ضير عند بعضنا من الاعتراف بأمر الواقع، وبالتعامل مع سلطتك القائمة، عسى أن ينعم بما ينعم به المواطن الأمريكي في واشنطن وتكساس من عدل، وخاصة في الخدمات ألاجتماعية .
فلا تستغرب من سقف مطالب شعبك الجديد في هذه الولاية التي تزورها اليوم؛ وتقع عيناك على نواحيها، فلا التأمين الصحي تريده، ولا الأمن الغذائي، ولا الحدّ من البطالة، وإنّما غاية ما تريده شربة ماء عذبة، تبلّ بها عروقا، وتزيل بها ظمأ .
تخيل معي يا سيادة السفير أنّك في أكبر مدينة بعد العاصمة، وأهلها يشربون الوديان والعيون والجداول والمستنقعات المائية والآبار المالحة؛ وعاملكم ما زال يعد ويمنّي، أوعدنا بجذب الماء من فم لكليتات فأخلف، وبحفارة سوف تحفر حتى تفجر الأرض ماء فأخفق، وبصهاريج توزع المياه العذبة فنكص، كأنّه نور المالكي في كلّ شيء معنا، إلا يديه من حسن الحظ ما زالت نظيفتين من دماءنا، وتلك نعمة نحمد الله عليها .
يا بلمير موريتانيا مخيمات ألاجئين في غزة، أحسن حالا منا، في الغذاء والدواء والمسكن والملبس، وهم شعب محتل، ونحن شعب مستقل أو هكذا ندّعي .
يا كبلان موريتانيا ـ وكثرة الأسماء تدلّ على أهمية المسمى ـ لا نريد منك إلا أن تأمر عاملك بإعلان عاصمة الولاية التي تزورها منطقة منكوبة من شدة العطش، فعاملكم يتكتم على ذلك، وفي الأخير يا سيادة السفير نرجوك أن تشحن معك ماء تشربه، فأرضنا آمنة مطمئنة لا تخشى إلا الله أو العطش.
غالي بن الصغير