لا… للتسميم
جاء في نشرة لجريدة الخبر الجزائرية و القريبة من المخابرات في هذه الدولة الشقيقة و الصديقة و الجارة أن أجهزة الأمن في الجزائر ألقت القبض على مجموعة من خمسة إرهابيين محملة بالأسلحة و الذخيرة في بلدة حاسي خبي ( جنوب غربي تيندوف), و أن من بين أفراد المجموعة عنصرين يحملان الجنسية الموريتانية…
و قد تناقلت المواقع الألكترونية في موريتانيا هذا الخبر الذي لا يؤثر بأي حال من الأحوال على العلاقات الممتازة بين الدولتين… و ذلك ما تجهله هيئة تحرير اليومية الجزائرية و ربما يجهله جهاز الأمن الذي, ربما, يجند بعض محرريها..لا يؤثر لسبب بسيط و هو أن بلادنا قادت منذ منتصف العقد الماضي من هذا القرن حربا لا هوادة فيها على الإرهاب.. و تعتبر الدولة الوحيدة من بين دول المنطقة التي كسبت الرهان في تلك الحرب.. من خلال الضربات الاستباقية التي قادتها في التراب المالي و على مشارف الحدود الموريتانية في المثلث (الجهنمي) الواقع بين موريتانيا و مالي و الجزائر..
هذا و لم تحمَل موريتانيا قط مسؤولية العمليات الإرهابية التي قادتها عناصر الإرهاب من الجنسيات الجزائرية لجارتها الشمالية التي تخصص ميزانية تضاعف ميزانية موريتانيا لمحاربة هذه الظاهرة المقيتة و العابرة للحدود.. فكلنا يعرف أن قائد أولى العمليات الإرهابية الشنيعة ضد بلادنا هو المواطن الجزائري المعروف ب بلعور.. فهو من قاد أولى هذه العمليات في حامية لمغيطي سنة 2004 و هي العملية الأكثر دموية من جميع العمليات الإرهابية في موريتانيا.. و مع ذلك لم تحمل موريتانيا أي دولة المسؤولية عن تلك العملية بيد أن الجماعة التي يقودها هذا الجزائري هي من تبنت العملية و تبنت عمليات أخرى بعد ذلك.. بل بدأت بلادنا منذ ذلك الوقت تعد استراتيجية محكمة لمحاربة الإهاب و ملاحقته في عقر داره حتى أمنت حدود البلاد من هذه الجماعات المتطرفة التي تؤسس نظريتها على عقيدة الخوارج التكفيريين الذين يعتبرون الذنب ردة و يستبيحون دماء المسلمين بمجرد رفضهم لهذا الفكر المتطرف و الدموي..
و لعل نظرة بسيطة في تاريخ المنطقة تبين أن لهذا الفكر أصوله التاريخية في منطقة جنوب الأبيض المتوسط و هو ما حاربه أسلافنا منذ القرن الثامن الهجري و ما بعده.. و استمرت بلادنا ذات العقيدة الأشعرية في محاربته خاصة في مطلع العشرية الثانية من هذا القرن حيث تم وضع خطة محكمة لمحاربة هذا الفكر الذي ينمو في المنطقة الصحراوية مثل نمو الطحالب حتى وصل إلى تكريسه الجديد مع ما بات يسمى ب( الدولة الإسلامية في العراق و الشام المعروفة إختصارا ب” داعش”..)
كل ذلك و دول المنطقة المتضررة من العمليات الإرهابية في مالي و النيجر و الجزائر… تلتزم الحياد التام في دعمها للعمليات الشجاعة التي خاضتها و ما زالت تخوضها بلادنا ضد الإهاب الذي وصل في فترة ماضية إلى تهديدها في عقر دارها…
و كان رد الاعتبار لقواتنا المسلحة و تزويدها باللوجستيك الضروري من أهم المحاور التي عملت عليها السلطات العليا في البلد منذ 2009 و ما زالت تعمل عليها حتى الآن فكان النظام القائم في البلاد يعمل على خطتين وصل فيهما إلى مبتغاه في السياسة الداخلية عملا بمقتضى الآية الكريمة من سورة قريش و هما الإطعام من الجوع و التأمين من الخوف…
و تجدر الإشارة هنا إلى أنه في كل بلد من بلاد الله يوجد مارقون على السلطة و هاربون من العدالة و مرتزقة يضحون بأرواحهم و سمعة بلادهم من أجل لقمة العيش و حتى من أجل الثراء و هو ما يجعل لعابهم يسيل في وجه مغريات منطقة مثلث الإرهاب التي أجمع المحللون الإقتصاديون على أنها تحوي المليارات من العملة الصعبة من خلال تهريب السلاح و المخدرات و تمويل العمليات الإرهابية.. فلا يستبعد إطلاقا أن يكون من بين هؤلاء أو أولئك من يحمل الجنسية الموريتانية إن حقا أو كذبا و لكن بلادنا تبقى دائما غير مسؤولة عن ذلك مثل غياب مسؤولية المملكة السعودية عن أسامة بن لادن و الجزائر عن بلعور.. و دول الشرق الإفريقي عن مئات المرتزقة الذين يجندون في هذه العمليات…
فينبغي لحملة القلم و صنَاع الرأي العام النأي كل النأي عن كل ما من شأنه أن يسمم الأجواء أو أن يكون مدعاة للتسميم أو التاثير على العلاقات الأخوية القائمة بين بلادنا و شقيقاتها في المنطقة خاصة جاراتها التي ربطتها بها علاقات تاريخية وطيدة و ما زالت تربطها بها و ستنمو تلك العلاقات و تتعزز مع تطور الدبلوماسية الموريتانية و إرادة السلطات العليا في البلد الرامية إلى جعل بلادنا قائدة المصالحة في مجمل القضايا المطروحة و النزاعات القائمة في القارة الإفريقية مما كرسته المأمورية اللامعة لرئيس البلاد على رأس الاتحاد الإفريقي حيث تم حل نزاعات قوية في الجارة مالي و الكوت ديفوار لكي لا نذكر إلا هاتين…