قرية دار ولد الطالب تفقد أربعة أشخاص بسبب الحمى النزيفية
لم تكن قرية “دار ولد الطالب” وهي تنام على بعد 20 كلم من مدينة كيفه في الشرق الموريتاني، لتحظى بأي ذكر في وسائل الإعلام لو أنها لم تفقد أربعة من أبناءها في أقل من أسبوعين بسبب حمى نزيفية تم تشخيصها على أنها “حمى الوادي المتصدع”.
أطلق سكان القرية نداء موجهاً إلى السلطات الصحية في البلاد للتدخل بعد أن تزايد عدد المصابين بالحمى النزيفية، لتصل اليوم الثلاثاء بعثة تابعة لوزارة الصحة إلى القرية وتبدأ في تقييم الوضع ومعاينته.
أحد سكان القرية تحدث لـ”صحراء ميديا” عن ظهور الحمى منذ أسبوعين لتودي بحياة فتاة تعرضت لنزيف حاد لم يثر أي شكوك لدى الأطباء، قبل أن يتوفى بعد أربع وعشرين ساعة شاب من نفس الأسرة وبنفس الطريقة.
ويضيف الشاهد العيان أن مخاوف سكان القرية تضاعفت بعد يومين من ظهور الحمى، خاصة عندما توفي شخص آخر وازداد عدد المصابين بها، على الرغم من دعوة الأطباء في مستشفى كيفه إلى الاطمئنان وتأكيدهم أن الوضع تحت السيطرة.
وأوضح الشاهد العيان أن الأطباء حاولوا تفسير الوفيات بأمراض أخرى على غرار التهاب الكبد الفيروسي والفشل الكلوي الحاد، قبل أن يتم الإعلان عن حالة الوفاة الرابعة عند حوالي منتصف الليلة البارحة، ووصول نتائج تحليل العينات لتؤكد أن الفيروس الذي يفتك بسكان قرية “دار ولد الطالب” هو فيروس حمى الوادي المتصدع.
الشاهد العيان أشار إلى أن الضحية الرابعة للحمى النزيفية شاب ينحدر من نفس الأسرة التي فقدت شخصين قبل أسبوعين، وكان حاضراً أثناء مرضهما ووفاتهما وإجراءات دفنهما، ما يكشف النقص الكبير في الثقافة الصحية للمواطنين.
حالة من الذعر
صحراء ميديا تحدثت مع عدد من سكان قرية “دار ولد الطالب” صباح اليوم الثلاثاء، كما حاولت رصد آراء الشارع في كيفه، فأبدى الجميع مخاوف كبيرة من الحمى النزيفية وبدا واضحاً أن حالة من الذعر تجتاح السكان على الرغم من الجهد الذي تبذله السلطات الصحية لطمأنة السكان.
وفي ظل حالة الذعر أغلقت جميع العيادات الخاصة في مدينة كيفه أبوابها أمام المرضى، خاصة أولئك المصابين بأي نوع من أنواع الحمى، وذلك خشية المساهمة في انتشار الحمى النزيفية، على حد تعبير أحد العاملين في عيادة خاصة.
كما رافق حالة الذعر عزوفاً عن استهلاك المنتجات الحيوانية وبشكل خاص الألبان، حيث تحدث بعض سكان قرية “دار ولد الطالب” عن نفوق بعض الأغنام في الأيام التي سبقت ظهور الحمى النزيفية، وتفسير الأطباء لانتقال العدوى بتناول ألبان حيوانات مصابة بالمرض.
وتؤثر هذه الوضعية على الحياة اليومية لسكان القرية الذين يعتمدون في عيشهم على التنمية الحيوانية، وبشكل خاص تربية البقر والأغنام، كما تنتعش فيها الحياة خلال فصل الخريف حيث تصبح قبلة لبعض سكان المدن الباحثين عن أجواء البادية في القرية التي لا يتجاوز تعداد سكانها الخمسمائة نسمة، ولا توجد فيها نقطة صحية.
الجهود الرسمية
وزير الصحة أحمدو ولد حدمين ولد جلفون أكد مساء أمس الاثنين أن الوضع تحت السيطرة وأن جميع المراكز الصحية والمستشفيات على استعداد تام للتصدي لجميع أنواع الحمى النزيفية، وتحدث عن بعثات أرسلتها الوزارة لتقصي الأوضاع الصحية دخل البلاد.
وبحسب مصادر خاصة فإن البعثة التي وصلت إلى مدينة كيفه تضم مختصين في علم الأوبئة بالإضافة إلى أخصائي في الأمراض المعدية.
في غضون ذلك قررت الجهات الصحية والأطباء المشرفون على المستشفى الجهوي بمدينة كيفه عدم نقل المصابين بالحمى النزيفية إلى العاصمة نواكشوط، لأن ذلك يعرض المواطنين لخطر العدوى، وفق تعبير مصدر طبي في كيفه.
وأوضح المصدر الطبي الذي فضّل حجب هويته أن قرار عدم نقل أي مريض بالحمى النزيفية إلى نواكشوط، هو من أجل تفادي تعريض طاقم سيارة الإسعاف والمواطنين على طول الطريق لخطر العدوى.
من جهة أخرى أقام الأطباء في مستشفى كيفه غرفاً لعزل الحالات المشتبه فيها، وتقديم علاجات للأعراض المرافقة للحمى، فيما أكدت المصادر أن عدداً من المصابين استجابوا للعلاج بشكل إيجابي وهم في طريقهم نحو الشفاء.
أما ضحايا الحمى النزيفية فقد أكد عدد من السكان لـ”صحراء ميديا” أنه تم تسليمهم لذويهم وجرى دفنهم بالطريقة التقليدية ووفق نفس الإجراءات المتبعة في دفن وغُسل الموتى العاديين.
نقلا عن صحراء ميديا