الوحش الذي صنعناه! (حول صلاحيات رئيس الجمهورية وتفسير الطغيان)
يمارس رئيس الجمهورية، حسب الدستور الموريتاني الصادر في 20 يوليو 1991 والمقتبس ـ زعما وزورا ـ من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي، ثمانية أنواع من الصلاحيات على الأقل:
1. صلاحيات سيادية: فهو حامي الدستور، وضامن الاستقلال والحوزة الترابية، ويستفتي الشعب عن طريق الاستفتاء العام، ويحل البرلمان
2. صلاحيات تشريعية: فهو يصدر القوانين مثله مثل البرلمان فيما لم تنص عليه المادة 57 من الدستور، وله أن يعطي الإذن للحكومة في إصدار قوانين فيما يشمل اختصاصات البرلمان عن طريق أوامر قانونية
3. صلاحيات قضائية: يترأس المجلس القضائي الأعلى، ويمارس حق العفو، أو تخفيف العقوبة أو استبدالها
4. رابعا: صلاحيات تنفيذية: يترأس مجلس الوزراء، ويعين الوزراء ويقيلهم، ويعين في كل الوظائف السامية ويقيل منها
5. صلاحيات تنظيمية: يقاسمه الوزير الأول السلطة التنظيمية، ويصدران مراسيم قانونية وتنظيمية
6. صلاحيات دبلوماسية: يحدد السياسات الخارجية، ويعلن الحرب والسلام، ويعتمد سفراء الدول الأجنبية، ويصادق على المعاهدات الدولية
7. صلاحيات عسكرية: هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، يحدد السياسات الدفاعية والأمنية ويعلن الحرب والسلام، ويعين القادة العسكريين ويعفيهم من مناصبهم
8. صلاحيات استثنائية: يعلن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ، ويمارس السلطة الاستثنائية
ينضاف إلى كل هذه الصلاحيات “الواسعة” جدا أن رئيس الجمهورية غير مسؤول أمام البرلمان، وغير مسؤول عن أعماله إلا في حالة الخيانة العظمى، فالمادة 93 من الدستور تنص على أنه: “لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الغرفتين اللتين تبتان بتصويت مطابق عن طريق الاقتراع العلني و بالأغلبية المطلقة لأعضائها”
فأي وحش هذا الذي صنعناه؛ ذلك الذي لا يسأل عن شيء من أفعاله، فبإمكانه ان يقتل مثلا وينهب ويقول أو يفعل ما يحلو له دون أية محاسبة!!
وهو في كل ركن أو زاوية من زوايا الحكم والسلطة بكافة أشكالها!!
أتتوقعون أن لا يكون طاغية بعد كل هذا التمكين والسلطوية!!
أتتوقعون أن يتخلى عن السلطة هكذا، ورعاً وتقوى، خصوصا إذا ما كان قد أتى إلى السلطة بقوة السلاح، وفرض نفسه فرضا!!
أترتجون منه أن يعف عند المغنم، وقد أطلقتم يديه تعيث أنى تشاء!!
يختصر “رئيس الجمهورية” الجمهورية قي شخصه بموجب كل هذه الصلاحيات، وتصبح كل المؤسسات هامشية إزاءه، وتصبح كل السلطات مساعدة له:
يقول الدستور العجيب في المادة 89: السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية , رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال القضاء ويساعده في ذلك المجلس الأعلى للقضاء.
يمكن بوضوح ملاحظة هامشية المجلس الأعلى للقضاء الذي لا يتجاوزدوره كـ”مساعد” للفياثان العملاق!!
من يوقف هذا الوحش إذا أراد العبث، فأقال القضاة وهم يعملون على قضايا لا يعجبه عملهم عليها!!
وأي استقلالية للقضاء إذا كان رأس السلطة التنفيذية هو ضامن استقلاله!!
ومَن مِن الوزراء يستطيع أن يقف في وجهه، وهو من يستطيع أن يعينه في الصباح ويقيله في المساء بتوقيع لا يستغرق ثواني معدودة!!
وهل يملك البرلمان أن يعارضه ـ بشكل حقيقي ـ وهو من يستطيع حله في أية لحظة، ويمكن أن يمضي كل فترته الرئاسية دون أن يكلفه الدستور بالإنصات لأية مداخلة برلمانية!!
أي عبث هذا، وأي مغالطة!!
ما هي الضمانات لعدم شطط رئيس الجمهورية/ الوحش إلا أن يكون متورعا!!
أعتقد بحزم أنه إذا لم نفتت “سلطات” رئيس الجمهورية في هذا البلد ـ الذي يريد له أهله أن يخطو نحو الديمقراطية ـ فسيظل البلد ـ كل البلد ـ رهين إرادة شخص واحد، لا يحول بينه وبين الطغيان أي حاجز!
سيد ولد محمد الامين
03/02/2016