رحيل نصير حركات التحرر وسجين الأنظمة الموريتانية

السياسي والدبلوماسي الموريتاني المخضرم أحمد باب ولد أحمد مسكه (الأخبار)السياسي والدبلوماسي الموريتاني المخضرم أحمد باب ولد أحمد مسكه (الأخبار)الأخبار (انواكشوط) – ولد السياسي والدبلوماسي الموريتاني الراحل أحمد باب ولد أحمد مسكه في مرحلة عرفت في المنطقة التي ولد فيها من موريتانيا قرب شنقيط، باسم “غزي شرواط” وحملت أوراقه الرسمية شهر مايو من العام 1935.

ولد أحمد مسكه الذي توفي اليوم في أحمد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 86 سنة، عاش حياة كان جلها مساندة لحركات التحرر حول العام، حيث ربطته علاقات وطيدة مع جل قادة حركات التحرر في العام الثالث، سواء في إفريقيا أو في أمريكا اللاتينية، كما كان للسجون الموريتانية حظها من هذه الحياة سواء في فترة الاستعمار الفرنسي، أو في فترات حكم الأنظمة الموريتانية المتعاقبة.

أدوار اجتماعية وسياسية
ينتمي ولد أحمد مسكة لأسرة علمية معروفة، كانت لها القيادة التقليدية في مجموعتها القبلية، وقد فرض الفرنسيون على والده دخول المدرسة الفرنسية، حيث تخرج من مدرسة بوتلميت، كما كان لجده من أمه بزيد ولد السالك دور بارز في تنشئته والتأثير عليه.

وفرضت عليه وفاة والده مبكرا تولي مسوؤليات اجتماعية من بينها تمثيل مجموعته في اجتماعات ومؤتمرات سياسية، فضلا عن حل الخلافات القبلية، في المنطقة.

بدأ ولد أحمد مسكه مساره الدراسي بالدراسة المحظرية، قبل أن يدرس في مدرسة أطار على مرحلتين، كانت أولاهما في السنة الدراسية 1942 – 1943 بمبادرة من جده بزيد ولد السالك، وكانت حينها في حي كنوال غربي أطار، ولم يمكث فيها سوى 24 ساعة ليغادرها، في رحلة شاقة عادت به إلى مضارب الأهل في إينشيري، وتصادفت عودته مع وفاة والده.

وقد عاد إلى مدرسة أطار في السنة الدراسة الموالية، وزاد مسؤولياته الاجتماعية الجديدة من دعم خيار جده في إدخاله المدرسة، وإكسابه معارف وتجارب، ودعم خياره بإرسال شقيقه أحمد بزيد معه إلى المدرسة.

وكان من بين مدرسيه شخصيات موريتانية من بنيهم أحمد ولد محمد صالح، والذي تخرج من المدرسة قبلهم وسيد محمد ولد عبد الرحيم، وسيد محمد ولد محمد أحمد الملقب بـ”الديين”، ومحمدو ولد عبد الله الملقب “تبو”، والمختار ولد حامدن

وقاده المسار الدراسي لاحقا إلى إعدادية روصو، وثانوية بوتلميت، فجامعة داكار، ثم الجامعة الفرنسية.

على مسار التحرر
بدأ ولد أحمد مسكه مسار التحرر مبكرا، حيث شارك في مؤتمر عام لحزب الاتحاد التقدمي الموريتاني، بناء على انتداب من القيادات التقليدية في أكجوجت، ليبدأ مسار رفض مع مجموعة من الشباب قادهم إلى تأسيس مجموعة رفض داخلية، كانت نواة رابطة الشباب الموريتاني، وحزب النهضة.

وأدت مناوَأة ولد أحمد مسكه للاستعمار الفرنسي، ومشاركته في العديد من الأنشطة المناوِئة له، ومنها قيادة حملة داخل البلاد للتصويت بـ”لا” في استفتاء قانون الإطار 1958 إلى اعتقاله، وتغيبه مع عدد قيادات حزب النهضة عن مرحلة إعلان استقلال البلاد.

وخلال فترة إقامته في فرنسا أقام ولد أحمد مسكة علاقات قوية مع حركات التحرر حول العالم، كما استثمر موقعه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلا لموريتانيا في مناصرة قضايا التحرر، وفي الدفاع عن موافقها، وموجهة القوى الاستعمارية.

وأظهر ولد أحمد مسكه حرصا خاصا على زيارة هذه الحركات التحريرية في أماكن سيطرتها، والتقى قياداتها، وهو زيارات قادته إلى مختلف قارات العام، واحتفظ بالعديد من هذه العلاقات حتى ما بعد استقلال هذه الدول

وكان لعلاقاته الإعلامية دور في خدمة هذه الحركات، سواء من خلال المقالات التي كان ينشرها في الصحف الفرنسية، أو من خلال عمله في “جون آفريك”، وكذا الصحيفة التي أنشأها مع عدد من زملائه وحملت اسم “آفريك آزيا”، وكانت أخبار وآراء حركات التحرر على رأس أولويتها.

“نزيل” سجون الأنظمة
جهود ولد أحمد مسكه التحررية طيلة العقود السبعة الماضية، جعلت منه نزيلا دائما للسجون الموريتانية، حيث بدأت علاقته مع معها خلال الاستعمار الفرنسي، وزارها عدة مرات خلال حكم الرئيس الأسبق المختار ولد داداه.

فقد اعتقل أول مرة في العام 1959 خلال جولة قامت قيادة حزب النهضة إلى المناطق الشرقية من البلاد، حيث أوقفته قوة الدرك، وتم اقتياده من كيفة إلى سيلبابي، ثم بوتلميت قبل أن يطلق سراحه، ليتعلق مجددا في العام 1960 ويغيب مع قيادة حزبه في تشيت حتى نهاية إعلان الاستقلال، حيث أطلق سراحهم في فبراير 1961.

كما زار ولد أحمد مسكه السجون الموريتانية خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونه ولد هيدالة، وعادت الشرطة للقبض عليه خلال حكم الرئيس معاوية ولد الطايع، حيث وجهت له تهمة المساهمة في تحرير البيان الذي أصدرته حركة “أفلام”، وحمل عنوان “صرخة الزنجي المضطهد”.

دفع ولد أحمد مسكه ضريبة قناعاته من حريته ومن حقه في الإقامة على أديم وطنه، فأمضى سنوات عديدة خارج البلاد، كان أغلبها في فرنسا، وكان السجن في استقباله في الحالات القليلة التي عاد فيها إلى البلاد إبان فترة الرئيس الأسبق المختار ولد داداه، وكذا خلال الحكم العسكري في البلاد خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات.

كما تعرض بسبب نشاطاته لحملات تشويه متعددة، رواحت بين اتهام الجمعية التي أنشأنه منتصف عقد الخميسينيات بمعاداة الدين، وبمعاداة الوطن، وغير ذلك من الاتهامات الجاهزة لوضعها على مناهضي الأنظمة خلال تلك الفترة.

وفضلا عن أدواره التحررية، والإعلامية، قام ولد أحمد مسكه بأدوار دبلوماسية كبيرة خلال أزمة الشمال المالي في التسعينيات، وساهم في تقريب وجهات نظر أطراف الصراع، ودفعهم لتوقيع اتفاق السلام.

كما كانت لولد أحمد مسكه أدوار بارزة في التنظيمات والتجمعات التي أقامتها الجالية المسلمة في فرنسا، وأمضى عدة سنوات، وهو يعد برنامجا عن الدين الإسلامي في إحدى القنوات الفرنسية الرسمية.

وقبل أسابيع قليلة من رحيله شارك ولد أحمد مسكه نشطاء جبهة البوليزاريو نشاطاتهم لتجديد الثقة في قيادتهم في المؤتمر الـ14 للجبهة، والذي أقيم في مخيم “الداخلة” منتصف ديسمبر الماضي.

نقلا عن موقع وكالة الأخبار المستقلة


إضافة سيد احمد ولد مولود

تاريخ الإضافة: الإثنين, 14 آذار/مارس 2016 14:18

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى