الحوار السياسي المرتقب : أهميته و ملابساته / إميه ولد أحمد مسكة
موضوع الحوار السياسي بين الأغلبية و المعارضة يثير جدلا مستمرا منذ سنوات بين المطالبين به و المقللين من شأنه، رغم إعلان الطرفين عن نية صادقة بخصوص ضرورة انعقاده و الاستعداد له .
و بغض النظر عن نوايا و حسابات الخصوم، دعونا نتعرض للمسألة من زاوية جديدة ضمن رؤية تأملية عسانا نسهم و لو قليلا في تحريك المسار الديمقراطي و دفعه نحو الاتجاه الأفضل.
هنا، يطرح سؤال نفسه بإلحاح و اشكال متنوعة: ماذا نريد لموريتانيا و من موريتانيا ؟ هل نعتبرها البقرة الحلوب الواحدة لدي حي فقير، القائم عليها يريد الاستئثار بها والآخرون في سباق محموم لانتشالها ولو سرقة أوغصبا ؟ و هل يمكن أن تظل بقرتنا حلوبا رغم الجفاف والأزمات وضغط الأستغلال (العل أي إستخراج الرسل مرات متعددة خارج الضوابط المعهودة) و حالتها النفسية المضطربة بسبب تهافت المطالبين باللبن عبر البكاء والصراخ أحيانا؟ لكن حذار أن نقتل البقرة عن قصد أو عن غير قصد فعندها ستحدث لا قدر الله الطامة الكبري ! !
تفتخر الأغلبية منذ سنوات بأن موريتانيا ورشة بناء في جميع المجالات و هي صادقة إلي حدما رغم مظاهر الارتجال هنا وهناك، الا أن محمد ولد عبد العزيز يعتبر أول رئيس حقق شيئا ملموسا منذ الإطاحة بمؤسس الدولة الأستاذ المختار ولد داداه رحمه الله ، حيث أعد و باشر انجاز مقاربات شاملة واستراتجية في مجالات الأمن والصحة والماء والإنارة والتعليم والطرق والموانئ والمطارات وغيرها من البني التحتية الهامة دون ان ننسي التدخلات المهمة والمتنوعة لصالح المهمشين والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة.
أما في المجال السياسي، فضلا عن اتاحة الحريات العامة بشكل لا مراء فيه فقد انجزت (الورشة) حوارا مع احزاب المعاهدة اثمر نتائج طيبة لكنه لم يشمل كل الطيف المعارض و بالتالي لم يفلح في إطفاء شعلة التذمر التي تغذيها مظالم جديدة علي الساحة السياسية تتمثل في حركات شرائحية غامضة لابد من التفكير في حل عاجل لها.
أنطلاقا من كل الاشارات السابقة يبدو أن رئيس الجمهورية الذي أنقذ البلاد من السقوط في الهاوية يمتلك القوة والمصداقية اللازمتين لبذل الجهد المطلوب لتنظيم حوار شامل يفضي إلي وضع أسس دستورية (وتشريعية) واضحة تحقق نظاما ديمقراطيا صلبا يحمي البلاد من الانقلابات وكل انماط الابتزاز والانقسامات العرقية والقبلية والفئوية والجهوية .
وقد يتجلي الوفاق العام حول نقاط من بين أخري مثل:
ـ الغاء تحديد السن بالنسبة للمرشحين للرئاسة
ـ زيادة عدد المأموريات بواحدة لتصبح 3 بدلا من 2
ـ تخصيص نسبة عشرة في المائة من موارد الدولة خلال عشرين سنة لدعم الفقراء والمهمشين (قري آدوابة والمنحدرين منها وكذلك التجمعات الريفية الأخري المشابهة من حيث الفقر والهشاشة ) في مجالات السكن الاجتماعي و التعليم والصحة و الماء والكهرباء مع تمويل سخي للنشاطات المدرة للدخل الفردية والجماعية، قصد إصلاح احوال المعنيين والحاقهم بالركب العام للمجتمع .
ـ تخصيص اثنين في المائة من موارد الدولة خلال خمس سنوات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية علي مستوي العائدين والقري الخاصة بهم.
ـ تجريم النشاطات السياسية علي أساس العرق أو الفئة أو الشريحة .
ـ اعداد برنامج توافقي لاطلاق مشاريع هيكلية تستهدف تحقيق الأكتفاء الذاتي في مجالات معينة و امتصاص البطالة ومحاربة الفقر مع الحفاظ علي خصوصياتنا الثقافية، وترقية القدرات والمواهب الشبابية كل ذلك من خلال المحاور التالية:
ـ منح دعم عمومي للزراعة بكل أشكلها مع توجيه الاستثمار المباشر نحو تنميتها .
ـ انشاء مؤسسة تهتم بدعم وتأطير الصناعة التقليدية .
ـ انشاء مؤسسة لصيانة التراث الموسيقي والأدب اللهجي (جمييع الاعراق) مع دعم الفنانين التقليديين ماديا و معنويا.
ـ إعداد و تمويل و تنفيذ سياسة شاملة خاصة بالبئة: حماية الغابات بالتسييج و الرقابة، تشجير جميع المناطق الحضرية، تحديد مجالات رعوية بحتة، إستنبات الأشجار المنقرضة، العمل علي إسترجاع الحيوانات غير الأليفة المهاجرة عبر خلق الظروف الملائمة لعودتها واستقرارها (حظر الصيد العشوائي والتقري الفوضوي).
ـ إعداد خطة لتجميع القري الريفية الصغيرة طبقا لمعايير موضوعية يتم تحديدها قصد ترشيد موارد الدولة وتحويل التجمعات القزمية إلي وحدات قابلة للتنمية والتأطير.
ـ دعم التنمية الحيوانية والنشاطات الصناعية المتعلقة بها (العلف ـ الألبان ـ الجلود الخ …) مع منح قروض ميسرة للمنمين.
ـ إنجازالبني التحتية الضرورية لإحتضان النشاطات الشبابية في المجالات الثقافية و الفنية و الرياضية في كل أنحاء الوطن.
من المعلوم طبعا أن الكثير من الإنجازات قد تم تحقيقه في جميع مناحي الحياة تحت القيادة النيرة للسيد رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، لكن الإجماع حول القضايا الأساسية للأمة من شأنه تعميق المقاربات وتثمين المكاسب و ترتيب الأولويات ثم تمرير البرامج صعبة التنفيذ دون اعتراض يذكر.