هل تحمل الأيام القادمة حوارا جديدا؟

نواكشوط ـ صحفي
يمكن الإجابة بنعم أو لا..!
الإجابة بنعم تتطلب فهما واستيعابا لدواعي ومخرجات الحوار الفارط، أيضا توقعا واستشرافا للحوار القادم، وهما أمران بنفس الصعوبة التي تجابه المتصدي لقراءة واقع المشهد السياسي الموريتاني..
كذلك الإجابة بلا ممكنة لأن إيحاءات وتصريحات وبيانات وإعلانات من طرف فاعلين سياسيين متعددين تهمس في أذن المتصنت أن الحديث لم ينقطع، وتغمز لعين المراقب بأن مسلسل “الحوار” لم يصل إلى حلقته الأخيرة.
وباستقراء سريع ـ سرعة الحوارات نفسها ـ للحوارات السابقة ندرك أن قمة النشوة السياسية لم تحصل، فكان “حوار داكار” في 2009 قد أنهي “أزمة” انقلاب 2008 ونقل الصراع من دائرة “النضال من أجل عودة الشرعية” إلى دائرة “المنافسة الانتخابية” بالنسبة للمعارضة التي خسرت في الشوط الأول من “المباراة” وسط ذهول اللاعبين المعارضين ومباركة من “الحكم الدولي” في الوقت الذي تعالت فيه ضحكات “محاربة الفساد” وقهقهات “رئيس الفقراء” على ذقون الجميع!
أما في “حوار 2011” فقد مد “طوق النجاة” بيد أشد معارضي الانقلاب مسعود وبيجل ومعهما الصوابيون للتخلص من الربيع/الصيف العربي حسب توصيف الفريقين: المؤيد والمعارض للثورات العربية في ظل مقاطعة لمنسقية المعارضة وقتذاك، ومرة أخرى يكتشف الفريق المعارض “المحاور” أن مكاسب ذلك الحوار لم تكن مربحة إلا للسلطة، ومع الوقت يذبل موقفهم المعارض لحوار جديد، بل ويتحمسون لدفع المعارضة الممانعة في النصف الأول من 2016 (المنتدى والتكتل) إلى الانخراط في الحوار الذي تمت الدعوة إليه على لسان ولد عبد العزيز في آخر أيام ديسمبر 2015، وتكون “ندوية تيفيريت” تجسيدا لذلك الموقف لأقل السياسيين مرونة وأكثرهم تصلبا ـ تاريخيا ـ لكنه الأكثر انحيازا للقوى المسيطرة على البلد منذ 2007؛ الرئيس مسعود.
ولم يكن “حوار” 2013 بالجدية من قبل الطرفين ليتمخض عنه “وفاق وطني”، فالنظام لا يريد أن تحرم قوى عديدة مساندة له في الموالاة من المكاسب الانتخابية، ولكنه مضطر إلى الإيحاء للشركاء الخارجيين بأنه “ديمقراطي” أو يحاول أن يكون كذلك.
أما المعارضة التي فوضت الرئيس محمد ولد مولود الحوار باسمها فلم تكن مستعدة للتراجع عن دائرة التأزيم التي رسمتها من خلال رفع شعار “الرحيل” لتبدو بعد سنة واحدة شريكا مغبونا في انتخابات بلا ضمانات ما عدا تواصل الذي اتخذ ثلاثة مواقف متباينة في أربع سنوات!
وهكذا “نجح” النظام في قطف ثمار من حواره الثالث في 4 سنوات: مزيدا من تعزيز مواقع مؤيديه في المحليات والبرلمان.
على أن الحوار الأخير الذي وصفه النظام في إعلامه الرسمي بـ “الوطني” و”الشامل” ووصفته المعارضة المقاطعة له (المنتدى والتكتل) بـ”الهزلي” و”المونولوجي” لم يكن في نتائجه حاسما للنظام، فالجدل الذي خلق حول تغيير النشيد والعلم الوطنيين ولد حالة من تتفيه تلك النتائج، وإلغاء مجلس الشيوخ قد يخلق نقمة في شريحة عريضة من الموالين للنظام لا يعرف قدرها تحديدا، كما ان المجالس الجهوية ظلت فكرة غامضة في ظل غياب رؤية واضحة لهيكلتها وآلياتها.. وفي المحصلة لا حماس تبعثه هذه المخرجات بالنسبة لهيئة الناخبين التي سوف تستدعى سوى عنصرين هما: شحذ همم الموالين في مواجهة المعارضة المقاطعة والميزانية المرصودة لحملة وعملية الاستفتاء.
غير أن خطاب الاختتام لهذا الحوار كان أهم من مخرجاته، حيث أعلن ولد عبد العزيز عن عدم دعوته لتجديد مأموريته محاججا ومستدركا، وقد تباينت ردود الأفعال على هذا التصريح ما بين معتبر أن الأمر حسم وأن الرئيس لن يترشح لمأمورية ثالثة، وبين مشكك وداع للتريث.
وبطبيعة الحال كان فريق الموالاة والمحاورون من المعارضة مثمنين لما قاله ولد عبد العزيز إضافة إلى بعض القوى المعارضة المقاطعة للحوار، وفي مقدمتهم حزب تواصل، فقد دعا الحسن ولد محمد “زعيم المعارضة” إلى “حوار جديد” وثمن الصوفي ولد الشيباني خطاب ولد عبد العزيز، وبدأ مؤيدو الحزب في التطلع إلى “ما بعد عزيز”، غير أن الحزب ـ رسميا ـ تبنى بيان المنتدى الذي شكك نوعا ما في نية ولد عبد العزيز.
وقد كان موقف تقدم أكثر راديكالية، فقد عبر نائب رئيس الحزب لو غورمو عبدول عن تخوفه من زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم تفهمه للمسألة ما دام ولد عبد العزيز زاهدا في السلطة محذرا من “دكتاتورية ناصعة”.
وقد لمح محمد محمود ولد امات نائب رئيس حزب التكتلرفي مقابلة مع جريدة الأخبار إينفو إلى إمكانية المسامحة والتجاوز إذا كان ولد عبد العزيز جادا في إعلانه، معتبرا أن مطلبهم هو جديته “..وبعدها لا شيء مستبعد” .
“لا شيء مستبعد” هكذا قال نائب رئيس أكثر الأحزاب المعارضة راديكالية، فهل كانت هذه دعوة “ضمنية” لحوار جديد من طرف المعارضة؟

تحرير: سيد ولد محمد الامين

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى