دَمانْ ألمدَنَّه سالُ
- تتولى الفتاة مهمة إعداد الطعام لرجال الحي الذين يعملون على إقامة السياج الواقي لقرارة “دامان” منذ الصباح الباكر..
تجلس العالية قرب شجرة “أيكنين” في “اشطيب تراكه” في انتظار القادمين للتزود بالشراب والطعام أو الشاي من عمال السياج (كرياج).
- هذا السياج الممتد على محيط 21 كلومترا ليحمي المزارع في قرارة دمان من المواشي السائبة.
ترتدي العالية الزي الملائم لمهمتها التي قد تتطلب أحيانا مجهودا عضليا، تقوم به بنفسها في غياب الرجال.
العمل هنا طوعي واختياري ودائم، هذا يأتي ليوم وهذا ليومين أوثلاثة، لكن العمل يتواصل، يتحمل المتبرعون نفقات الذبائح وشراء المعدات.
هذا يتبرع بشاة، وآخر بشاتين أو مبلغ من المال.
تضرر السياج هذا العام في أجزاء كبيرة منه من السيول الجارفة، التي غمرت البطاح والأودية في ولاية إينشيري، لكن المشكلة الكبيرة ظهرت عندما قرر القائمون على المزرعة، بدعم من الحكومة، توسعة السياج غربا باتجاه “اشطيب تراكه” ولم يتم التخطيط لذلك الأمر بما فيه الكفاية.
الدعم المقدم من الحكومة لا يكفي، وذلك ما جعل المزارعين يضطرون لنزع الجانب الغربي من السياج القديم وإعادة بنائه اعتمادا على مجهود ذاتي، لكن العملية تعثرت بعد انطلاقها منذ شهر في الجهتبن : الشمالية والجنوبية.
لم تكمل الحكومة الجزء الذي أشرفت عليه في جهة الجنوب، كما لم يكمل المزارعون ما شرعوا فيه في الشمال لنفاد الموارد، وبقيت المزرعة مهددة من قبل المواشي السائبة.
المزارعون كعادتهم لم يستلموا للأمر الواقع، وتابعوا العمل على إنهاء أعمال البناء، رغم جسامة المهمة، فلم يعد لديهم الوقت للنقاش.
في دامان، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة : “معركة السياج”.
جل العاملين على بناء السياج لديهم مزارع مهددة، ولديهم مواشي سائبة، وغير سائبة.
مسألة المزارع والمواشي في قرارتي دمان ولمدنة مسألة شائكة ومعقدة، فالمزارعون هم أنفسهم ملاك القطعان السائبة، والمنمون أيضا لديهم مزارع، وأحيانا يفضلونها علفا لماشيتهم.
هنا تتم العناية بالحرث ليس على المدى القريب فقط، لانه بعد نهاية الموسم سيتحول غالبية المزارعين إلى منمين للماشية، أو على الأصح سيعودون إلى نشاطهم الدائم، وستتم الاستفادة من مخلفات الحصاد من حشائش وقصب كغذاء للحيوانات.
هذه المواشي السائبة اعتادت ورود دمان أيام القيظ، من كل حدب وصوب، حيث يحرص المامي ولد عيين على سقي جميع ضوال الإبل منذ ثلاثين عاما على آبار انكامري وتويلمسي.
- تعرفه ضالة الإبل وضالة الغنم والحمير، ويعرفه أيضا أصحابها الذين يأتون من بعيد بحثا عنها. كان يسقيها على جماله زمن الشدة والعسر.
- أول ما يعجب القادم إلى دمان هو هذه المناظر الخلابة، والفضاءات الواسعة الخضراء.
- الماء ماء المزن، والعشب رطب تفوح منه رائحة ذكية…سنابل الزرع تطاول عنان السماء في عزة وكبرياء.
سنابل الزرع الممتلئة المنحنية تعرف ب “كرون اثيار” تشبيها بقرن الثور، ومنها ما يسمى “نواويش لعجول” تشبيها بذيل العجل، ومنها “البجرارة” عندما تكون متفرقة، وعندما تطول سوقها وترتفع في القضاء يسمونها “الشيارة”.
الناس غير راضين عن جودة البذور التي تجلبها الحكومة، وزرعها يقولون له “زرع الحكومة”.
دمان هذا العام سال مرتين، وزرع مرتين. أفسد السيل الثاني بعض المزارع، ونجا بعضها من غمرة مياه كدى شمال إينشيري : خياطة وبوزكرارة ولويعرات.
تتجمع المياه عند الملكه، وتتدفق جنوبا مع الخط (خط انتمادي)،. وتتعزز بمياه مصران لحوار، وتمر شرق مدينة أكجوجت، وتتعزز هناك بمياه شلخت لكليوات، قرب أيكنينت التيكويت، ثم العرش، واخطيط ام ركبة، ثم شلخت اتلاليس، ثم شلخت أهل مسكة، ثم لمخينزات الثلاث، ، وشلخت العياط، ثم فرع السفيه، والهدرة. وهنا يطلق على الخط اسم لخليج ويتجه نحو الشرق، ويتعزز بشلخت ام لمنين (عزريت لخليج)، وشلخت الدخان، وشلخت لحويرة، وشلخت لغراد، ثم شلخت أهل انداري، ثم تكفل، وشلخت لحمار، ثم التورجاي، ثم شلخت اطويل، ثم ادويويرات، ثم شلخت منت اكطيط، ثم شلخات أيزن الثلاث، ثم آكويليل الفوكاني، ثم شلخت ازغب، ثم آكويليل الحسيان، ثم آكويليل الظاية، تم تنحرف السيول عند سد الجامعية نحو الجنوب، وتصب في دمان من شمال القرارة إلى جنوبها، بدأ بخط أهل أحمد ولد عبد الله، ثم خط أهل محمود، ثم خط أهل الفاظل، ثم خط أهل مسكة، ثم خط أهل مولود، وانتهاء بخط أهل حبيب الله، و تصب شرقا مع ادويمين وتستقر عند أضاة انكامري خاصة بعد إقامة السد الفاصل مع كثيب ادخينه الرملي.
أما لمدنه فسيلها يأتي من وادي آكويديم في الشمال ابتداء من لكليتات شرق مدينة اكجوجت، يصب نحو الجنوب، ويتعزز بروافد لبحيرات وبطاح إيكيك، ثم اشلخ امنات اميه، وشلخت لادم، وشلخت انعامة، وينحرف الواد هنالك عند اتمرفيكه الى الجنوب الشرقي بمحاذات كثبان ادخينه، ثم اجعيرينية، ويتعزز بشلخت ولد اعمر لكعيو، فيسقي عقلة ام اغليف، وتنمجوك، ثم تتعزز السيول بروافد الهمريات الثلاث لتصب في قرارة لمدنة، في خط أولاد بسباع، وعند سد لخريزة يصب غربا إلى خط أهل اتفغ الخطاط، ثم خط أولاد اللب، ثم تنحدر المياه من لمدنة نحو دمان عبر اكراع أهل سداتي حيث تلتقي مع مياه انتمادي لتصب جنوبا نحو “الفرع”.
– هنا شجرة لم تصمد أمام السيول الجارفة، وأخرى صمدت بالكاد، سقطت لكنها بقيت خضراء، لم تستسلم.
سد “الفرع” لم يصمد هو الآخر أمام قوة المياه. من هنا تدفق السيل في الوادي نحو الجنوب ليسقي البطاح في “اتويزكت” و “آكويليل ارفايك”.
الطريق إلى دمان سالك لجميع أنواع السيارات. يبدأ عند هضبة تماكوط الوقعة على 40 كلمتر على الطريق المعبد الرابط بين أكجوجت عاصمة ولاية إيتشيري والعاصمة الموريتانية نواكشوط. تماكوط هي أول مرتفع صخري يراه القادمون من الجنوب.
يتجه الطريق نحو الشرق غلى امتداد 30 كلمترا. يمر قرب مساكن أهل مالك عند شلخت لحويرة، ثم أهل حيمدون جنوب الشلخة التى تنمو فيها بعض الرمال لكن السيارات تجتازها بسهولة، ثم أهل محمذن، ثم أهل ببوط على اليمين عند شلخت أهل انداري، قرب أهل بداهي وأهل عبد الله ولد بورقيبة، ثم أهل علين عند مصب تكفل في الخط، ثم أهل بورقيبة بين شلخت لحمار وادويورات، ثم أهل الشام ولد زيدان وأهل ساليم ولد بكرن وأهل اعميرات وأهل المهدي، عند شلخت صوب راصُ (نبتة جميلة أزهارها ملونة)، ثم أهل محمد بلال عند آكويليل الطلحاية، ثم أهل الطاهر، ثم أهل محمد ولد المامي، ثم أهل انداري ثم أهل . أحمد ولد لخويطر وأهل بمب و أهل محمودن وأهل الساموري كلهم عند الجانبي الغربي من قرارة دمان على اليسار، وتتفرع طريق إلى الجنوب نحو الحي الرئيسي (الحاضرة) عند “الفرع”، حيث المسجد الجامع والمدرسة والنقطة الصحية، شمال منازل أهل عيين وأهل إفكو.
هنا شجرة وارفة الظل شرق القرارة تدعى “كوديوار”، كانت هنا منذ زمن بعيد، تقول تاني منت لخويطر “محمد ولد لحويج (ويج) رحمه الله، هو أول من سماها بذلك الاسم، وكان يلتقي بالناس تحت ظلها، لتدارس شؤون القرارة”.
وقرب بئر انكامري، غير بعيد من كوديوار، تنمو نبتة عجيبة “أم لكفيفات” تستحي من ظلها مثل دوار الشمس، أخصانها دائما تبقى متجهة نحو الشمس.
- قرارتا “دمان” و “لمدنه” جزء من تراث عريق، شفهي في الغالب، يحكي قصة كفاح من أجل البقاء، ولهذا التراث مكانته الراسخة في وجدان ساكنة تلك الربوع، وأحيانا يتعاطى السكان مع ” القرارتين” لا من حيث أهمية محصولهما من الزراعة المطرية فحسب، بل لإحياء تاريخ حافل بالتكافل ورثوه جيلا عن جيل.
بعضهم حضر إلى “دمان” لصلة الرحم، والمساعدة في تسييج القرارة، ويؤكد بعض من التقيناهم، أن كثيرين يأتون في مثل هذا الموسم، للاستجمام، وليتغذوا بمحصول الحبوب الرفيعة، فهي بنظرهم “شفاء من كل داء” ربما لأن تربتها بكر، لا تحتاج إلى سماد، ولأنها تسقى بمياه الأمطار. سنادها ظبيعي تأتي به السيول من بعيد خلال رحلتها الطويلة.
- محمد ولد الدح أحد الوجهاء التقليدين، يحرص – كما أترابه من فتيان الحي – على نزع الأعشاب الضارة “الكَجي” بعد القيام بنثر البذور “التَّبي”، لكن هذه العملية تتم الآن بوسائل بدائية “أواجيل”، ولذلك ويتطلع إلى مساعدة الحكومة لتطوير الزراعة هنا بتوفير الآليات المتطورة والكادر الفني المتخصص، خاصة، يضيف ولد الدح أن مزرعتي دمان ولمدنه هي الأفضل من حيث جودة التربة والمياه على المستوى الوطني، حسب تعبير ولد الدح.
وغير بعيد من ولد الدح ينتظر ديلول وبقلب واجف، أن يتمكن القوم من حل مشكلة السياج.. وقد جاء من بعيد مشيا على الأقدام ليساعدهم في ذلك.
من جانبه يتطلع أحمد ولد الخالص إلى دعم الحكومة للمزارعين، ويذهب في هذا السياق إلى أنهم بحاجة إلى أن تشتري الحكومة المنتوج بسعر يتناسب مع التكاليف، كي لا يفرضهم الحال علي بيعه بثمن بخس، الأمر الذي يمكن في نظره من توفير البذور المحفوظة بنوعيات جيدة في الموسم القادم، لأن الدولة أقدر على حفظ تلك البذور من عامة المزارعين، والمزارعون يفضلون بذور قرارتي دمان ولمدنه عالية الجودة على غيرها.
بعض الحقول تركت بعد أن عجز أصحابها عن نزع الأعشاب الضارة التي تنمو بسرعة على حساب الزرع.
نزع الأعشاب الضارة عمل شاق يتطلب جهدا عضليا كبيرا، مع الكثير من الصبر والمثابرة.
الصبر هنا هو سيد القيم، الناس مقبلون على شأنهم، يرعون مواشيهم، ويحرثون مزارعهم، يبيعون ما فاض عن حاجتهم في المدينة ليجلبون بثمنها ما يحتاجون إليه من بضائع. درهم لدنياهم أو حسنة لآخرتهم.
الناس لا يخضعون لمفاهيم المكان والزمان عند أهل المدينة، فلغة الزمن موقعة بأوقات الصلاة : “فلان جاءنا قيل الظهر أو بعد العصر”، وأوقات الصلاة تقاس بعدد الأقدام للظهر والعصر حسب الفصول في هذه المنطقة الصحراوية الجافة حيث الشمس لا تغيب في الغالب، لا تحجبها البنايات ولا الغيوم، إلا غيمة عابرة.
وعندما تغيب الشمس ليلا تطلع النجوم. تتحدد الفصول والاتجاهات والتوقيت بحركة النجوم، وطلوع المنازل، منازل القمر : الصيف بالنطح والبطين والثريا والدبران يسمونه القبلان للفأل الحسن، يقولون إنها نجوم الحر، والهقعة والهنعة يسمونها “المشبوح”، والذراعان، ذراعا الأسد.
أما نجوم الشتاء فتبدأ هذه الأيام بالنعائم في الرابع من يناير.
ترى النعائم بشكل ظاهر = = صبيحة الرابع من يناير
“بلهادي” أو النجم القطبي يحدد جهة الشمال، وفي بعض الفصول يرون سهيلا في الجنوب.
يعتمدون التقويم الشمسي لتحديد الفصول والتقويم القمري لتحديد الأعياد.
مر عيد رأس السنة هنا هذا العام 2011 ولم يشعر به أحد. لم يحتفل أحد في ربوع دمان بعيد الميلاد، كان ليلة السبت، لكنهم احتفلوا كعادتهم ليلة الجمعة، بالمديح.
تقاس المسافات القصيرة بالشبر والذراع. وتقاس المسافات البعيدة بالرمي “زركت دبوس” أي رمية عصا، وبالصوت “عيطة”، وبالرؤية “شوفة”.
المختصون في درس الفقه من الشيوخ يقيسون مسافة قصر الصلاة، بالميل، والفرسخ، والبريد. وأحيانا يقيسونها بالمسير للراجل أو لراكب الإبل، يقولون إن مسافة قصر الصلاة “مقيل”، أي إذا سار الرجل المتوسط منذ ساعات الفجر الأولى على قدميه إلى وقت الزوال دون توقف فإنه يكون قد قطع مسافة قصر، وأن دمان يقع على تلك المسافة جنوب شرق مدينة أكجوجت عاصمة ولاية إينشيري.
يقال إن القرءان العظيم والليل وعرض إينشيري متساوون في الطول، وتقال ايضا عن كثيب آكشار، رواية عن أحمد مسكة ولد البخاري ولد المكي إنه جربها بنفسه.
المساحات الزراعية تقاس بالنفقة “النفكة”، وأربعة منها مُد، وذلك حسب كمية البذور من الزرع. وعلى ذلك الأساس يتم حساب أجور العمال في المزارع.
- تقول فطمة بنت السبتي ردا على سؤال : كيف تخرجون زكاة الزرع؟
“كانت والدتي تعد السنابل، وبعد كل تسع سنبلات تخرج العاشرة للزكاة”.
لكنهم بالمقابل يجيدون استخدام الهاتف النقال، والطاقة الشمسية والغاز المنزلي والسيارة والصهاريج البلاستيكية لتخزين المياه.
- يشربون ماء بنشاب المعدني يجلبونه من أكجوجت والفتحات في شاحنات الصهاريج.
مساحة خضراء تفصل دمان عن لمدنه ترعى القطعان فيها نبتة ثمينة تسمى “اجرجير”. تكاثرت هذا العام شمال القرارة، تضفي أزهارها على المكان رونقا خاصا، غير معهود في الصحراء.
- هذه لمدنة تلبس هي الأخرى حلتها البهية، تزهو بأعشاب “تاطرات” الخضراء.
في هذه المنطقة تنمو أعشاب ووذن النعجة، اربيعت لمعيز، تكنكليت، بدباده، اغجبط، أمشال، تزوكنيت، إفلش، أغملاش، لحبالية، إليف لحمار، اظعيفة، آكشيت، السّعْدْ، آوجيج ، القرظوفة، الطير ، الذنبان، ذات الرائحة العطرة.
- أكمل السياج يوم السبت الثامن يناير، وأغلق بابه أمام المواشي ليعود الرجال إلى المزارع، التي تحتاج إلى جميع السواعد، قبل الحصاد.
خطر آخر يحدق بسنابل الزرع قبل موسم الحصاد، ربما يكون أشد عليها من المواشي السائبة، خطر لا يمنعه السياج، يأتي من الجو. ذوات المناقير الحمر من الطيور جعلت من الزرع في القرارة قوتها المفضل.
المزارعون هنا يقولون إن الحرث إذا صلح لا تضره الطيور ولا المواشي ولا الحشرات ولو كثرت، فذلك رزقها، فرغم كل الآفات يقطعون منه الزرع الكثير.
السنابل تسقط وتحتاج إلى تقويم، والطيور لها بالمرصاد، والأعشاب الضارة، والحشرات.
تعود العالية مع أمها حسنة وأختها الناجحة إلى مزرعتهن لتقويم الزرع وربط بعضه ببعض كي لا يسقط فتلتهمه الحشرات قبل الحصاد.
فشلت جميع محاولات تطوير الزراعة في دمان ولمدنة. جميع هذه الحقول مزروعة بالعمل اليدوي، أيدي الرجال وأيدي النساء، وبوسائل بدائية : “الرشاخ” و”التباي” و”أواجيل”.
في الموسم الماضي قدمت الحكومة آليات وصفتها آنذاك بالمتطورة والهامة لكنها كانت نكتة، فهي عبارة عن مجرد “جرادات حديدية صفراء غير قادرة على الطيران” حسب وصف المزارعين، فبقيت مرمية في العراء لا تصلح أن تكون لعبة للأطفال، قكيف بها للاستصلاح الأراضي الزراعية الكبيرة ؟
الناس هنا ينظرون إلى الحكومة إلى أنها شيئ يأتي ويذهب، وكذلك السياسة. لا يوجد في دمان شرطة ولا حرس ولا مجلس بلدي فهم غير مشمولين بالتقطيع البلدي، فلا وجود دائم للدولة ما عدى النقطة الصحية والمدرسة.
لافتة من بقايا الموسم السياسي الأخير، تحمل اسم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، بقيت هنا على هذا الكوخ الخشبي المتواضع، شاهدا وحيدا على أن أهل السياسة مروا من هنا ذات يوم,
وفي المساء تجلس العالية في زهو بين ذويها، بعد عودتها من المزرعة، وإكمال المهام المتعلقة بأبويها عند ادويورات، لتصنع الشاي في جو عائلي مريح قبل أن تلتحق بجاراتها عند “المدح” مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مَدْحْ انبينا فلفمْ احْلَ
يَلِّ ما تَعْرِفْ لُ صيفَ
التَّمْرَ تنبتْ فالنَّخلَ
والحَدْجَه تنبتْ فِليفََ
في لحن “وَنِّ يالروضة الشريفة” الضارب في القدم.
رب غيث إلِيفت لسْلام
ضعفت والثمرة خفيفة
ولها عادت فالضعف أعوام
رب تنشر ذيك إليفه
الناس هنا مرتبطون بهذه الأرض، إنها أرضهم، وأهلها أهلهم، يقولون :
يا ملانَ لا تزركْنَ
للناس الِّ ما تعرفنَ
ألبْلاد ال ما كط اسمعنَ
واحْنَ فبلدْنَ تايْبين
والَّ ماهُ تايبْ منَّ
لا تكبَظْ فذْنوبُ لخرينْ
يعتز الأهالي في ربوع دمان بإتقانهم لفن المديح بجنسيه الشعبي والفصيح. لديهم مداحون كبار يحفظون المدح القديم يمتازون بحسن الأداء أمثال عبد الله ولد بورقيبة وساليم ولد بكرن ولخليفه ولد لفيللي، ودهمش.
يرددون بصوت شجي :
نبي الامة هدينالُ
يا ربِّ زوَّلْها وَخْمَه
اطوالتْ واخْلفْنا حالُ
واعلينَ تنزلْ بالرَّحمة
َدمانْ ألمدَنَّه سالُ
إعداد وتصوير
وكالة صحفي للأنباء – سيد احمد ولد مولود
ساعد في التحرير : عبد الله ولد اشفغ المختار
تاريخ النشر الأول : 13 يناير 2011
- تقرير مرخص للنشر بالكامل لكافة الصحف والوكالات.