البرنامج الرعوي الخاص من المسؤول عن تعثره؟

  • أطلقت الحكومة الموريتانية برنامجا رعويا طموحا أسمته البرنامج الرعوي الخاص 2020، وقد علق عليه المنمون آمالا كبيرة، نظرا لخصوصية وضعية المراعي التي ازدادت حرجا بمنع المنمين من الانتجاع فى أراضي الدول المجاورة نظرا لجائحة كوفيد19 التي غيرت برامج العالم كله، متقدمه، والسائر منه فى طريق النمو ..
  • وقد انقسم هذا البرنامج الى ثلاث مكونات، بدأ بالفعل تنفيذها متزامنة على عموم التراب الوطني.

وفى ولاية العصابة حيث تم تخصيص كميات معتبرة من الأعلاف وكذا الأدوية الحيوانية إضافة الى إنشاء نقاط مياه جديدة
وصيانة نقاط أخرى كانت قائمة، فإنه ما يزال يلاحظ الكثير من الاختلالات سواء فى خطط التنفيذ وكذا فى القرارات الحكومية على مستوي السلطات العليا.
– مكونة الأعلاف: لقد شابت هذه المكونة عدة أمور كادت تعصف بها مما تولد عنه ارتفاع كبير فى اسعار الأعلاف تراوح بين زيادة 800 الى 1000أوقية قديمة على ثمن الخنشة الواحدة.
ويرجع المراقبون هذا الارتفاع الفاحش فى أسعار الأعلاف الى اطمئنان التجار الى استحالة ان تنجح الخطة المتبعة فى تلبية الحاجات المتنامية الي هذه الأعلاف بشكل يغني المنمين عما فى الأسواق. وذلك رغم أن لجنة التقسيم حددت سقفا يوميا للبيع 145 طن من الأعلاف، 95 طن من القمح، و50 طن من ركل، وباشرت معاينة قطعان المنمين فى أماكن تواجدها سعيا الي التحقق من وصول الأعلاف الي مستحقيها، بعد أن كادت الطوابير تعصف بالعملية برمتها، حيث أصبحت وسيلة متاحة لكل فاقد شغل سعيا الى بيع الرخص للمنمين الذين تمنعهم ظروف القيام علة قطعانهم من الاصطفاف فى الطوابير.
إلا أن تقيد السلطات الإدارية بتعليمات اللجنة الوطنية لتسيير البرنامج، جعلها فى وضع لا تحسد عليه؛ فهي مسؤولة عن نجاح عملية مربوط تسييرها بجهات اخري مشهود لها بعرقلة أي خطط من هذا القبيل.
تتشكل لجان تسيير الأعلاف من الحكام/ والعمد، وهيئات المجتمع المدني المعنية. يعمل الحكام كمشرفين مباشرين، ويشكلون حلقة الوصل بين اللجنة الجهوية للإشراف علي تنفيذ الخطة برئاسة الولاة وعضوية القطاعات المعنية: مفوضية الأمن الغذائي، ومندوبية التنمية الريفية والزراعة، ومندوبية المياه، اضافة الى جهات المجتمع المدني العاملة فى الميدان.
تخصص مفوضية الأمن الغذائي راتبا شهريا يبلغ مائة ألف أوقية قديمة لكل بلدية، مع ثمن ايجار محلات تخزين الأعلاف على مستوى نقاط البيع الواحدة والثلاثين فى عموم لعصابه، كما تتحمل تكاليف توصيل الأعلاف لنقاط البيع جميعا.
وتتولى مندوبية التنمية الريفية والزراعة تنفيذ مكونة الأدوية، كما تشارك فى لجان التوزيع؛ باعتبارها الجهة العارفة بالمنمين والقادرة علي التحقق من دعاوى الانتماء لهذه الفئة من الشعب.
أما إدارة المياه، فقد وكلت إليها وزارة الزراعة والبيطرة الإشراف على مكونة المياه، باعتبار الاختصاص .
وقد باشرت إدارة المياه حفرا فى بلدية تناها: العين البيظه، وأخر فى القايرة: اقان القايرظ، كما تتولى صيانة وتسيير نقاط المياه القائمة فى المناطق الرعوية والبالغ عددها 11 تقع فى بلديات هامد، وابلا جميل، وتناها، وتزمع حفر نقاط جديدة فى لخريزة، وتاسكاست، واقني الغظف.
وقد قسمت مندوبية التنمية الريفية والزراعة ولاية العصابة الى ثلاثة محاور باشرت فيها منذ فترة، تنفيذ مكونة الأدوية الحيوانية.المحور الأول: كنكوصه، والمحور الثاني: باركيول وقرو، والمحور الثالث: بومديد وكيفه، وقد باشرت فرقها التنقل بين قطعان الحيوان المتواجدة فى المحاور المذكورة، وقامت بعلاجها بالأدوية المختلفة: مضادات حيوية وفيتامينات ومقويات كالحديد .. حسب افادات المنمين المستفيدين، حيث يتم ملء شكليات تبين نوعيات التدخل وطبيعته وحجمه، حيث يسهل – بالعودة إليها – التحقق من مدى دقة تنفيذ هذا التدخل. وقد تحققت وكالة صحفي للأنباء من مدى دقة التدخل العلاجي على مستوى مقاطعة بومديد، فتبين وصوله الى كافة المنمين فى المقاطعة، كما لاحظ عزوف بعضهم عنه بسبب ثقافة بعض المنمين التي ما زالت تعيق القطاع.
أما مكونة الأعلاف فقد جابهتها عوائق جمة حدت من نجاعتها، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات الإدارية المشرفة والمنفذة علي حد السواء. ورغم ذلك فقد بدأت هذه الجهود تحاصر تلك المعوقات بعد تحييد بعض مفتعليها وابتعاد البعض الآخر ذاتيا بعد ان حقق ما كان يصبو اليه من غايات شخصية او اجتماعية.
وفى الوقت الذي تشرف المرحلة الاولي من العملية على نهايتها لا زال بعض المنمين يشكون من الحرمان منها، وتشكو بلدات بكاملها من الحرمان كذلك؛ يشكو الكثيرون ممن شملت بلداتهم زيارات فرق التوزيع من عدم إحصاء قطعانهم ومن حرمانهم، بالتالي من الاستفادة .

  • من يقف وراء تعثر برنامج اعلاف 2020؟

تمثل العائق الأول فى تأخر وصول الأعلاف الى البلاد ابتداء مما نتج عنه تفويج وصولها الى نقاط البيع بشكل أخر البدء فى التوزيع من البداية وكذا التقليل من كميات البيع فى انتظار اكتمال وصول المتبقي منه مخافة انقطاعه.
ثاني عثرة تعرض لها برنامج الأعلاف تمثلت فى التحويلات الإدارية التي أخرت بدء تنفيذه .
وكان العائق الثالث أساسا لجان التوزيع المقررة من الجهات العليا والتي توزعت فيها المسؤوليات بين جهات متعددة يتولي فيها العمد عمليات التوزيع، مما انجر عنه سيل من التهم بالمحاباة والزبونية، ألجأ الحكام فى بعض الأحيان الى تولي مباشرة التوزيع عبر هيئات مدنية كروابط المنمين ذوى التجارب السيئة فى ميدان التقسيم، وكذا ممثلي البلديات المشهود بعدم نزاهتهم ..
وقد تأكدت وكالة صحفي للأنباء عبر مصادرها داخل هذه اللجان من اعتماد تسجيل المستفيدين على الأرقام الوطنية لمن يرغبون فى إشراكهم، مع تجاهل المرور ببعض البلدات الداخلة فى دوائر تحركاتهم، وحتي برفض تسجيل بعض من عاينوهم، كما تبين الشكاوي المعروضة أمام السلطات الإدارية المختصة.
لقد تحقق تجار الأعلاف من استحالة تغطية الأعلاف الحكومية لحاجات المنمين، نظرا لهذه العوامل ولغيرها، وباشروا ترفيعا متزايدا لأسعارها بعد ان احجموا عن استيرادها قبل بدء تنفيذ الخطة، وحين انسوا فشلها رجعوا لاستيرادها من وسطاء مدركون لتوقف مصانعها وواعون لما وقع فيه المنمون من ورطة، ومستعدون للزيادة فى خلط الأوراق، حتي لا تكون فتنة، وتكون النتيجة ثراء فاحشا على حساب منمين مسَّهم وأهلَهم وحيواناتهم الضر، بعد ارتفاع حاد فى أسعار الأعلاف، وهبوط شديد فى أثمان حيواناتهم؛ حيث لم تعد أثمان بيعها قادرة على دفع تكاليف إنفاقها، وأصبح التمسك بها دون إنفاق أمرا مستحيلا؛ لخلو المراعي من أي غطاء نباتي، إلا ما تم تسييجه بأموال الشعب العامة على انه مزارع، قبل أن يظهر على حقيقته: محميات رعوية تستأجر بمئات الآلاف من الاوقية.

  • الحلول

تصعب الحلول لهذه الوضعية، لكننا حددنا حلولا ممكنة وسهلة ومضمونة النتائج إذا صحت المعلومات التي استقينا بعضها من الجهات الفنية المختصة وبعضها الآخر تحصلت عليه وكالة صحفي من مصادر ميدانية داخل الأسواق، بينت شهاداتهم وجود أفراد يعرضون كميات كبيرة من الأعلاف الحكومية للبيع.
يتعين إجراء تحقيق دقيق يمكن من معرفة مدى التطابق بين معطيات أساسية :
– للتحقق من مدى تطابق الكميات التي قدمت بها أوصال للمستفيدين مع الكميات التي دفع المستفيدون أثمانها فعلا داخل حسابات مفوضية الأمن الغذائي.
– التحقق من مدى تطابق المبيعات مع الكميات المسحوبة فعلا من محلات التخزين.
– التحقق من حركة تزويد السوق بهذه المواد خلال الفترة التي شملت تقسيم أعلاف البرنامج الحكومي .
إن وجود ثغرة كبيرة بين هذه الأرقام، تنم عن تفسير ظاهرة ارتفاع أسعار الأعلاف رغم بيع كميات كبيرة لو أخذت طريقها الى المنمين لكانت غطت احتياجاتهم لا محالة؛ فالكل يجمعون على أن حجم حركة بيع الأعلاف يتنافى مع عجز التغطية الحاصل وأن تصريحات الجهات المختصة عبر وسائل الإعلام الرسمية تثبت بيع كميات كبيرة من الأعلاف يتأكد من خلال معلومات فنية اطلعت وكالة صحفي للأنباء على بعضها .
لا يمكن أن ننطلق فى تحليل واستخلاص النتائج إلا بالاعتماد على مصادر الأخبار والعهدة على الجهات المختصة التي لا ينتظر من معلوماتها أن تكون مضللة.
إن عمليات إجهاض برنامج أعلاف 2020 تزعمه المواطنون أنفسهم حين أراد كل فرد من كل أسرة أن ينتحل صفة منم التي لا تنطبق إلا على جزء يسير من هذا الشعب، وبما أن التجار هم الجهة الوحيدة المستفيدة من هذا الفشل، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تتم تبرئتهم من العمل على إرباكه، وبالتالي إفشاله. وأن سياسة الحكومة – التي ألف الناس ان تسحب بيد ما قدمته بالأخرى – تشكك على الأقل فى سلامة الاجراءات المتبعة، مما قد يحول دون أي تحقيق يعري لغزا محيرا يتساءل عنه كل الناس: لماذا دخل البرنامج الرعوي الخاص 2020 فى غيبوبة منعت تحقيقه أهدافه فى ظرف زمني حرج؟ أم أن مهندسي تصفية البرامج من عهد العشرية – وما تقدمها من حقب الفساد – ما زالوا يتحكمون فى مفاصل القرار؟ وأنهم استفادوا من تجربة كوفيد 19 فتعذر على تعهداتى مجابهتهم، وفضلت الاستسلام وسياسة تفويج الفساد، نظرا لاستشرائه فى القطيع الذي وكلته الى نفسه، وفضلت حكمة “ال ما ابق راصو لا الحقو بيه ..”
فيا شعب الغثاء والغباء: “يداك اوكتا، وفوك نفخ”، ويا مهندسي التصفية: “عمتم صباحا، أمامكم مستقبل مشرق، لن يكدر صفوه شيء، ما دام الشعب هو الذي يبقر بطنه بيديه !!؟ …

محمد المهدي صاليحي
وكالة صحفي للأنباء
مكتب لعصابة

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى