عيد سعيد

تعد الأفراح إبان المناسبات مدعاة للحديث عن البذخ والتبذير ويشمل الأمر فترة رمضان وأثناء الأعياد وأفراح العقيقة والزواج.

ونحن أثناء الحديث عن هذه المواضيع لا نريد أن نفرض رأْيا معينا علي أحد بل نسعي لمشاركة الجميع الآراء التي تثيرها مناسبات الأعياد لنتمكن جميعا من أن ننور المجتمع بما نملك من أفكار طيبة قد تساعد في التغلب علي مختلف الإكراهات الاجتماعية التي تفرضها التقاليد البالية علي أفراد المجتمع الموريتاني.

لقد تعمق في نفوسنا ما نقل عن الجدات “أن العيد يوم أكل وشرب وتزين” ولعل هذه السمات هي ما جعلت الجميع يري فيه مناسبة مسرفة للمصاريف الباهظة؛ في الوقت الذي يمكن أ ن نأكل ونشرب ونتزين دون إسراف ولا تقتير.

إن العيد مناسبة ذات أبعاد متعددة تتجاوز الأكل والشرب والتزين نذكر منها: أداء زكاة العيد وما ترمز له من تكافل وتذكير للأغنياء بأحوال الفقراء وضرورة التضامن معهم كما أنه مناسبة لصلاة الفطر التي أداها الرسول وصحابته ودعوا الجميع لحضورها رجالا ونساء وأطفالا لتكون فرصة يظهر فيها المسلمون قدرة علي الانسجام والالتحام والتوحد وهم يؤدون هذه الشعيرة المباركة.

كما يعد العيد مناسبة لصلة الأرحام والتسامح بين مختلف الأحباب والأقارب والجيران.

هو كذلك مناسبة للترفيه عن القلوب ساعات العيد بعد شهور من الجد والعمل وذلك بتنظيم الاحتفالات والابتهالات الدينية ومختلف المدائح النبوية الشريفة ويستغله البعض لتنظيم الندوات الثقافية والفكرية التي تعبر عن معاني العيد وما يرمز له من سجايا ومثل. كما أنه مناسبة للزينة ولباس الجديد وإظهار البهجة وأكل الطيب.

أين نحن من هذه الصفات الحميدة للعيد؟ وماذا يتم أثناء الأعياد فعلا؟

قد تختلط علينا الممارسات فبدل أن نفرح ونظهر الإبتهاج دون اسراف؛ ننجر نحو التبذير والبذخ؛ نحن مطالبون فعلا أن نلبس الجديد ونشتري للإطفال الملابس والألعاب الجميلة ونرفه عنهم أيام العيد ونتجنب إغاظتهم مهما كان الأمر.

نحن كذلك مدعون لإظهار البهجة والسرور من خلال إعداد مائدة الأسرة بشكل يتناسب مع الإمكانيات ومطالبون أن نصل أرحامنا ونزور ذوينا وأصهارنا واصدقاءنا ونقدم للجميع الهدايا ونتمنى لهم عيدا سعيدا ونشاركهم أفرحهم بكل معاني الكلمة.

لاشك أن كل ذلك يتطلب مصاريف لا يستهان بها؛ لكن الهدايا علي مقدار مهديها.

فكيف إذا لنا أن نقوم بكل هذه الواجبات دون أن نقع في الإنزلاق وننحرف عن معاني العديد التي نصبولها؟

إنها مسألة صعبة لإنها متعلقة بعقليات راسخة تخلط بين العادات السلبية والتعاليم الدينة والحاجيات الضرورية.

إن مواجهة سلوك التبذير صعبة ومعقدة ولكنها ممكنة التحقق إذا توفرت الإرادة الصادقة؛ فعلينا ان نلبس الجديد دون ان نغالي؛ كما يمكن أن نقيم المائدة المناسبة للعيد دون الحاجة إلي ذبيحة؛ ويمكن للنساء أن يتخضبن بالحناء دون الإفراط في اشكال الخضاب الغالية الثمن؛ فلا إفراط ولا تفريط والفضيلة دائما بين رذيلتين ومن المطلوب أن ينفق كل ذي سعة من سعته ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

من الأفكار التي تثار كثيرا في زمن العيد اتهام النساء بالتبذير فما سبب ذلاك؟وما هي مسوغاته المادية والاجتماعية؟

هنالك سبب عام يتمثل في تحميل المرأة مختلف السلبيات دون اعتماد الموضوعية؛ ولكنه توجد اسباب حقيقية تبرر اتهام المرأة بهذا النمط من التفكيروالتصرفات نذكر من ذالك:

-أن الإمكانيات الإقتصادية لدي المرأة شحيحة وقد تكون غير موجودة في الوقت الذي تحاط بالكثير من الحاجيات التي لاتجد مصدرا لقضائها؛ ويري المجتمع إلزامها بها فتتوجه إلي الأهل: الأب والزوج والإخوة ومختلف الأقارب لقضاء تلك الحوائج؛ ويزداد الأمر حدة إبان الأعياد؛ حيث تتزاحم الحاجيات لتوفير اللباس و الحناء وتوفير مختلف أدوات التجميل ومختلف الهديا الملزمة اجتماعيا بتقديمها؛ إلي جانب إعداد الموائد وتجديد أثاث المنزل وغير ذلك من موجبات الصرف.

وبما أن أغلب مصادر مصاريف النساء يوفرها الرجال؛ عندها تتضخم تلك المصاريف في أعينهم وقد تحرق تفكيرهم ؛فيكثر الشكواء من طلبات النساء و تبذير هن؛ في الوقت الذي تكون المصاريف غالبا في حدود المعقول.

-ان الأطفال أيام الاعياد يتوجهون إلي الأمهات بالحاح لقضاء تطلعاتهم في الأعياد ويعرفون أن الأم تسعي إلي تلبية رغبات ابنائها بسرعة دون غيرها نتيجة لغريزة حنان الأمومة مقارنة بما قد يجدون من الجفاء لدي الآباء وهو ما قد يمنعهم من توجيه الطلبات نحوهم.

• -أن لدي المرأة وضعا أسريا يفرض عليها انفاقات متعددة تجاه الوالدين والاقارب والأصهار ورواد المنزل الذين يتوجهون إليها في مثل هذه المناسبات؛ فإلي من ستتوجه المرأة أمام مختلف هذه الواجبات ؟ لاشك أنها تتوجه إلي الرجل بوصفه الكفيل ولكنها؛ تفكر أكثر كيف ستواجه الإمتعاض من طلباتها وواقع قصر اليد المقيت لديها والدافع إلي الاستجداء؛ فداخل أذنيها تتردد أصداء شعارات:المرأة مبذرة وغير منصفة وطلباتها تخالف الواقعية وجانحة لتقليد من هن في غير مستواها وتكلف الرجال ما لا يطيقون….إلخ.. أسئلة نطرها للتفكير؛ يمكن الإجابة عليها من قبل الجميع.

• فكيف يكون وضع الرجل إبان الأعياد والمناسبات الاجتماعية المختلفة؟ إنه وضع لايحسد عليه؛ إنه مطالب بقضاء حاجيات الأسرة في مختلف الظروف بمافيها الأعياد؛ ومع ذلك فلا ينبغي أن يظهر الضعف أمام المجتمع؛ فهو رجل؛ وهو ما يعني القوة والقدرة علي تحدي الصعاب؛ بمافيها مختلف المصاريف؛ وهومكلف شرعا بالنفقات فعليه أن يستجيب لكل طلبات الاسرة؛ ومن هذه المعاني قد توجه إليه طلبات غير قابلة للتحقيق وخارجة عن حدود الإنفاق واللياقة وأخري ضرورية وقابلة للتحقيق.

• لكن الرجل مؤهل نفسيا لذلك فعليه أن يتدبر لإمتلاك الإمكانيات فيمارس مختلف الأعمال المنتجة التي لا تستطيع المرأة ممارستها في الوقت الحاضر وغير مؤهلة لها حاليا فهو يمتلك وسائل الإنتج وأدواته ويتحكم في المصادر فلا غرو إذا وجهت له مختلف الطلبات الأسرية..

إن الرجل يصرف علي نفسه دون امتعاض في الوقت الذي يشتكي من طلبات المرأة والأطفال؛ فكيف نوفق بين حاجات الأسرة بما فيها مصاريف الرجل؛ وتذمر الرجال من مصاريف العيد وغيرها من صنوف الإنفاق؟

سؤال كبير ومتجدد مع تجدد الحاجيات الأسرية؛ للتصدي له نقدم بعض الاقتراحات التي تسعي للتخفيف من وقع المصاريف الاجتماعية كلما تجددت مناسبات الأعياد وما يصحبها من حاجيات قد تدمر الأسرة وترهق ميزانيتها؛فنرى ضرورة أن تسعي الأسر الموريتانية إلي:

– تكوين صندوق خاص للتوفير؛ يسعي لتغطية نفقات الأعياد ومختلف المناسبات الاجتماعية مثل العقيقة وزواج الأبناء ونفقات العطل والعلاج ومختلف الظروف الطارئة.

– أن لا نصرف إلا علي الأمور الضرورية المتعلقة باللباس والمعاش والسكن؛ ونصرف علي الكماليات حسب الأولويات لا حسب الرغبات.

السالكه بنت اسنيد

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى