إذا الشعب يوما أراد الحياة ……… فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي………. ولابد للقيد أن ينكسر
كلمات الشاعر التونسي ألهمت شعبه بعد عقود من الدكتاتوريات والظلم طريق الخلاص، وأذكت غضب شعب عربي شقيق وجعلته يخطوا بثبات وإصرار إلي الحكم الديمقراطي التوافقي . وكان شعار :”الشعب يريد” ترجمة مباشرة لبيت الشاعر الشاب (أبو القاسم الشابي). إن الشعوب يقودها أباء مخلصون يتمتعون بثقة الجميع نتيجة تراكمات من التضحية و الخبرة والعطاء ،فكيف لشباب مغمورين وقيادة ساقتها الأقدار إلي الحكم أن يغيروا من طبيعة الأشياء ..؟
الشعب هو الركن الأول في بناء الدولة الحديثة وهو ليس الشباب وحده ولا الشيوخ وحدهم أو الأطفال أو العجائز . إنه مجموع السكان في البدو والحضر في المدن والأرياف ، الصغير والكبير في تناغم وانسجام .
إن الشعب الموريتاني يقف اليوم أمام توظيفات خطيرة علي بناء دولته ومقومات نهضته .إن استخدام مفاهيم التجزئة، والتفرقة ، للإستهلاك السياسي، هو حيلة من حيل الأنظمة الإستبدادية والرجعية العربية.. إن الفقراء جزء أصيل من هذا الشعب وقد استغلهم هذا النظام في موجة الإنقلاب الأولي،ويراد اليوم أن يكون الشباب هو وقود الحملة الثانية لرآسة فرضت في أو لها بالقوة وفي آخرها ب”الحق” المنبثق عن القوة .
لابد أن من بين الشباب المجتمع بالرئيس من درس في المرحلة الثانية ، وقد تعلموا فيها : “أن الحق لا يعارض الحق بل يدعمه ويشهد عليه “(إبن رشد) ..ولو كان لقاؤكم من أجل الحق والبناء والتغيير لما تخلف عنه أحد، ولما استبعدت منه شرائح بكاملها .. إن الحق هو ما يدفع الجميع إلي محو الفوارق والإنصهار في بوتقة الوطن . والظلم هو ما يفرق الناس ويجعل الأنظمة تلعب علي أوتار التجزئة العمرية تارة، والمهنية تارة أخري، وحتي الفئوية أحيانا ..
إن من يمثل الشعب الموريتاني هو من يتقدم صفوفه في النضال والبذل والتضحية من أجل المواطن الضعيف والمؤسسات المنهارة ..من يعرف الجميع عمله وعلمه وقدرته ومن يقدم الدليل الواقعي علي ذلك …لا الذي تختاره الإدارة الحاكمة لمسايرة غرورها ولعب دور في مسرحيتها ..
إنكم أيها الشباب (المجتمع بالرئيس) أفراد من هذا المجتمع لا تمثلون طبعا كل الشباب الموريتاني -وفق معايير التمثيل المتعارف عليها – فليس من بينكم منتخب واحد علي رأس كبريات الإتحادات والنقابات الشبابية الوطنية المعروفة بتصديها للفساد في مؤسساتها التعليمية والمهنية …ولم يتم اختياركم بتوافق الشعب عليكم ولكنكم مختارون بطريقة تعرفونها جيدا .. إننا لا نحملكم أية مسؤولية اتجاه الوطن ..لأن “للبيت رب يحميه” والشعب الموريتاني بشيوخه ونسائه وشبابه يعرف كبقية الشعوب طريقه إلي البناء والتنمية ولن ينخدع بألاعيب ومخططات دعائية وحفلات تمويلية كرنفالية ..
إن الأموال التي صرفت علي ملتقاكم هي من خزائن هذا الشعب الفقير ..والفئة التي يراد لكم تمثيلها :مغيبة، ومجهلة ، ومغربة ، ومهمشة … ولستم إلا جزء منها (مهما حاول إعلام النظام الترويج لغير ذلك) . لكن ما يجب أن يعرفه الرئيس والشباب هو أن الشعب الموريتاني هو صاحب الكلمة الأخيرة ولم يعد يقبل التضليل الإعلامي والتمثيل المسرحي ، فقد مرت عليه مسلسلات ومسرحيات عديدة من حزب الشعب إلي هياكل تهذيب الجماهير إلي حملات (ألذاك يوحل فأكتابو) وصولا إلي رئيس الفقراء ……فهل تنطلي عليه حيلة مكشوفة ؟ وهل سيقبل الشباب الموريتاني المناضل من أجل انتزاع الحقوق أن يلعب دورا في مسرحية رئيس الشباب ؟ بعد رئيس الفقراء؟ وهل سألتم (أيها الرئيس وأيها الشباب)الفقراء ماذا تحقق لهم بعد حملة رئيس الفقراء؟
إن علي الرئيس والشباب أن ينتبهوا إلي أن الظروف العامة والمعطيات الواقعية في عصر الثورات ، جعلت من المستحيل تمرير تلك الألاعيب أو إقناع الشارع بالمظاهر دون الحقائق علي الأرض .و الشعب الموريتاني يعلق آمالا كبيرة علي شبابه وشيوخه وقادته ومثقفيه من أجل إنقاذ دولته من سلطة القوة والحق المفروض وينقلها إلي رحاب الحرية والحق الذي يؤسس القوة المشروعة ويتصدي للعنف والإستبداد والتخلف وسوء التسيير .
إن أفضل ما يمكن أن يعبر به الشباب (في لقائهم بالرئيس) عن قوة الشباب وعفويته وإخلاصه لوطنه هو أن يقولوا لمحاورهم ..شكرا ..شكرا.. لا نريد لأنفسنا شيئا مما تعرض علينا ………ولكننا ندعوك باسم الشعب: أن ترحل ؟
الحاج ولد المصطفي : hajmoustapha@gmail.com