لقاء الشباب..نظرة عن بعد

ما إن أعلنت الرئاسة عن تنظيم لقاء يجمع الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمجموعة من شباب موريتاتيا لنقاش القضايا المتعلقة بالوطن والشباب “وجها لوجوه”،ولإثراء الساحة بأفكار شابة واعية تساهم في تطوير وتنمية البلد النامي-حتى بدأت ردات الفعل تتنكب الوصيد ذات اليمبن وذات الشمال،وراح البعض يسبق اللقاء بتصور المشاركين شكل اللقاء والديكور والمخرجات قبل أن يرى النورمدحا أو قدحا.فلذاك فرات سائغ شرابه، ولهذا ملح أجاج.

والآن بعد أن انقشغ الغبار واحترقت لهوات المشاركين بمرق السلطان والتقطوا صور” الوداع” في القصر الرمادي مع الرئيس بطريقة لاتخلو من فوضوية وعبثية، صدقت ظنون البعض وفرضياته فيما كذب الواقع تنبؤات وتكهات البعض من مختلف المشارب والاتجاهات ،وفي هذا السياق تتزل الملاحظات التالية من من لم يكلف نفسه عناء فتح الاستمارة لأسباب متعددة، وإن مل رؤية وسماع “الدعاية الإعلانية” للشباب والأمل.وتابع ما تيسر وما فهم من ليلتي “اللقاء”.وكأنهما ظل رمح مديد.

– بالتأكيد لقد كانت خرجة إعلامية ناجحة وشخصيا أعتقد أن الرئيس سيستفيد منها في حملته القادمة فليس من السهل اعتبار أن مثل هذا العدد من الشباب وفيهم الصالحون ومنهم –تالله – دون ذلك لايؤثر في مسار الرأي العام، ويضخ ورقة جديدة تعزز موقف ولد عبد العزيز إعلاميا على الأقل.فمن وجهة نظري يتقن ولد عبد العزيز لعبة “اللعب على الذقون بنجاح” ويبدو أنه خبر هذا الشعب وخبر ذاكرته، ففهم من تؤكل “الكتف الانتخابية”

– لايمكن تجاهل أهمية الفكرة في حد ذاتها ،فلا يمكن تصور أمة راسخة البنيان ،قوية الأركان دون أفكار وسواعد شبابها،فالخير كل الخير في الشباب ومن هذا الزاوية يمكن تثمين الخطوة “نظريا” على الأقل.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

فالمتتبع لملامح المشاركين لاتخطئ عينه شبابا ذوي قدرات ومواهب عالية وذي سمعة طيبة في مجالات شتى ،لم تدنسهم أدران التملق ولا تجاعيد”التصفيق” ولا شك أن الاستماع إلى أفكارهم وتبني مخرجات ما يقدمون ستفيد الوطن بشكل عام ،وقد تجلى ذلك من خلال عرض بعض المشاكل الوطنية الكبرى في المداخلات التي شهدتها الليلة الأولى فضلا عن بعض التصورات والاقتراحات التي تخللت خلاصة الورشات.

لكن هذه الصورة الوردية لاتصمد أمام الصور “القاتمة ” التي تخللت اللقاء ،فعكرت صفوه وأسبلت عليه ظلالا داكنة جعلت مثلي يتحفظ على “اللقاء” وإن تشبث بالأمل لشباب هذه الأمة الطيبة .ولعل أبزر تلك الملامح التي شوهت “الصورة هي:

-أن اختيارجميع المشاركين لم يكن وفق معيار علمي رصين فبعض الأوجه المشاركة –تارة بحماس شديد- لايمكن اعتبارها من خيرة شباب البلد معرفة وسلوكا، سيما وأن اللجنة اعترفت باستقبال آلاف الطلبات مما يعني أن ثمة أنامل أخرى غير “علمية” تركت بصماتها على بعض المشاركين، إذا ما استعدنا شريط الإعلان والذي يتحدث عن ضرورة حمل “أفكار أومشاريع ” فبعض الوجوه التي حظيت “باللقاء” تحتاح عمر “لبد” وهمة “إدريس الكامل” لتتحق بالركب ،وإن نافست في التملق والتزلف ولو أسعفها الحظ لكانت تتصدر موسوعة جينيس للأرقام القياسية.وما مناشدة الرئيس أن يترشح وتخويفه بالمحاكمات وتبني “أطفال عزيز” إلا نموذج حي يشجع “نساء عزيز” وكهول عزيز” بل و”تجار عزيز” وضباط عزيز” “ونواب عزيز” و”معاقو عزيز” و”حمالو عزيز” ولا غرو فنحن شعب يتقن فن “التصفيق والرقص والغناء” لساكن القصر لكن إذا غادر نلوح بالأيدي مرددين بحناجر صاخبة…..فلا رجعت ولا رجع الحمار”
-لم يختلف حديث الرئيس أمام “الشباب أنتم الأمل” قيد أنملة عن خطاباته العامة في لقاء الشعب، وفي المناسبات العامة ،حيث يتحدث عن تحسن الأوضاع في البلاد وعن أرقام وميزانية لم يجدها المواطن غذاء يقوي به صلبه، أو لحافا يرد القر والحر، أو دواء يخفف من أنات ألألم، ثم لايلبث أن يدغدغ المسامع بلعبة”الأرقام ” وعن مصطلحات لاتعني كبير شأن للمواطن الذي لايستوعب غير ما يرى بأم عيينة ويلمسه واقعا في حياته اليومية وإن كانت لها دلالاتها عند المتخصصين، لكن تلك الأرقام تتحول إلى أرقام مغلوطة تعتمدها جهات غير “شفافة” يمدها أناس معروفون بالتحامل على الوطن ،فباء”الرئيس المعتمدة على مؤشرات مؤسسات متخصصة “تجر” الاقتصاد من رجليه حتى القمة…لكن “باء ” الشاب الخبير المعتمدة على مؤسسات متخصصة مستقلة لا”تجر” أبدا وإن “رفعت” مداخلته رأسه و رؤوس كثيرين.فتحية له ولمن أحسنوا قولا في اللقاء وقليل ماهم.

-طغت لغة المستعمر على أغلب المداخلات،وعلى تقديم خلاصات الورشات في الوقت الذي تتحدث فيه الدولة عن دستور يعتمد اللغة العربية لغة رسمية للبلاد ،ومن المفزع أن نتصور أن شباب الأمل في موريتانيا لايتقن لغته الرسمية أو على الأقل لايثق فيها، لذا لجأ إلى لغة”المستعمر” مما سيخلق فجوة بين هذا الشباب وبين الشعب، و بينه وبين حضارته هويته.
-تساءل الكثيرون عن تأخر هذه المبادة حتى أشهر معدودة قبل الانتخابات الرئاسية ،وهي تساؤلات مشروعة ،فليس من المنطقي أن يتجاهل الرئيس الشباب طيلة السنوات المنصرمة ثم بقدرة قادر يتذكره على شفا جرف انتخابات رئاسية ..ففي بلد ديمقراطي من الصعب أن يتسلم الرئيس مقترحات يحتاج بعضها ردحا من الوقت قبيل الانتخابات وربما لاتسعفه الصناديق بتنفيذ تلك المشاريع ،أم ان الأمر بالنسبة له ووفقا لمعطيات المعارضة المشتتة أيادي سبأ محسوم سلفا؟من هنا يصبح اختيار التوقيت “موهما” مما يحتم الرجوع إلى التاويل.

-لم يلق الرئيس كبير بال للمشاكل التي طرحها بعض المختصين وخاصة في مواضع حساسة جدا وذات علاقة بحياة المواطنيين يوميا كالغذاء والدواء.فلم نسمع عن قانون جديد ولا مبادرة جدية لمحاربة استيراد المواد والأدوية المنتهية الصلاحية ومعاقبة الفاعلين رغم الحديث المقلق والواضح للمتخصصة في المجال ..ولم تنل ملاحظة الدكتور المتعلقة بنقص التجهيزات المطلوبة أي رد فعل مبشر سوى أن بعض الوزراء يعيدون جزءا من الميزانية ،وأنه لايمكن صرف أوقية دون علم وإذن “القصر” وإن كان لايسعفه الوقت لقراءة أبرز الملفات الهامة..فلعل هذه المواضيع ضمن تلك الملفات التي لم تحظ بقرة عين الرئيس. ،ولعل مثل هؤلاء الشباب سيراقبون مدى التزام النظام يتحقيق هذه المخرجات لصالح الوطن وفي حالة عدم الوفاء بذلك عليهم أن يعلنوها صراحة ويكشفوا الأوراق ..وظننا بأصحاب المشاريع العظيمة والمداخلات الهامة أن يكونوا أوفياء في النهاية كما كانوا صوت المواطن في البداية..وكما أوضح زملاءهم التفاني في التملقر والتزلف والتطبيل.ليس المشمر للعلا كالقاعد.

أحمد ابو المعالي :كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات

Ahmad_aboualmaaly@2hotmail.com

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى