جرأة في الطرح و صدق في المبتغى

تلقت شريحة عريضة من المواطنين نبأ تسوية وضعية “وكلاء الدولة المتعاقدين” و “حمالة ميناء الصداقة” بفرحة عارمة عندما شاهدت وزير الوظيفة العمومية يعلق على بيان مجلس الوزراء الماضي المتعلق بالموضوع و هو يشيد بالاهتمام الذي أولاه المجلس لهاتين الفئتين من العمال.

و قد أظهر هذا البيان بما لا يدع مجالا الشك حرص رئاسة الجمهورية على تعزيز أركان دولة القانون وفق مقتضيات” دولة القانون و العدالة” بين كافة أبناء هذا الوطن ليستحق بذلك البيان قدرا أكبر من الإشادة و التنويه.

و لتحقيق هذه الأهداف المنتظرة كُلفت وزارة الوظيفة العمومية بوضع تصور ينهي وضعية الوكلاء العقدويين و يسوي أزمة الحمالة من خلال إعادة الحقوق كاملة للمظلومين و ضمان حماية مصالحهم المستقبلية.

فهل ما قدمته الوزارة من تصورات كفيل بإعادة نظر شامل في الوضعيتين؟

و هل نلمح في تصورها المبتكر و المتبصر سعيا جادا و قادرا حقا على رفع هذا الظلم؟

و ما عسى تكون انعكاسات هذا التصور في الأمد القريب على وضعية المواطنين الاجتماعية و هل تخفف عمليا من الشعور بالغبن و النزعة إلى الاحتجاج؟

لقد قامت بالفعل وزارة الوظيفة العمومية و العمل و عصرنة الإدارة بتقديم مقترح من جزأين:

· يتعلق الجزء الأول منهما بتسوية وضعية وكلاء الدولة العقدويين عن طريق جردهم و معرفة عددهم و تحديد من لا يزال منهم في الميدان و من أحيل منهم كذلك للتقاعد وصولا إلى تصنيفهم وفق نظام الأسلاك و دمجهم في الوظيفة العمومية بعد الجرد و التصنيف. و معلوم أن 300 شخص تقاعدوا من أصل 1900 هم عدد وكلاء الدولة. و بمقتضى هذا المقترح سيقوم الوزير بإصدار مقرر يلغي المقرر الذي أحيلوا بموجبه إلى التقاعد ليتم من بعد تصنيفهم في نظام الأسلاك و يصدر مقررا آخر يقضي بتقاعدهم ليستفيدوا من حقوقهم بوصفهم موظفين مكتملي الحقوق فيما؛

· يتعلق الجزء الثاني من المقترح بوضع تصور لحل مشكلة الحمالة و ذلك بالسعي إلى وضع مشروع قانون يحمي مصالح هؤلاء و يصون حقوقهم، يقدم إلى الجمعية الوطنية بهدف سنه في دورتها العادية المقبلة.
و جدير بالذكر أن المتأمل في مقترح الوزارة لا بد أن يلحظ ما يلي:
1- إرادة جادة في السعي الحثيث إلي استئصال الأزمة من جذورها وفق منطق التدرج الذي يلبي الحقوق و يحفظ السكينة،

2- شجاعة بارزة المعالم متمثلة في فتح أخطر ملف عرف الكثير من التراكمات عبر عقود مضت لم يلق أصحاب الحقوق المهدورة فيها أي اعتبار و لم يشعروا خلالها بأي سعي إلى رفع الحيف و الظلم الذين يعانون منه،

3- إيمان مطلق بضرورة تسوية وضعية المئات من معيلي الأسر بخلق إطار قانوني يضمن هذه الحقوق و يحمي مصالح أهلها رغم أنها من المفروض أن تكون قد تحققت منذ عقود،

4- تناغم مصاحب و ملموس بين إرادة الإصلاح لدى الوزارة مع التوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية الذي يحث دائما على الاعتناء بالمواطنين و تقريب الإدارة إليهم.
و بديهي أن رفع الظلم و إعادة الحقوق أمران يبعثان للطمأنينة و يشيعان السكينة و يعززان اللحمة الوطنية.