دباسيس .. لابد منها …!

فر ” طارق متري ” من أتون الجحيم الليبي الذي ظل يطفأه من جهة ويسعره من جهة اخرى , مثيراً الشبهات حول دوره ” الشخصي ” و حول خطط الامم المتحدة ومفهوم حماية المدنيين , الذين امسوا فرائس ضعيفة بغابة مشتعلة يملكها الجشع وتسودها الشراسة المؤدلجة .. وايقنوا ” المدنيين ” بعدم جدوى بقاء ليبيا تحت البند السابع بعد تشريد اهلها وتحويلها الي رماد ..!

فرار ” متري ” آخر مشاهد الفصل الثاني من الكوميديا السوداء على الثرى الليبي المشتعل .. والظهور الهوليودي لـــ” ديبورا جونز ” كي تصوغ تفاصيل النهاية وتصنف المجرمين وتدينهم وتعتق المظلومين وتنصفهم .. وتلوح لمشردي ” الداخل والخارج ” باماني العودة والسلام , يدخلنا في حالة حيرة من غايات ” متري ” واصدقاء ليبيا , وثمن التساكن مع كل الجرائم الانسانية التي مررت بليبيا تحت انظار المجتمع الدولي ” المصاب بعمى الالوان ” .. والتي كان ضحيتها آلاف الابرياء البسطاء .. وماذا بعد تحويل ليبيا الي دولة افتراضية مـــ” لبننة ” على المزاج الـــ ” متري ” المنكه ..!

الولادات القيصرية للكتائب بعد اعلان التحرير بامضاءات ” عبدالجليل ” أو بصمته , جعل من ليبيا مغنم لامراء حرب وأغوات وصعاليك سلبوا الدولة سلاحها وهيبتها وامتهنوا الثورة للارتزاق , وبذلوا ما بوسعهم لتمزيق الوطن وتشريد اهله واهدار ماله لبناء زعامات قبلية وتحقيق غايات ملوثة , وتحولوا الي خدم لمخططات خارجية وجدت بالثروات الليبية ممول لاحلام السيطرة الاقليمية ومكافحة هيمنة الشيطان الاكبر الذي تمثله ” امريكا ” , وان اتبعوا معها الــ ” تقية ” حتى حين ..!

وجود ” مصطفى عبدالجليل ” برئاسة المجلس الانتقالي اتاح لجماعات الضغط والمؤدلجين فرصة سرقة الثورة وادلجتها وتفريغها من مبادئها المطلبية الاساسية .. وتحويلها الي انقلاب سلطوي فئوي غايته استبدال شكل السلطة وليس تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم وترسيخ الديمقراطية وتوطينها ..!

الفرصة كانت متاحة لـــ ” مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل ” لاقرار عفو عام مشروط , وتكوين محكمة خاصة للمدانين في جرائم سياسية متعلقة بحرب التحرير وتخصيص سجن سياسي تحوطه الرعاية الدولية , بدل تقاسم السجناء مناطقياً ومحاكمتهم في ظروف سيئة وامام قضاء محاصر بالاملاءات وعاجز عن منع انتهاك مؤسسات الدولة وتجريم قتلة ومنتهكي اعراض وسراق مال عام وارهابيين وقطاع طرق , وعاجز عن محاسبة من مرغوا هيبة السلطة بوحل المراهقات والشذوذ ووسموا ليبيا بوشم الفضيحة ليسجلوا بافعالهم تاريخ مهين لشعب وارض شرفاء …!

” حرب المطار ” جزء من سيناريو الانهاك والتعرية والاستنزاف الذي توقعت الاسخبارات الامريكية والاوروبية كل تفاصيله , ومهدت لانسيابه باتجاه نهاية الخروج بدولة هشة مدانة وموبؤة بالثأرات وعوامل الخمول ” الاقتصادي .السياسي .الثقافي ” .. فقد جاس الساسة الامريكيون وحلفائهم خلال ثلاث سنوات الشعب الليبي وتعرفوا على نخبه والقوى المسيطرة والمتحكمة بمستقبل البلاد والعباد .. وقد ضحكوا ” الاجانب ” ملئ اشداقهم حينها قابلهم ساسة ” مفرغون ” امجادهم خيالات نضال ضد نظام استبدادي اودعهم الغربة وفرض عليهم الذلة لعقود , وصلوا للسلطة بــ ” ضربة حظ ” أو بـــ ” سذاجة شعب ” ولم يتجهزوا لها او يهتموا بها .. ولم يكن الوطن لهم عدا دراهم ومزايا وفصل مسرحي قصير ومثير كرحلة صيف ..!
اطراف الصراع في مطار طرابلس يتقاسمون الخسارة .. وهما خسارة الوطن الافدح .. فهذه الدماء ستزيد الشروخ وتفاقم الشقاق الاجتماعي وتباعد سبل الوفاق والمصالحة .. فجاهلية العنث التي صارت درباً لامتلاك السلطة خسفت بكل القيم الانسانية والاسلامية , واضحى الجميع مجرمون مدانون بحكم القانون قولاً وعملاً .. !

القبلية عدو الدولة .. ولا يوجد بلسم لجراح طرابلس .. ولا سبيل للغفران او التناسي بعدما اضحى تدمير البنى وتشريد الليبيون في مطارات العالم وتعطيل مصالحهم صنعة يمارسها من لم يكن للوطن مكان في وجدانهم , ولم ينتموا اليه يوماً ..!

يجب أن . . نركن لدخول ( يونيفيل – عربي ) يحفظ السلام وينهي سطوة القوى القبائلية ويحد من النجوعية التي اكتسحت الوزارات والسفارات .. وأن تقام محكمة دولية خاصة بالقضايا الليبية ” منذ مجزرة بوسليم حتى اليوم ” على غرار محكمة حادثة اغتيال ” رفيق الحريري” .. والأفضل أن يسعفنا لبنان بـــ ” نضال الاحمدية ” بديلاً عن ” طارق متري ” اذا كان ولابد لـــ ” لبناني ” أن يضع توقيعه على مآسينا المخجلة …!