بسم الله الرحمن الرحيم
بعد اجتماع الأطراف السياسية تحت مظلة واد، والاتفاق على صيغة عملية يمكن أن تؤسس إلى نواة قد تكون بداية اتفاق حقيقي يجنب البلاد ويلات التجاذبات السياسية الغير محسوبة، والتي عصفت بدول وأنظمة أكثر مناعة تظل الاحتمالات مفتوحة إلى أن تحسم نتائج اقتراع الثامن عشر من يوليو المقبل، والتي قد تطوى صفحة مظلمة من صفحات المشهد السياسي لموريتانيا الحديثة.
وعلى الرغم من أن اغلب بنود الاتفاق الغير مكتوبة لم تطبق حتى الآن مما تسبب فى تأجيل الإعلان عن الحكومة واستقالة ولد الشيخ عبد الله من وجهة نظرالجبهة الداعمة له، لكن من المستبعد حسب آراء اغلب فراقاء الأزمة أن تعود الأمور الى تلك الحلقة المفرغة التى سبقت اتفاق داكار , حيث أن موعد الانتخابات اصبح محددا وتقاسم حكومة الوفاق معروفا واللجنة المستقلة للإنتخابات شبه محسومة، وبالتالى ماعدى ذالك من الأمور قد لا يستعصى كثير على الحل، وإن بدت الأمور حتى الآن تجرى بما لا تشتهى السفن نتجة اصرار ولد الشيخ عبد الله على حل المجلس العسكرى وتعنت ولد عبد العزيز على استمراره وذالك ما قد يشكل عقبة قد تأخذ وقتا لا شك أن كل الأطراف السياسة فى أمس الحاجة له بسبب ضيق الوقت وحرجية المرحلة ، فالانتخابات اصبحت قاب قوسين أو أدنى مما قد يجبر الجميع لصرف انظارهم عن تسوية ذالك الملف بالصفة التى اريدت له والانشغال بالتحضير للاستحقاقات التى لا شك أنها ستختلف كثيرا عن سابقاتها لما تشهده الساحة السياسية الحالية من ضبابية لم تكن معهودة فى السابق.
فبعد فشل الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وحزب التكتل فى التوافق على مرشح موحد يبدوا من شبه المؤكد أن الأمور الآن تتجه نحو شوط ثان اذا استمرت الأمور على الوضع الحالى قد يكون فارساه كل من زعيم تكتل القوى الديمقراطية السيد احمد ولد داداه والجنرال عزيز مما قد يجعل كلى الاثنين مضطر لتقديم تنازلات مؤلمة للأخذ بخواطر المرشحين، وإن كان البعض يرجح دعم اغلب القوى المكونة للجبهة لزعيم تكتل القوى الديمقراطية فى حالة حدوث شوط ثان.
لكن هل يمكن لأصحاب التكتل المراهنة على ذالك ؟ أم أن نفس السيناريو قد يتكرر ويذهب زعيم التحالف الأستاذ مسعود او غيره لجناح العسكر كما حدث فى الانتخابات الماضية ؟.
وهل يمكن أن نضمن أن وجهة الجبهة ستظل واحدة بعد أن فقدت ركيزة اساسية من ركائزها ظلت الى وقت قريب تبدى رغبة جمة فى توحيد الكلمة والمرشح والموقف تمثلت فى حزب تواصل ذو المرجعية الإسلامية ؟.
وهل يعتبر تقديم هذا الأخير لمرشح بمفرده بداية النهاية للعمل المشترك بين مختلف اطياف الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ؟
إن المتتبع لحيثيات الأمور يدرك جيدا أن الظرفية السياسية المعقدة الناجمة عن الانقلاب هي التي صنعت ذلك الحلف الذي عرف عن أصحابه في السابق اختلافهم الجم وصراعاتهم التقليدية ‘ ومع ذالك لا يمكن لأحد أن ينكر أنه نجح إلى حد بعيد في لي ذراع العسكر وحلفائه وأبدى من الانسجام والتوحد ما لم يكن متوقعا، ومن ذالك يمكن أن نلتمس عذرا لانشقاق الإصلاحيين حيث أن التناقض الإديولوجى وموروث الصراع التقليدي بين مختلف مكونات الجبهة قد يؤدى إلى عدم إمكانية إقناع القواعد الشعبية، وإن بدت القيادات متفقة بالوقوف خلف مرشح واحد، خصوصا إذا كان هذا المرشح رمزا من الرموز التقليدية المعروفة التي قد لا تكون مقنعة عند الجميع، وهذا ربما يكون أحد الأسباب التي جعلت الإصلاحيين يفضلون خوض سباق القصر الرمادي بمفردهم للأخذ بخواطر القاعدة الشعبية من جهة، ومعرفة حجمهم الحقيقي من جهة ثانية. وتلك مسألة كانت دائما مثار جدل بينهم وبين خصومهم .
وان كنت اعتقد أن الجبهة كانت تستطيع أن تتفق على مرشح واحد لو أنها وضعت زعاماتها التقليدية جانبا واختارت من بين مكوناتها شخصية معتدلة تكون اقرب إلى التيكنوقراط منها إلى التنظيم الحزبي والإديولوجية مع أن ذالك قد لا يكون هو العدل بنفسه لكن كان حتما سيجنب التفكك من جهة، ويسهل إقناع القواعد الشعبية من جهة أخرى .
وأخيرا يمكن القول إن الحسم يبقى في حالة حدوث شوط ثان فى يد أربعة لاعبين أساسيين هما التحالف الشعبي وحلفاؤه من حزب عادل، واتحاد قوى التقدم، وغيرهم من مكونات الجبهة
التي قد تكون أقرب هذه المرة إلى التجمهر خلف زعيم تكتل القوى الديمقراطية السيد احمد ولد داداه، وحزب تواصل الذي وضع كل من داداه وعزيز ضمن خياراته فى الجولة الثانية من انتخابات الثامن عشر من يوليو، وان كان الأول يرتبط بماض نضالي مشترك مع الإسلاميين الذين عملوا معه فى حزب التكتل عدة سنوات قبل انسحابهم سنة 2003 لدعم مرشح بشائر التغيير الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة. وظلت العلاقة بينهم ينتابها مد وجزر وصلت قمة الفتور بعد انقلاب مستشاري التكتل على عمدة تفرغ زينه ياي انضو في ابريل من السنة الماضية، ولكن عندما لا يجد الإصلاحيون في عزيز مبتغاهم لن يكون أمامهم إلا التحالف مع ولد داداه، كما فعلوا في الاستحقاقات الماضية.
وفى حالة اختار الإصلاحيون عزيز، وتخندق مسعود وحلفاؤه خلف ولد داداه، يبقى عامل الحسم بيد صار ابراهيما مختار، والعقيد اعل ولد محمد فال الذي ربما يحدث مفاجأة مع أن تحركاته ـ حتى الآن ـ مازالت دون المستوى الذي يمكنه من المنافسة الحقيقية .
محمد ولد باباه ولد ديداه ـ اسبانيا
Mohamedoulddeidah@yahoo.es