كاتب الضبط الرمز الذي احترمه الشرع وتهاونت وزارة العدل بحقوقه

عندما سئل وزير العدل السابق من طرف رئيس الجمهورية كم عدد كتاب الضبط ؟ في إطار الحديث عن إمكانية منحهم قطع أرضية أجاب : ألف وخمس مائة 1500 فهذه الإجابة السريعة والخاطئة – طبعا- تحتمل عدة تفسيرات :

إما أن يكون الوزير لا يعرف عدد العاملين في القطاع وهي مصيبة فكيف يقوم وزير بتنمية قطاعه وإعداد خطط من شأنها الرفع من أدائه إذا كان لا يعرف عنه أشياء بسيطة كعدد الموظفين .

التفسير الثاني أنه رفع العدد عمدا لأن الأمر يتعلق بمجال فيه الربح قد تستبقي منه مائات القطع الأرضية ليستغلها الوزير في أغراضه الشخصية وهو فساد لعمري ما طاوله فساد .

لكن الأدهى والأمر أن هذه الإجابة التى حصلت في ثلاث ثوان كلفتنا حتي الآن نحن كتاب الضبط انتظار سنتين دون الحصول على هذه القطع , فمن يشملهم القرا ر الذي منحت به لا يتجاوزون الثلاث مائة إلا بالقليل . وأصبح الحديث يدور حول عدم إمكانتية منح هذ ا الكم الهائل قطعا أرضية وأننا ككل الموظفين ولا يمكن تمييزنا والحقيقة أنه حق معنوي أكثر منه حق وظيفي ولا يجادل أحد في أننا نعمل في قطاع حساس يتعامل معه غيرنا من دول العالم بمبدأ سد حاجيات العاملين به من أجل أن تتحقق نتائجه وهي العدل والإنصاف على الوجه الأكمل.

وتجاوزنا تلك المرحلة وفهم القائمون علي الموضوع أننا ألف وخمس مائة في مخيلة الوزير السابق وثلاث مائة في المحاكم وأرسل الوزير الحالي رسالة في موضوع القطع الأرضية يعلم الله في أي رفوف إداراتنا توجد الآن.

قضية القطع الأرضية ملأت الدنيا وشغلت الناس وهي في الحقيقة من أبسط حقوقنا التي تتجاهلها وزارة العدل منذ نشأتنا حتى لا أقول نشأتها فقد عاشت هذه الوزارة عقودا وهي لا تعرف هذا الإسم كاتب الضبط فإلى عهد قريب كنا نعين انطلاقا من قول خليل <<.. واتخذ كاتبا.... >> إلى أن اكتشفت ضرورة تنظيمنا في أسلاك الوظيفة العمومية في ثمانينيات القرن الماضي ومنذ تلك النشأة ونحن ننتظر حقوقنا التي لم نكتسب منها حتي الآن سوى نظام التقدمات التلقائية الذي توجد وزارة أخري تقوم عليه إلى جانب وزارة العدل رغم أننا اليوم يوجد من بيننا من ينتظرون تقدما استحقوه مند ستة أشهر .

وغير ذالك ترقيات محتشمة وولوج إلى منصب قاضي يكتنفه الكثير من المآخذ القانونية والتطبيقية
ومن بين هذه الحقوق ما هو سهل ميسر كالزي المهني الذي لا يحتاج أكثر من مرسوم يحدده وتفعيل النظام الأساسي لكتاب الضبط لا يحتاج هو الآخر اكثر من يوم تحسيسي ومراسيم تطبيقية أما قانون المصاريف والذي تستفيد منه خزينة الدولة أكثر من استفادتنا منه فلا يحتاج سوي التفعيل

أما التعويضات والإمتيازات والتكوينات فهي تخضع لأمزجة البعض وقد تتغير مع تغير مسار الإدارة عموما إصلاحا أو فسادا.

اليوم يسيرنا وزير يختلف عن سابقه بمعرفته لأدق التفاصيل في القطاع لأنه وقف عليها السنة الماضية حين زار مختلف المحاكم واستمع للعاملين بها ولكنه لم يسجل -على ما يبدو – ولم يجد من يذكره بما رآى وسمع , فلا زال يتساءل عن سبب امتناع كتاب الضبط من الذهاب إلى داخل البلاد وأنا أجيبه : سيادة الوزير غياب مبدأ المكافأة والعقوبة و إهمال العاملين بالداخل حيث لا يوشحون ولا يكرمون ولا يستفيدون من الساعات الإضافية ولا من ملتقيات التكوين ينسون حين يتجاوزون الكلمتر 25 من نواكشوط فلا علاوة للبعد ولا امتياز لمن يعمل في محكمة باسكنو عن الذي يعمل في محكمة ولاية نواكشوط الغربية
حتى أنهم يمنعون العودة إلي نواكشوط بعد أن يقبلوا التحويل إلي الداخل.

هكذا تهمل وزارة العدل شريحة رئيسة من العاملين لديها وللأسف تجد بينا من يسكتون على ذالك ويستجيبون لأقراص التنويم التي يقدمها وزراء معروفون بنجاحهم في العمل السياسي ولغة الإقناع كالوزير الحالي الذي عندما نسمعه يتكلم عن القطاع تنشرح صدورنا ونتخيل أننا في ابريطانيا أو لبنان أو ماليزبا حيث يوفر راتب محترم لكاتب الضبط وسيارة وحراسة وظروف عمل في منتهي الجاهزية ولسنا تابعين لوزارتنا التي قد يعين عليها وزير لا يعرف طاقمها وقد يموت أحدنا فتضن عليه ببلاغ تعزية

أقول لمن يهمه الأمر إن أي إصلاح للقضاء لا يبدأ بكتابة الضبط وكتاب الضبط فاشل قبل أن توضع خططه لأن هؤلاء هم واجهة المحاكم وهم الأكثر احتكاكا بالمتقاضين وهم حفظة الأرشيف وذاكرة المحكمة فكما أن القاضي يجب أن يوضع في ظروف تمكنه من عدم مخالطة الناس حتي يمكنه العدل بينهم كذالك كاتب الضبط من أجل أن يساوي بين المتقاضين في سبل الولوج إلي القضاء وتحسين واجهة المحكمة التي يمثلها.
فالإصلاح لابد أن يكون متكاملا ويشمل القطاع في كل أجزائه : المصادر البشرية ’ القوانين ’ التكوين ’البنية التحتية ’ الوسائل

ولزملائي كتاب الضبط : النقابة الوطنية لكتاب الضبط هي طريقكم إلي الدفاع عن حقوقكم وهذا الطريق لا زال غير معبد بل مليئ بالإختلالات والنواقص . فشلنا حتى الآن في اختيار من بإمكانهم تحقيق مطالبنا ومللنا سير مكاتب هذه النقابة في فلك الوزارة

وسوف نضيع بين تخاذلنا وعدم مبالاتنا بواقعنا وإهمال الوزارة ولن يتغير كل ذالك إلا بجهودنا فعلينا أن نسهر من أجل النهوض بقطاعنا حتى لا نتركه للأجيال القادمة على هذه الوضعية.

ذ/ باب ولد الميمون ولد امان

كاتب ضبط رئيسي

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى