لجنتان لمسابقة محكمة الحسابات…تهافت التهافت

اسمحوا لي أن أكتب في يوم واحد مرتين عن نفس الموضوع، لكن لدي جديد .. جديد مهم .. ابقوا معي …

أولا: الإشراف على المسابقة: الموريتانيون على اختلافهم يعي مثقفوهم أن لدى موريتانيا لجنة وطنية للمسابقات، يرأسها حاليا/ محمدن ولد اباه ولد حامد، هذا الرئيس الذي تناقلت بعض المواقع تصريحاته حول نجاح المسابقة، في الوقت الذي تناقلت أخرى تصريحات رئيس اللجنة محمد ولد معاوية، التي قال فيها: ” إن المحكمة تريد فقط اكتتاب محاسبين عموميين وإداريين ماليين، ولذلك اقتصرت أسئلة المسابقة على موضوع المحاسبة”، والخلط الحاصل هو في هذه الوصاية غير المألوفة على اللجنة الوطنية للمسابقات من قبل لجنة أخرى مشرفة، وعدم توضيح للعموم طبيعة اللجنة الأخيرة، وقد ورد خبر في الإعلام منذ أيام مفاده، أنه تم اختيار الوزير السابق، والرئيس الحالي لمجلس ادارة الشركة الوطنية لصيانة الطرق “انير” للإشراف على المسابقة، المنظمة لاكتتاب 5 قضاة لصالح محكمة الحسابات.

هذا الإشراف غريب جدا، لا أحد يدري لماذا لا تشرف اللجنة بنفسها على واجبها؟ ولماذا الوصاية على عمل اللجنة؟ ولماذا يفوض هذا الواجب بتعيين لأحد أقطاب البيروقراطية، أو الدولة العميقة، ويكون أيضا بعيدا من اختصاص المحكمة؟ هل المحكمة واللجنة طريقان ؟ … أين فصل السلطات في هذا المجال بين اللجان التي يفترض أنها مستقلة، وبين شركات الدولة وعمالها الذين يفترض أن مهامهم تنأى بهم عن مجال كمجالنا موضوع الكتابة؟ …

ثانيا: تصريح الرئيس محمدن ولد اباه ولد حامد: صرح ولد حامد حسب خبر في وكالة الاخبار بأن المسابقة مستمرة، والمنسحبون عشرون شخصا، والباقون- الجميع مائة وستون، وفي هذا مغالطة من نوع ما، أوضحها بإذن الله:

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

-المسابقة تضم شعبتين، إحداهما مجموعة الدكاترة ذووا خبرة سنتين؛

-والثانية مجموعة الحاصلين على المتريز من الموظفين، ذوي خبرة 5 سنوات.

الدكاترة كان المترشحون منهم في حدود 112 شخصا تقريبا، وتم إقصاء نصفهم بسبب السن، ومن ثم بقيت ستون منهم تحديدا لا تقريبا، وبعد مفاجأة مادة التخصص المبهمة انسحبت ثلاث وثلاثون شخصا أو تزيد من القاعة احتجاجا على المقلب اللعين، وهنا بقيت بقية الثلاثين الأخرى، ذهب النصاب شرعا وطبعا، كما ذهب منذ حيثييات السن، وبالتالي فهذه المجموعة مظلومة ظلم الحسن والحسين، ولا يجب أن نتحدث عن المجموع مجموعا ما دامت طبيعة الترشح تفرق بين الصنفين.

أما المجموعة الثانية فكان المترشحون منها في حدود المائة والتسعين، لكن عامل السن وإعماله في الوقت بدل الضائع، ونقص بعض الوثائق هبط بهذه المجموعة إلى حدود المائة وعشرين، وقد انسحبت منها مجموعة هي الاخرى في حدود الخمسة، وهي مجموعة أخفيت لها المفاجأة إلى ساعات الحسم، حيث وجدت نفسها في وضعية أخرى.

ثالثا: لو قلتم في المسابقة: المحاسبة هي مادة التخصص لاختلفت القضية، فترشح من يريدها، وتريده، وما كانت المشكلة مطروحة، ولكن تمييع المصطلحات، وكونها تحتمل أكثر من معنى هو مرض وطني، ينافي تقريب الإدارة من الوطن، ويصلح أسلوبا للألغاز والأحاجي، ويقضي على وحدة الفهم في الواضح لدى زبناء المرفق العمومي، ولعل هذا ما صبا إليه أصحابنا، واللغة كما يقال دالة الفكر، فحين تقول: سنجري عملية، سيفهمها الطبيب فهما، ويفهمها القانوني فهما، ويفهمها المحاسب فهما بافتراض أن المجموع التقاها في سياق معين.

رابعا: هذه المسابقة كعقد إذعان: لقد احتج علماء القانون على حجية عقود الاذعان في القانون المدني، معتبرين أن فرض الشروط من قبل المقاول مثلا في عقد مقاولة يمس بالطرف الأضعف، وطبعا العقود أصلا مساومة قبل التراضي، وانعقاد العقد، فحين تقول مثلا لرب العمل/ اريد الأجر كذا، فيساومك وتساومه كرب عمل ثم تتفقان، فهنا يكون الجانب الحقوقي منضبط نوعا ما، ولكن أن تضع أنت الشروط ويكون العامل مجبر على القبول بالعمل للضرورة مثلا، فإنك لا تطبق المنحى الحقوقي السليم المقصود من ثقافة حقوق الإنسان، وهذا ما حصل مع المشاركين المنسحبين، فلا هم أعلموا مسبقا بصفة صريحة واضحة بطبيعة العملية، وفي النهاية قبلوا لانعدام البديل، ولأن الدولة تستخدم منطق الشركات الكبيرة، وهم مجرد مذعنين، وفي هذا ما يتأمل مع احترامي للقانونيين، الذين لا يعرفون لغة المجاز.

خامسا: غموض التعيين: يفترض في العموم أن يطلعوا على طبيعة تعيين لجنة مشرفة على المسابقة ليست اللجنة الوطنية للمسابقات.

سادسا: محاكم حسابات: ألا تخجل الدولة الموريتانية من كونها الدولة العربية الوحيدة، التي لا تزال فيها محكمة حسابات واحدة في عاصمتها، في الوقت الذي توجد فيه محاكم حسابات جهوية في جميع الدول، والانظمة المقارنة، وان محكمة حساباتنا حتى الساعة لم تنشر إلا تقريرين سنويين، وهي مؤسسة منذ دستور 91، ومنذ قانونها 20-93، أما آن للدولة الموريتانية أن تستفيق وتفعل أنظمة محاسبة التسيير، خاصة بعد اختلاسات الخزينة، ومتاجرة محاسبي الجيش والحرس بميزانيات خصصت للمصلحة العامة.

مما سبق نأمل من رئيس الجمهوية، وبرلمانه، ومن مؤسسات المعارضة كل من مكانه ان يقوموا بالواجب تلافيا لروح العدالة .. تلافيا لروح العدالة .. ومنعا لروح الغاب، وأن يأخذوا في الاعتبار حجية مطالب ومظالم المنسحبين والمقصيين.

لتحميل المقال اضغط هـنـا

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى