موريتانيا تُشهر سلاح الضرائب

نواكشوط ــ خديجة الطيب
16 يناير 2017

لا تزال الضرائب تشكل نسبة كبيرة من إيرادات الميزانية في موريتانيا، بلغت هذا العام نحو الثُلثين، فيما لا تزال مشاركات القطاعات الأخرى الحيوية متواضعة. وبينما يطالب المراقبون الدولة بتخفيف الاعتماد على الضرائب، تتحجج الحكومة بأن انخفاض إيرادات بعض القطاعات المهمة الأخرى البعيدة عن الجباية، متراجعة بشكل يهدد تدبير نفقات البلاد، تلك ذريعة تتيح للحكومة زيادة الضرائب أحيانا وفرض جديدة في أحيان أخرى.
وعانى النظام الضريبي في موريتانيا من عدة عقبات أدت إلى استغلاله كأداة لإضعاف المعارضين، كما ساهم انتشار الفساد والمحسوبية في ضعف أجهزة الرقابة وتحصيل الضرائب، وبالتالي تفشت ظاهرة التهرب الضريبي بشكل كبير.
ويقول الخبير الاقتصادي سيدي محمد ولد المختار لـ “العربي الجديد” إن الحكومة وظّفت الضرائب كسلاح ضد خصومها السياسيين، مما أدى إلى ضعف ثقة المواطن في الحكومة وعدم اقتناعه بأهمية أداء الضرائب، كما أن ذلك أدى إلى إغلاق بعض الشركات وتصفية أخرى ورحيل الشركات الوليدة إلى دول مجاورة بسبب عدم قدرتها على تسديد الضرائب في موريتانيا.
ويتهم معارضون، الحكومة الموريتانية اتهامات متزايدة بالتضليل وعدم الشفافية في تسيير الموارد، واللجوء إلى جيوب المواطنين لتحصيل الميزانية على حسابهم عن طريق رفع قيمة الضرائب واستحداث ضرائب جديدة، بينما تعتبر الحكومة أن الضرائب المفروضة مستحقة على المواطنين وأن سبب تذمرهم راجع إلى أن المواطن الموريتاني لم يتعود على دفع الضرائب بقيمتها الحقيقية طيلة العقود الماضية.
ويبدي الموريتانيون مخاوف من لجوء السلطات إلى زيادة العبء الضريبي، خاصة بعد تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع إيرادات البلاد نتيجة انخفاض أسعار الحديد والذهب عالميا وتراجع إنتاج النفط.
ويرى الخبير الاقتصادي ولد المختار، أن هناك إجماعا لدى الموريتانيين حول رفض الضرائب المجحفة، بعد أن أصبحت السلطات الموريتانية تسعى في كثير من الأحيان إلى فرض الضرائب للحصول على السيولة النقدية لمواجهة الأزمات.

تراجع الاستثمارات

سجلت موارد الدولة انخفاضا في ميزانية 2017 بنسبة بلغت 3.15% عن ميزانية 2016. وعزت الحكومة هذا الانخفاض إلى تراجع المنح وانخفاض إيرادات صندوق الدعم من أجل التنمية.
وتدعو تقارير دولية، حكومة موريتانيا إلى تعبئة وتنويع إيرادات الميزانية والتعاطي بإيجابية مع الصدمات الناجمة عن تراجع خامات الحديد، وتجاوز الظروف الحالية دون فرض ضرائب جديدة أو انتقاص ميزانية القطاعات الحيوية.
وكانت الحكومة قد خصصت 10.2% من ميزانيتها لعام 2017 للتعليم، بينما لا تتجاوز نسبة قطاع الصحة 5% من الميزانية و2% للزراعة.
واعترفت الحكومة بتضاعف قيمة الضرائب، فحسب إحصاءات وزارة المالية والاقتصاد فإن العائدات الضريبية في موريتانيا انتقلت من 42 مليار أوقية (123.5 مليون دولار) عام 2009 إلى 140 مليار أوقية (412 مليون دولار) عام 2015، (دولار واحد = 340 أوقية).
وأكد تقرير أعده مكتب التدقيق بالبنك الدولي لسنة 2017 حول العبء الضريبي على الشركات عالميا، أن موريتانيا في موقع متأخر بالقائمة، حيث احتلت المرتبة 49 من أصل 52 بلدا أفريقيا تفرض على الشركات أعلى الضرائب، كما احتلت المرتبة 186 من أصل 188 دولة شملها التصنيف، بنسبة ضغط ضريبي تصل إلى 73%.
واعتبر مراقبون أن التقرير الذي يعتمد على دراسة مقارنة للضرائب المختلفة مثل ضريبة الأرباح والمساهمات والنفقات الاجتماعية لرب العمل، وضريبة الأملاك والضرائب على نقل الأصول، يفسر أسباب انسحاب عشرات الشركات الدولية من موريتانيا.

استحداث الضرائب
ورفعت الحكومة خلال السنة الماضية قيمة الضرائب الاستهلاكية على عدد من السلع والخدمات كالسيارات والإسمنت والحديد والسجائر والمخابز والأسماك، إضافة إلى زيادة في التعرفة الجمركية لبعض المواد المستوردة. وتضمن التعديل في مدونة الضرائب، وآخر في مدونة الجمارك، الزيادة في الضرائب على التبغ والسجائر بنسبة 40%، والمياه المعدنية المستوردة بنسبة 50%.
وتم استحداث ضريبة للاستهلاك على لحوم وأحشاء الدواجن الصالحة للاستهلاك بنسبة 20%، كما استحدثت ضريبة على بعض الأنواع من الألبان تبلغ 15%.
ورفع التعديل في مدونة الضرائب ضريبة الاستهلاك على الأسمنت إلى 3 آلاف أوقية موريتانية للطن الواحد.
ويقول الخبير ولد المختار، إن نسبة الضرائب من الناتج المحلي الإجمالي في موريتانيا تتجاوز 15%، ورغم رفض الحكومة الاعتراف بسياستها في مجال الاعتماد على الضرائب وتحميل المواطن عبئا ضريبيا كبيرا، إلا أن جميع الأرقام تؤكد أن ذلك.
ويشير إلى أن هذه السياسة ستؤثر سلبا على الاقتصاد والتنمية، خصوصا أن المجتمع الموريتاني لم يعتد على ثقافة الضرائب بسبب ضعف إدارة الضرائب طيلة العقود الماضية.
ويطالب ولد المختار، بإصلاح النظام الضريبي إصلاحا شاملا من خلال تبسيط النظام وسنّ قوانين واضحة واستبعاد الفقراء وتخفيف العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود وتقليل الضرائب المفروضة على السلع الاستهلاكية الأساسية وإعفاء بعض الواردات من الجمركة.

العربي الجديد

إضافة: إميه ولد أحمد مسكة

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى