أخيرا، أعلنت رويترز، عن نواياها وحقيقتها وإنحيازها غير الأخلاقي للكيان الإسرائيلي بشكل فاضح حين نشرت إعلانا يرصد مبلغ 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلوماتٍ تساهم في معرفة مكان الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط وجنود آخرين.
وأخيرا، كشرت ماكينة الإعلام الغربية عن أنيابها التي ظلت تخدع الناس بإخفاءها سنوات طويلة باسم الحيادية والموضوعية فتحولت “رويترز” بين عشية وضحاها إلى وكالة تسويق سياسية أو مجرد مؤسسة مالية تهدف إلى الربح المادي فقط، فهذا الترويج غير المسبوق والمرفوض حسب جميع الأعراف ومواثيق الشرف الصحفية العالمية، يتعارض مع البند الرئيسي لواجبات ومسؤوليات نشر الإعلانات عبر وسائل الإعلام وتبني قضية سياسية دون سواها والإعلان بشكل فاضح مقابل قيمة مادية تم قبضها أو ربما مقابل عمولة تحصل عليها رويترز في حال وصلت الرسالة إلى “النفوس المريضة” وقاموا بتزويد “المعلن- جمعية ولد الحرية” بمعلومات تقود إلى الجنود المفقودين، الوكالة وسعت من نشاطها “الغريب والمستهجن” وقامت بنشر إعلانها بثلاث لغات هي: العربية والإنجليزية والفارسية ورسالة “طمئنة” لأي نفس “معفنة” أن لا تخشى البوح بأسرارك فكر بالمبلغ فقط فـ:أنت وسرك في أمان.
وأخيرا، وبعد فضيحة فوكس نيوز- الصحفي جوناثان هنت وترويجها الطائفي والديني للمخبر الصغير (مصعب) ابن الشيخ الأسير حسن يوسف، يسقط قناع رويترز، التي يفترض بها أن تكون وكالة أنباء عالمية تتمتع بالمصداقية والحيادية الكاملة حتى ينسى الناس على الأقل أنها مدعومة وموجهة من بريطانيا، أو كأنها رسالة واضحة تنبىء بعودة آلة الإعلام الغربية إلى المواجهة مع العرب والمسلمين تفيد بأنها لم ولن تكن في يوم محايدة ، وربما هو إعادة التأكيد على دور لعبته الحكومة البريطانية حين منحت إسرائيل حق إقامة كيان لها على أرض الحبيبة فلسطين عن طريق الوغد بلفور الملعون، ودورا تلعبه بحماية الكيان الصهيوني ورعايته والسهر على متطلباته واحتياجاته السياسية والإعلامية والأمنية.
أما وقد قال أحد “الأصدقاء” ان رويترز نشرت إعلانا لـ جوجل وأنها ليست طرفا في موضوع الإعلان، فإن جوجل ورويترز وبريطانيا وآلة الإعلام الصهيونية وأصدقائها في كل مكان، يسعون جميعا لبث المزيد من سموم الفرقة بين أبناء الشعب الفلسطيني، بأي ثمن، وبما أنهم نجحوا سابقا في ذلك، او فلنعترف اننا سمحنا لهم بذلك، فإن استثمار هذه الفكرة، بعد الإفلاس الحضاري، يعد إنتصارا لهم، فقد فشلوا في التفاوض حول “شاليط” لأنهم لا يعرفون غير طريقين – لا ثالث لهما: البحث بثمن باهظ عن عملاء أو قتل الأبرياء، فهل لديهم أي إحساس بالمسؤولية الصحفية والأخلاقية والإنسانية، كلهم، يا صديقي؟
على رويترز أن تسحب الإعلان، وعلى جوجل ان تكف، وعلى إسرائيل أن تقبل “قدم” الفلسطينيين ليوافقوا على السلام، الذي كان حلما لها في الماضي ودفعت لأجله المليارات، وبعدها فلتأخذ شاليط وكل العملاء وجوجل ورويترز، فلن نعود بحاجة إليهم حين يغادرون بلادنا، لأننا سنكسر الأقلام ونجفف الصحف.
* روائي وكاتب صحفي
Jalal.khawaldh@yahoo.com