جامعة الخيمة..!! / الشيخ التجاني ابن المشري

09-192.jpgنحن هنا في دولتنا الفتية موريتانيا ، نعيش على بعد أمتار من الخيمة ، هذا المسكن الحميم ألفناه جيلا بعد جيل ، ربما نكون من آخر الشعوب التي تمسكت به شكلا ومضمونا ، تَمسكنا به وبرديفه

بيت من الشعر أو بيت من الشَّعَرِ

الخاصية التي يتميز بها هذا البيت ” الخيمة ” عن غيره هي الانفتاح الزائد ، فمن كل وجهة يمكنك الدخول والخروج ، وأهل ” الخيمة ” يستقبلون القادم في أي وقت ، و ” الخيمة ” يسكنها جميع أفراد الأسرة بلا حواجز ..!!

هذه الظروف ولدت ثقافة يمكن أن نصفها بثقافة ” الخيمة ” تطبعها البساطة والإيثار من جهة ثم اللامبالاة وإهمال الشكليات من جهة أخرى .. وهذا كله مقبول إلى حد ما، غير أنه من غير المقبول أن يكيف بعضنا جميع منشآت الحياة العامة لتطابق خصائص الخيمة ..

فالمسجد مثلا نريد منه أن يكون ” خيمة ” مفتوح الأبواب طوال الوقت مما يؤثر سلبا على صيانته وحرمته ..

والمحظرة كذلك كأنها خيمة يدخلها الطالب متى شاء ويخرج متى شاء ، وكم يقضي بين الجيئتين لا يهم إنه طالب علم لذا ينبغي أن يجد كل التسهيلات …

لذلك كان من الطبيعي أن يكون مألوفا عندنا أن تبقى الجامعة منسجمة مع هذا النسق العام .

كان من الطبيعي أن لا يتقبل المجتمع الحد من الفوضوية وإهمال عامل الوقت الذين ألفهما.

لكن هل نحن فعلا محقون في ترك الأمور بهذه العشوائية ..؟

لماذا جل المحاظر لا توجد لديهم سجلات لضبط دخول الطلاب وخروجهم في عالم أصبح فيه التدقيق والمتابعة عاملين أساسين لاستتباب الأمن و الطمأنينة ؟

أجل ، العلم من المهد إلى اللحد .. لكن هل الغاية تبرر الوسيلة ؟ لماذا لا نقبل الحد في العمر ليس في العلم ككل بل في بعض التخصصات أو في بعض المؤسسات العلمية لأسباب موضوعية يراها القائمون عليها ؟ وهل أعظم من الجهاد وقد رد النبي صلى الله وسلم عنه بعض الشباب لعامل السن ؟ وقد أدركت شفقة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شبابا فلم يقبل منهم المكث عنده في مجالس العلم والتربية أكثر من عشرين يوما لئلا تطالهم الوحشة والحنين والشوق للأهل كما في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عند البخاري .

وحد عمر رضي الله عنه كما في الموطأ فترة للمجاهدين للرجوع إلى أهلهم وذويهم ، وكان بوسعه أن يتركهم يجعلوا حياتهم كلها رباطا في سبيل الله ، لكنه لم يفعل لفهمه الصحيح لمعاني الدين ومبانيه.

نحتاج فعلا لتمارين على ضبط الوقت ، وليس ذلك تنقيصا من أي واجب كائن ما كان أن يحد له وقت ..

إننا في عالم أصبح الوقت فيه ذا قيمة خاصة ، وأصبح الشباب يتقلدون أسمى مراتب القيادة في سن مبكرة نتيجة طبيعية لجعل العلم أولى الأولويات ومنذ نعومة الأظافر.

وإذا ذكرنا أن بعض الجامعات تقبل التسجيل بلا قيد في السن ، فهلا ذكرنا أن جميع تلك الجامعات تخرج الأطر بأعلى الكفاأت قبل سن الرابعة و العشرين ، لماذا لا يركز بعضنا إلا على الجزء الفارغ من الكأس ..!!

نحتاج لكي نكون واقعين النظر في الأسباب التي جعلت البعض يتأخر في الدراسة ..

تلك الأسباب التي في مقدمتها عندنا كموريتانين ـ في الغالب الإهمال وعدم الجدية وللأسف الشديد التحايل فلنكن واقعيين ولا نغرر بشبابنا ونورثهم مورثنا من البداوة و الكسل.

نعم لحد سن لولوج الجامعة ، لكن هؤلاء الشباب الذين عبروا عن تمسكهم بخيار التعلم ينبغي تشجيعهم بالتأهيل المباشر فليست الجامعة هي وسيلة التعلم الوحيدة ، وليست على الإطلاق الأسرع لكسب المهارات المتطلبة يوميا ..

ينبغي أن تكون هناك مراقبة صارمة على الذين يشغلون الطلاب بالممارسات النقابية المسيسة فيختطفوا منهم وقتهم الثمين فيكونوا ضحية للبقاء دون ركب إخوتهم وأقرانهم بالإعادة والرسوب ، وأخطر منهم أولئك الذين يستغلون الأطفال بطرق يعاقبها القانون ، كل أولئك الذين يعملون على فشل الطفل ينبغي أن يتابعوا بالوسائل الكفيلة للحد من ذلك ..

وإن كنا لا نستطيع مواجهة هذه العقليات فلنعلنها صراحة بتغير اسم جامعة انواكشوط لتكون ” جامعة الخيمة ” ولربما نجد على ذلك أعوانا من البرامج العالمية للتراث و من جمعيات الأصالة ..

فإلى أين نحن ذاهبون ؟

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى