على رسلكم فإن العلاقة بين الرجلين علاقة تعاون ليس إلا

لست من موالات الرجلين، بل على العكس، انا من تجرأ على السباحة ضد تيار مبادرات المأمورية الثالثة في أوجها، حين جابهت ولد عزيز فى اجتماعه بأطر كيفه بأن عليه أن يغير خطته فى المامورية الثالثة لسببين اثنين : أولهما أن المنادين بها لا يملكون القوة الانتخابية القادرة على إنجاح الخطة، ولن يفيد عملهم سوى تعريض البلاد لهزات غير محسوبة العواقب. والسبب الثاني ضرورة سلوك الطرق الدستورية لخلق إطار قانوني للخطة.
وقد تقبل – والحق يقال – الفكرة رغم مخالفتها للمسار المتبع حينها، بتوفيق من الله.
ولم يكن حظ ولد الغزواني بأحسن من سلفه حين خاطبته فى موطنه بومديد عند افتتاح حملته بأن باقي ساكنة المقاطعة لا يستطيعون ان يأملوا منه ان يشركهم فى أية مزايا حين عجز عن منحهم فرصة للحديث.
ومع ذلك فلن يجرمني أي شنئان أن اعدل في القول إن الرجلين نجحا في كشف مدي ضحالة مواقف الكثير من معارضيهم حين انطلقوا في سباق محموم لمساندة وتأييد ولد الغزواني رغم معارضتهم لولد عبد العزيز، ورغم معرفة القاصي والداني انهما إنما يلعبان لعبة مدفيديف وابوتن، ليس إلا.
ولا يصح أن يخفي أي ممن يحاولون إقناع الجمهور بتمايز الرجلين سواء كانوا معارضين أم موالين ؛ لا يصح أن يخفوا محاولاتهم اليائسة للتستر على مبرراتهم الواهية لانضمامهم لولد الغزواني.
فقد كان أولى بهم أن يقروا بعجزهم عن مواصلة مقاطعة النظام، ويتركوا التخفي وراء حجج أوهن من بيت العنكبوت .
إن المتتبع لمسيرتي الرجلين يدرك بسهولة أنهما لا يختلفان إلا في الطباع الشخصية العائدة الي المؤثرات الأسرية والبيئية المحضة. ومن هذا الاختلاف ينشأ التكامل التام والتطابق المطلق بين نصفي حبة الزرع الواحدة مما وطد علاقة التعاون المستمر بين الرجلين .
يمتاز ولد عبد العزيز بحب القيادة وما يترتب على ذلك من جرأة وتضحية .. في حين يعشق ولد الغزواني العافية والركون إليها ..
وهكذا خلق التعارض بين هذين الطبعين المتناقضين حالة من الإستقرار تسببت فى إقناع الغالبية من سكان البلاد بضرورة الإبقاء على النظام رغم مئاخذهم الكثيرة عليه ؛ فقد قلل كلا الطبعين من حدة الآخر، فاتضحت فوائد التكامل بينهما.
ولعل هذا التكامل هو سر قوة العلاقة بين الرجلين لاقتناعهما بأن أيا منهما لا يستغني عن الثاني، إضافة إلى دراية كليهما بطباع الآخر مما يمكنهما من حصول الثقة المطلقة بينهما.
وتتجلي سخافة مواقف من يحاولون التشكيك في قوة علاقة الرجلين في وقائع جلية الدلالات واضحة المعانى :
أولاها غياب ولد الغزواني المستمر عن كل الخطوات الحاسمة في الانقلابات التي قام بها الرجلان وآخرها الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله، فقد قام ولد عبد العزيز بالانقلاب عليه منفردا حين كان ولد الغزواني في كيفه منشغلا بحضور جنازة احد اعيان لعصابه، رحمه الله ؛ ليسافر في طائرة عسكرية فى الصباح بعد أن تمت السيطرة علي الأوضاع. إن ابتعاد ولد الغزواني عن المشاركة في الإطاحة بشيخ من الزوايا كان هو وزميله ولد عبد العزيز من عملا على انجاحه رئيسا، يؤكد حبه للعافية ورفضه المشاركة فى أية زعزعة للأمن فهل يعقل أن يطعن زميل دربه فى الظهر! ؟.
أما الحادثة الثانية فتمثلت فى حادثة اطويله الشهيرة حيث تعرضت علاقة الرجلين
يومها لأصعب اختبار اثر ذهاب ولد عبد العزيز للعلاج في فرنسا.
فلو كان ثمة أبسط احتمال لتغير علاقة الرجلين لكان حصل : ان الجميع أصبح على يقين حينها من عجز ولد عبد العزيز عن ممارسة السلطة، وقد تجهزت أطياف من المعارضة واخري من الموالات لتهيئة الظروف لتسليم السلطة لولد الغزواني كما هو الحال الآن، فما أشبه الليلة بالبارحة.
ولو أن الرجل كان يملك أقل مقدار من إرادة الانفراد بالسلطة دون زميله لكان فعل من دون أبسط معاناة فقد كانت الظروف مواتية بكافة المقاييس. .
إن العمل على إثارة هذا الموضوع من جديد يؤكد وجود نوعين اثنين من الناس لا يخدمان إلا إثارة الفوضى والبلابل داخل البلاد .
النوع الأول ويمثل أغلبية تظن – وفق تحليلات خاطئة – أن ولد الغزواني شخص يسعى للانفصال عن ولد عبد العزيز، وأن بحث المسألة على هذا النحو يخدمه. وهم، إنما يؤذونه ويثيرون له مشاكل لا يحب إثارتها : فهو لا يحب أن
يبدو كالعاجز عن الحفاظ على سمعته، كما لا يحب أن يدخل فى صراعات لا يري ضرورتها اصلا ..
أما النوع الثاني من المشاركين فى هذا الحديث فهم فئة من السياسيين تبحث عن إحداث شرخ بين الرجلين على غرار ما فعلوا بسيدي ولد الشيخ عبد الله وسيحركون لذلك ماكينة إعلامية بحجم قوة العلاقة بين ولد عبد العزيز وولد الغزواني، الأمر الذي قد يخلق حفرا في علاقات الرجلين سيكون لها الاثر السيء على أمن البلاد واستقرارها.
فيا أيها الناقمون من ولد عبد العزيز قوة إرادته وجرأته في سبيل قيادته لأمور البلاد، ويا أيها الساعون إلى زحزحة ولد الغزواني عن خط الحرص على العافية والهدوء على رسلكم فإن العلاقة بين الرجلين علاقة تعاون ليس إلا. .

محمد المهدي صالحي

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى