“منشورات العلامة عبد الحي بن التاب” تطلق ندوتها السنوية بالعاصمة نواكشوط

بمشاركة 17 محاضرا ونشر 16 مؤلفا و4 (أربعة) أفلام وثائقية ومعرض كتب

.. “منشورات العلامة عبد الحي بن التاب” تطلق ندوتها السنوية بالعاصمة نواكشوط

تنطلق الساعة التاسعة صباح غد الخميس بفندق “موريسانتر”، بالعاصمة نواكشوط فعاليات الندوة السنوية لـ”منشورات العلامة عبد الحي بن التاب”، وذلك وسط حضور نوعي وغير مسبوق في طبيعته العلمية.

وتحمل الندوة هذا العام عنوان “المدونة الفقهية الموريتانية والتحولات المعيارية التي رافقتْ نشوء المدينة والدولة: العلامة عبد الحي بن التاب وجيله”، وتنظم بالشراكة مع المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية – مبدأ، ومؤسسة التجديد الفكري، العديد من المحاور: محاضرات ومداخلات ومنشورات، وتشارك فيها نخبة من العلماء والمثقفين والمفكرين الموريتانيين والعرب والأفارقة.

وفضلا، عن طباعة وإعادة طباعة أكثر من 16 مؤلفا للعلامة عبد الحي وطباعة عدد من الرسائل والأطروحات الجامعية حول مؤلفاته، ومشاركة 17 محاضرا بينهم بعثة تضم 6 باحثين بارزين من مصر وتونس والجزائر والمغرب والسنغال وفرنسا. ويشار إلى أن مدير كرسي معهد العالم العربي في باريس سيحضر اليوم من فرنسا للمشاركة في الندوة وسيقدم فيها ورقة، وهي المرة الأولى في تاريخ معهد العالم العربي التي يزور فيها مدير كرسيه موريتانيا.

ومن أبرز مواضعي الندوة:

المحور الأول/ المدونة الفقهية التي أنتجها جيل الشيخ عبد الحي بن التاب

المحور الثاني/ المدونة الفقهية الموروثة عن المجتمع البدوي ومجتمع السيبة

المحور الثالث/ قيم جديدة فرضها التمدين أو التقرّي الفجائي على مجتمع الغرب الصحراوي.

هذا، وصدرت أعمال النسخة الأولى من الندوة في شكل كتاب يضم الأوراق التي عرضت فيها، وسيوزع خلال الدورة الجديدة، كما سيتم عرض أربعة أفلام وثائقية عن حياة العلامة وأعماله تتضمن شهادات نادرة لزملائه (العلامة ولد احمدو الخديم شيخ محظرة التيسير وشيوخ عدد من المحاظر المعروفة) وطلبته إلخ، وذلك بموازاة معرض كتب خلال الندوة، التي سترافقها تغطية محلية ودولية

هاذ، ووزعت سكرتارية الندوة هذه الليلة ورقة دعوة ورد فيها:

بالشراكة مع المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية – مبدأ

مؤسسة التجديد الفكري

تتشرف منشورات العلامة عبد الحي بن التاب بدعوتكم لحضور الندوة السنوية في نسختها الثانية تحت عنوان:

“المدونة الفقهية الموريتانية والتحولات المعيارية التي رافقتْ نشوء المدينة والدولة: العلامة عبد الحي بن التاب وجيله”

نواكشوط الخميس 19 ديسمبر (دجمبر) الجاري ابتداء من الساعة التاسعة (9) صباحا في قاعة المحاضرات بفندق موريسانتر

إن حياة العلامة عبد الحي بن التاب وأعماله ترجمتْ في جانب بارز منها التحولات الاجتماعية والسياسية والتربوية التي واجهها بشكل غير مسبوق تاريخيا فضاءُ الصحراء الشنقيطية خلال الثلثين الأخيرين من القرن العشرين.

فقد عرفت هذه المرحلة المحورية العبورَ بشكل كبير من نمط حياة سمته البارزة هي الترحال (حتى المدن القديمة والقرى القائمة كانت هي أيضا جزءا من نمط حياة رعوي ترحالي) إلى تقرٍّ متسارع وإلى حد ما قسري.

صحيح أن مؤرخي الديموغرافيا يُلحّون على أن العالم أجمع عرف مع عبور منتصف القرن العشرين حركة تمدين واسعة النطاق تمكّنت من إلغاء جزء كبير من نمط الحياة العتيق للمناطق الريفية. ولكن الفضاء الشنقيطي شهد تفاقم هذه الظاهرة بشكل مضاعف. فلم يتعلق الأمر فقط بالمرور من القرية إلى المدينة بل بميلاد القرية نفسها وبميلاد قريةٍ نُظِرَ إليها أساسا باعتبارها أجنبية أو استعمارية. بعبارة أخرى، تم الانتقالُ طفراويا من نمط بدوي إلى نمط نصف حضري أو شبه حضري تتشكَّلُ صورته في الذهنية المحلية باعتباره كائنا دخيلا أو مستوردا بشكل قسري. وما أصبح شيئا فشيئا تكتلات سكنية كبرى هو كما هو معروف إنتاج لطفرة تقرٍّ بًنيتْ على غير نموذج.

إن هذا النمط من التمدين الغير مسبوق تقريبا في الماضي القريب للإنسانية ترافقَ مع تحول لا يقلُّ أهمية تجسَدَ في ظهور نواة دولة مركزية موروثة عن الاستعمار كما هو الحال في أغلب بلدان العالم الثالث كصورة سياسية جديدة ومُبنينِة.

نفهم تبعا لذلك أن العلامة عبد الحي وجيله من الفقهاء سيواجه هذا التحول كنازلة فقهية لا تتحمل تأجيل الإجابة. وسيزداد الأمر تعقيدا مع ظهور وتجسّد ما تعنيه نواة الدولة الحديثة في فضائها الجديد، أي ما تعنيه قانونيا ومعياريا وما تعنيه إداريا وتربويا. بالرغم من أن هذه الأسئلة واجهها العالم أجمع منذ بدايات الأزمنة الحديثة وواجهتها دول العالم الثالث والعالم الإسلامي بشكل خاص منذ أواخر القرن التاسع عشر ولكن دلالاتها في الفضاء الشنقيطي ستأخذ منحى خاصا بالنظر إلى أن نواة الدولة كما نواة المدينة سيُنظر إليهما كجزء من النازلة الاستعمارية أو كجزء من تركتها.

ورغم ظهور الإمارات العربية الحسانية التي تقاسمت المجال الشنقيطي منذ بدايات القرن الثامن عشر فإن المدونة الفقهية السائدة لم تزدد إلا اقتناعا بخصوصية مجالها كمجال سيبة متفاقمة وهو ما نجد صداه في النقاشات الفقهية للقرن التاسع عشر المتعلقة بمواجهة المدّ الاستعماري.

وهكذا فإن جيل العلامة عبد الحي لن يواجه فقط نازلة الاستعمار ولكن أيضا نازلة الدولة والمدينة الموروثتين عنه. ونازلتهما ستتعلق بمجموعة من الظواهر التي بدت حينها كلها مستوردة من الخارج غير المسْلم، من الخارج المهيمِن، وأكثر من ذلك من الخارج الذي أصبح داخلا. وطبعا ستتعدّد وتتباين سلوكات وردود أفعال الفقهاء.

وإذا كانت أغلبية الفقهاء المحليين ستختار الابتعاد أو المراقبة عن بعد فإن العلامة عبد الحي وزملاء قليلين له سيختارون طريقا مغايرا لمواجهة الأسئلة الجديدة. وهكذا يمكننا أن نتتبع هذا الجهد الخاص في أعماله الفقهية كما في أعماله الأدبية بدءا من موقفه المسجَّل شعراً ضد مشروع البقاء في الاتحاد الفرنسي (استفتاء 1958) مرورا بمناقشته للقضايا السلوكية والأخلاقية التي فرضها التحول الجديد (الملابس، العادات الجديدة، الخ) ولكن أيضا لقضية التعليم العام والقضايا التي تطرحها فقهيا المؤسسات الدولتية الناشئة إلخ. وكما تَظهر هذه الإشكاليات أحيانا في شكل مواقف معبَّرٍ عنها شعرا أو نثرا فإنها تظهرً بشكلِ أبحاث وفي شكل نقاشات مع فقهاء آخرين أو في شكل فتاو وردود على أسئلة من أفراد أو مؤسسات رسمية أو غي ر رسمية.

تهدفُ هذه الندوة إلى مراجعة مدونة العلامة عبد الحي ومدونات نظرائه وإلى سرد الدلالات التاريخية والاجتماعية لتلك المدونات في سياقيها المحلي والإقليمي وربما فيما يتجاوزهما.

وانطلاقا من ذلك تهدف الندوة إلى إعادة تقييم المساهمات الفقهية والعلمية التي مثلتها هذه المساهمات الفقهية من منظور التجديد والاجتهاد سواء في إطار الحدود التي يفرضها الخطاب الفقهي التقليدي أو على مستوى السعي بنسبة أو أخرى إلى تجاوز هذه الحدود.

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى