العلاقة السياسية بين الحكومة والأحزاب السياسية الداعمة / د.المصطفى سيد احمد البح

09-242.jpgألزمت التعديلات الدستورية في موريتانيا لسنة 2012 الحكومة بعرض برنامجها أمام البرلمان لنيل ثقته طبقا للمواد 42 و74 و75 من الدستور، وذلك شهرا بعد تعيينها.

وهي ترتيبات ظلت معطلة منذ ذلك التاريخ إلى أكتوبر 2018 بسبب ربطها بالانتخابات التشريعية لتجديد البرلمان المكون من غرفتين آنذاك، أعيد تجديد نواب الجمعية الوطنية منهما نوفمبر 2013 وتأخر تجديد مجلس الشيوخ حتى ألغي بموجب التعديلات الدستورية 2017، مما سمح بالعمل لأول مرة بهذه الترتيبات عند تعيين حكومة معالي الوزير الأول السابق محمد سالم ولد البشير ثم الحكومة الحالية لمعالي الوزير الأول إسماعيل ولد بدًه ولد الشيخ سيديا.

وبما أن الحكومة ألزمها الدستورُ بهذه العلاقة السياسية الضامنة لاعتماد برنامج رئيس الجمهورية والاستمرار في دعمه سياسيا وبرلمانيا فلا يمكنها أن تُهمل تنظيم وتأطير وتعزيز الأغلبية التي يجمعها دعم البرنامج السياسي لرئيس الجمهورية، وبالتالي ليست أمامها في هذا الصدد أي قيود دستورية أو قانونية تمنعها من ذلك، لا بل إن الأعراف الديمقراطية في بعض البلدان تُوجب تعيين الوزير الأول من الكتلة السياسية التي لها الأغلبية في البرلمان اعتبارا لهذه العلاقة السياسية المهمة بين الحكومة والحزب أو الأحزاب الداعمة لها، وهو عُرف تم احترامه دائما في الحكومات الموريتانية السابقة غالبا.

ورغم أن الحكومة حين تنال ثقة البرلمان أول مرة، غير ملزمة بعد ذلك طيلة المأمورية بإعادة طلب الثقة منه إلا إذا استقالت أو أُقيلت بتعيين وزير أول من جديد وأعضاء حكومته، إلا أن اختصاص البرلمان الأصيل في رقابة ومتابعة العمل الحكومي تشريعا وتنظيما تقتضي أخذ هذا المعطى سياسيا بعين الاعتبار، ولن يكون ذلك جديا إلا بتنظيم الأغلبية في حزب أو أحزاب سياسية تدعم برنامج الحكومة وتدفع بتعهدات رئيس الجمهورية بسرعة وسلاسة إلى التطبيق والتجسيد.

وفي موريتانيا التي أخذ دستورها بالنظام شبه الرئاسي في الحكم يُعتبر رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الضامن للدستور وحامي لمؤسساته والرئيس المرجعي الفعلي لجميع مؤسسات الدولة الساهر على انتظام عملها، وهو ما جعل المشرع الموريتاني لا يرى ضرورة لوجوده على رأس حزب سياسي بعينه حتى ولو كان الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه، ولكن في نفس الوقت لا بد من تبني مرجعية برنامج رئيس الجمهورية من طرف الحزب أو الأحزاب التي شاركت أو تشارك في دعمه، باعتبار ذلك خيارا سياسيا ودستوريا ينسجم مع المكانة التي يحتلها رئيس الجمهورية أيضا في النظام السياسي شبه الرئاسي في موريتانيا ولذلك يخلط كثير من المهتمين بالسياسة بين هذه الخصائص والترتيبات الدستورية في موريتانيا وبين أنماط برلمانية في أنظمة سياسية أخرى توزع السلطة وتشتتها بين قوى تنفيذية وحكومية وبرلمانية متعددة كما هو الحال في تونس وغيرها.

من موربتانيا الآن

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى