إلى الشباب القوميين

تابعت الأسبوع الماضي سجالا بين الشباب القوميين وآخرين عجزت عن تحديد ما ينتمون له ، فلاهم يدافعون عن تاريخ حركتهم ولا هم يعتزون بحاضرها ولا قدرة لهم على السجال المجرد فأعتمدوا سب الناس وتكفيرهم أسلوبا في هذا السجال .

إن الواقع والتاريخ والحاضر كله مع المقاومة وزمن “الدراويش” ولى إلى غير رجعة ، والناس كلها أصبحت تميز بين الحلال والحرام ولا قدرة لمخلوق على تكفير مخلوق مثله أوحرمه من رحمة الله التي هو أحوج إليها ، وما أنتهجه شباب الإسلاميين في سجالهم الرديئ ـــ شكلا ومضمونا ـــ من مغالطات وتزوير للحقائق وتلفيق للأكاذيب أمر مخجل ، ومما استوقفني قولهم بأن جمال عبد الناصر قتل مئات الآلاف من “إخوانهم” وشرد أكثر …

متى كان إخوانهم بهذا القدر ومتى قتلهم عبد الناصر ، عبد الناصر أعدم منهم خمسة أعدمتهم محكمة وبتهم اعترفوا بها جميعا ، وسجنه كان يكتظ بالشيوعيين أما هم فكل مساجينهم لم يتجاوزا الثلاثين سجنوا بعد محاولة “المنشية” وآخرين اعتقلوا في قضية السفارة البريطانية ، ويواصل كتابنا الكرام الكذب على الله وعلى الناس ويقولوا بأن عبد الناصر كافر وبأنه لم ينتصر في معركة من معاركه وهذا باطل.

فعبد الناصر بني في عهده من المساجد أكثر مما بني في مصر من الفتح الإسلامي إلى اليوم بشهادة الجميع ، وكان يصلي الجمعة في “الحسين” مع كل أبناء شعبه ، أما عن المعارك فعبد الناصر لم يهزم يوما فقد أنتصر في الثورة وأنتصر في التأميم وأنتصر في العدوان الثلاثي وأنتصر في عدم الانحياز ، وحول النكسة لحرب استنزاف أنهكت العدو ، وقاد مصر والعالم العربي ليصنع بهم أعظم إنتصار في التاريخ 73 وكان يومها بين يدي ربه لكن الناس وكل الأحرار والشرفاء يعلمون أن عبد الناصر هو من خطط لتلك الحرب وعمل على إعداد الجيش المصري ليحقق النصر فيها .

ولا يتوقف هؤلاء عن الكذب ويقولوا بأن حركتهم حركة تاريخية استطاعت أن تنتشر في كل العالم الإسلامي وهذا صحيح فحركتهم تاريخية في العنف والاغتيالات والمؤامرات ، وانتشرت في كل العالم الإسلامي وأسست دولا من نوع “طالبان” وتنظيمات من نوع التنظيم في الجزائر وأندونسيا وجماعة أبوسياف وغير ذلك مما شوهوا به الصورة الناصعة للدين الإسلامي وربطوه بالعنف والأحزمة الناسفة ، وغير ذلك من التلفيق والزور والطعن في أعراض الناس فلم ينج منهم لا مقاوم ولا شهيد ولا مفكر ولا ثوري وكأن حربهم هذه حرب على كل ما هو عربي ، فالمفكرون العرب كفار والقوميون “همج” والقادة قتلة ومرتدون .

هذا كان جزأ يسير مما دأب “الإخوان” على ترديده ، ومما قام شبابهم في هذا السجال بذكره لكن ما هكذا ياسعد تورد الإبل ، فكل الناس يعرفون من هم القوميون ومن هو جمال عبد الناصر ومن هو الشهيد صدام حسين ويعرفون جيدا ما ذا يعني العدوان الثلاثي وما ذا كانت حرب الاستنزاف ويعتزون بحرب الخليج الأولى والثانية ، ولن ينطلي عليهم كلامكم إنما فقط سيفضحكم ويبين مدى غلكم وحقدكم ويجردكم من أي صديق أو متعاطف أو مخدوع .

رفاقي لقد كنتم على حق وأنتم تمطروهم بتاريخهم وتذكروا لهم وقائعهم وأيامهم “الخالدة” وتعلنوا للقارئ من هم ومن أنتم ، لقد كنتم على حق عندما قلتم بأنهم حركة استسلامية نشأت في أحضان العمالة والتبعية ، كنتم على حق عندما قلتم بأنهم خانوا الله وخانوا الأمة ودماء الشهداء كنتم على حق والتاريخ شاهد على ماقلتم والناس والله خير الشاهدين .

لقد أرتقيتم مرتقى صعبا عندما خونتم الأبطال وكفرتم القادة العظام فكان لابد من الرد عليك بسيوف الحق التي أصابتكم في الصميم وكشفت للناس سوءاتكم وعرتكم أمام جمهور خدعتموه بشعارات دينية تخفون تحتها عمالة ورذالة وحشفا وسوء كيلة .

رفاقي أشد على أياديكم وأقول سيروا قدما وافضحوا الشيطان وأعوانه وعرفوا الناس من هو الصالح ومن هو الطالح ، من هو الفاضل ومن هو الخبيث ، ولا تتراجعوا وتوقعوا كل شيئ سيكفروكم وسيلعونكم وسيحرموكم من رحمة الله وسيسقطوا السماء عليكم كسفا لكن ساعتها تكون سقطت على قوم لاشرف لهم ولاكرامة ولا عزة ويتاجرون بدين الله وبعباده الأبرياء .

إنكم تدافعون عن أمة عظيمة وتاريخ عظيم ورجال صدقوا الله ماعاهدوه ولم يتراجعوا ولم يخونوا ولم يهربوا “لأوربا” ولم يستبدلوا آخرتهم بدنيا خسيسة في منفى مريح ، ولم يبيعوا الناس الذين أحبوهم وناصروهم ببقايا موائد حكام الذل والعار والإستسلام في الخليج …… ، فاستمروا في الدفاع عن تاريخكم وانتصروا لدينكم واعلموا أن للحق جولة لابد أن يجولها ولنا مع النصر موعد لابد أن نلتقيه فيه وانتظروا إني معكم من المنتظرين .

الحاج ولد السالك
طالب موريتاني مقيم في مصر