الساحل لايزال بخير/ بقلم الناشط السياسي ذ. محمد ولد إسماعيل ولد أحمد بزيد

 

لم تزل أرض الساحل مِعطاءً مما ذرأ الله فيها حتى صارت أكثر منطقة إسهاما في موارد البلد. ولم يختصر ذلك العطاء على معادن التربة بل إنه طال معادن الرجال الذين ساهموا بدورهم في صناعة المجد وكتابة التاريخ …
لقد ظل أهل الساحل حاضرين بقوة وتميز في المشهدين الثقافي والقيادي في هذه الربوع:
فالخيل واليل والبيداء تعرفهم ** والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فبنوا -على اختلاف مشاربهم- حضارة بها نالوا المطالب ووصلوا ذروة المجد رغم بعد الغاية وتشعب المذاهب:
وَما كُلُّ طُلّابٍ مِنَ الناسِ بالِغٌ ** وَلا كُلُّ سَيّارٍ إِلى المَجدِ واصِلُ

ولأن الدهر فيه تصرم وتقلب فقد رحل جُل أولئك الأفذاذ -وهو ما يقلق المشفقين على حضارة المنطقة العريقة، ولكني أرى أن الساحل لا يزال بخير مع وجود قامة معرفية وشخصية قيادية مثل محمد عالي بن سيدي محمد.

إن المتتبع لمسيرة ابن سيدي محمد يقف عاجزا وهو يفتش في عبارات الإعجاب ليجد وصفا جامعا لشخص أطلق عنان الشغف لفكره في مجالات شتى فأحرز السبق في كل منها على حدة:
شتى المواهب لو يحاولُ جمعها ** ذو المدح لم يسطع بوصف واحد
وأي وصف يشمل الباحث العلمي والفتى الأديب والكاتب الملهم والسياسي المحنك والمسؤول الأمين وذا المجد الاصيل …؟!

فكونه أول أمين عام لجائزة شنقيط للعلوم والتقنيات والآداب والفنون ليس اعتباطا، فالرجل مشارك في جميع هذه المجالات بدءاً بالعلوم والتقنيات التي سطع نجمه فيها باكرا متفوقا في الباكلوريا التقنية والرياضية ثم حاصلا على دكتوراه بدرجة مشرف جدا في مجال الطاقة من الجامعات الفرنسية. أما عن الآداب فحدث ولاحرج. فللرجل قلم سيال يأسرك بأسلوبه الفذ في الكتابة ولاينبئك مثل خبير قرأ له على سبيل المثال لا الحصر تعليقا على كتاب لصديقه الدكتور بوميه ولد ابياه أو تأبينا لزميله عالم الرياضيات يحي ولد حامدٌ، كما أن له ذوقا أدبيا رفيعا حاضرا في إنتاجه ومن ذلك مثلا قوله في رثاء الولي الصالح اما ولد احمد باب:
الــصَّـــلَاحْ الِّ كَــانْ امْــلَانْ ** مــنُّ لــبْــلـَــدْ وَالـــنَّــجَــابَــــه
وَالْــوَلَايَــه وَالـسَّــرْ اكَــرَانْ ** مَـا عَـكَـبُـو ولْ احْــمَــدْ بَــابَ
أما الفنون فإنه يتقن كل ماكان منها جميلا لائقا بمكانته السامية، كفن المعاشرة الحسنة والألفة ومخاطبة الناس بالتي هي أحسن:
فن التخاطب ذوق ليس يدركه ** إلا كريم بحسن الخلق يتصف

إن محمد عالي يستحق علينا جميعا التقدير والاحترام. فمنذ حصوله متفوقا على شهادة عليا في الطاقة، جعل الرجل يبذل كل طاقته في خدمة هذا الوطن من خلال شتى المناصب التي شغلها فكان على قدر المسؤولية.
لا يدرك المجد إلا سيد فطن ** لِما يشق على السادات فَعّال

ولأنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم، فإن مكانة ابن سيدي محمد الاجتماعية وعلاقاته الواسعة والوطيدة جعلت منه محل إجماع في منطقة الساحل وهو ما استغله الرجل إيجابيا لإقناع الكثيرين في المنطقة برؤيته السياسية الثاقبة ومشروعه التنموي الطموح. بل إن تاثير الرجل تعدى منطقة الساحل ليشمل باقي مناطق الوطن شموليةَ إنجازاته إبان المسؤوليات التي تولاها والتي كان آخرها “التآزر”.

وبالرغم من كل مؤهلات محمد عالي العلمية ومكانته الاجتماعية والسياسية وفتوته الفذة فإنه لم يزل ينزل الناس منازلهم لأنه لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، فكسب بذلك حب الجميع:
إذا المـرء لم يعـرف لذي القدر قـدره ** فليس إلى أســر الـقلــوب سبـيـلُ

ويبقى محمد عالي بن سيدي محمد أحد الرجال الافذاذ الذين انجبهم الساحل فعم نفعهم الوطن واستفاد من مؤهلاتهم التي لاتنحصر. كما يظل وجوده في اي حكومة باعثا على الرضى
نظرا لما يمثله من مكانة اجتماعية وسياسية لدى الكثيرين.

وما دام المعني أديبا مرهف الحس رفيع الذوق، فلا بأس بإهدائه هذه الأبيات الجميلة ببديع خصاله:

مني تُزف تحية الإجلال ** والود بالتفصيل والإجمال
تسمو إلى ذي المكرمات محمد ** عالي المناقب عادم الأمثال
يا نجل سيدي محمد لا زلت في ** فعل المكارم بين الأفعال
يا من مِن آباء كرام جلة ** قد حزت مجدَ السادة الأقيال
وأضفت مجدا لم تزل ترعاه بالإحسان والإنعام والإفضال
لازلت في حفظ وأمن دائم ** تغدو مدى الإبكار والآصال
ما انفك ذو الآمال نحوك قاصدا ** متيقنا بتحقق الآمال
ثم الصلاة لها السلام مشيع ** تهدى إلى خير الورى والآل