في البحر عجب…وفي وطننا عجبان

إن تعجب فعجب بعض ما يدور في ساحتنا الوطنية من أمور على المستوى السياسي والإعلامي لا وجه فيها للأداء السياسي المقنع ..ولا للأداء الإعلامي الرصين …وغير خفي أن ذلك يؤثر سلبا على مجريات العمل السياسي ..ويقف حجر عثرة في وجه التنمية التي يطمح إليها المواطن كلما فتح عينيه البريئتين على شعارات براقة ومغرية تقوده دوما نحو الأسوء ..وتمسك بتلابيبه بخشونة فظة نحو المجهول في رحلة أشبه ما تكون برحلة شاعر مفلق من خلال تمثل قصة سيزيف العبثية.

-الأمر الأكثر إثارة في حلبتنا السياسية هذه الأيام هو تلك القوة التي ولد بها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية واستطاع قبل أن يعقد مؤتمره الأول أن يقرع البيوت وأن ينصاع لبنانه (الرسمي) كل المسؤولين والمتنفذين حتى أنك لا تكاد تجد مسؤولا ساميا أو رجلا ذا إمرة اجتماعية أو اقتصادية إلا ويهرع إليه خوفا أو طمعا إلا من رحم ربك ..وغير خفي أن الأمر لا يعود للبرامج المقترحة ولا للسياسة العامة للحزب ولا للاقتناع ببرامجه…فما لتلك الأمور حضور أو نصيب في هذا السياق .

والأغرب في تلك القصة أن هذا الحزب استطاع بدم بارد أن يشكل أكبر كتلة برلمانية دون يكون له أي دخل في ترشيح أو انتخاب أي نائب فيها ..

لقد وضعت العديد من الأحزاب والقوى السياسية ثقتها في بعض أبناء هذا البلد وبذلت الغالي والنفيس في سبيل إقناع المواطنين بضرورة التصويت لهم ..ونزفت أوقاتها وأموالها في سبيل ذلك .وسهرت الليالي ذوات العدد وأعدت ما استطاعت من العدة .حتى أوصلت هؤلاء إلى قبة البرلمان في حلم كان أشبه بالمستحيل عند البعض …..لكن هؤلاء البرلمانيين لم يردوا الجميل أو الإحسان إحسانا لتلك الأحزاب والقوى السياسية بل ولوا وجوههم شطر “المخزن” ونكصوا على أعقابهم وتركوا الأحزاب والقوى السياسية التي أوصلتهم للقبة ظهريا …فلا هم هم …ولا الأيام أيامهم…وكان الحظ من نصيب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي يستعد لأن يعقد مؤتمره الأول فانتجع أولئك “مرعى” ذلك الوليد –الشاب- الكهل في قصة ميلاد أغرب من قصص ألف ليلة وليلة ..ولو أن السيد شهرزاد أدركت هذه القصص الغريبة وهذا “النقض” السهل للمواثيق وتقبل الأمزجة السياسية بين عشية وضحاها واشتداد عود الوليد قبل الفطام ..لطالعنا الكتاب بعنوان”ألف ليلة ..وليال.. ” وتكتمل قصة الغرابة حينما يتحدث باسم نواب هذه الحزب الذين “ما بل فيهم قلم-” باستدعاء أحد أعمدة المعارضة المنسحبين أخيرا من جوقتها للحديث باسم الحزب .ليكفر عن أخطائه تجاه الأغلبية التي كان يناصبها العداء ..فإذا هو يحفظ أناشيد هذه الأغلبية عن ظهر غيب كأنما كان يتهجاها منذ نعومة أظفاره.

فالملاحظ أن أولئك النواب العائدين من رحلة المعارضة جدا أو تخبطا لا يجدون حرجا في أن يبرروا ما كانوا بالأمس يعتبرون “عورات ” النظام فإذا بهم يحتجون على المعارضة بقولهم بعد النكوص “ما هي بعورة”.

هذا حال الاتحاد قبل المؤتمر الأول فما ذا تخبئ لنا الأيام قبل المؤتمرات اللاحقة ..؟
لن تكون هذه القصة سوى جزء من غرابة تظهر دعاية في التلفزيون الرسمي لأحد البرامج الفكاهية الساخرة تحدد موعد العرض مساء هذا السبت عند الساعة العاشرة مساء ..وتأكيدا للموضوع يقوم المعلن بقراءة نفس الدعاية التي تعرض أيام الأربعاء والخميس والجمعة بنفس الصيغة.

إنه من الطبيعي في بلد هذه سيمة ساسته أن تفقد أداة الإشارة (هذا) مدلولها ..وأن يكون الأربعاء والخميس والجمعة سبتا.

إلى الملتقى في منبر الخميس القادم إن شاء الله
أحمد أبو المعالي كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات
Ahmad_aboualmaaly@hotmail.com

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى