كبرت كلمة تخرج من فيه

لست أدري لماذا جبلت على حب القراءة بالرغم من قلة ما يعلق بذهني مما أقرأ ، ربما لأني شبه عاطل ، وإدمان القراءة محاولة مني للهروب من الواقع لأنسى أعباء الحياة التي لا ترحم في عالم صار تجسيدا للأحجية الشعبية ( كام البي وكام الخي وكامت لميمه تظبح ) .

حقا لست أدري ، كل الذي أعرفه أنني ألفت أن أقرأ أي شيء يصادفني : اللافتات الإشهارية في الشوارع ( المطاعم ، البقالان ، الصيدليات ، المداجن ، المجازر ، العيادات ، كل شيء … كل شيء ، أرقام السيارات ، وحتى بعض الحيوانات التي تجر العربات لبعضها أرقام أقرأها لأرى إن كانت حميرا أو بغالا ، أحيانا أجد
نفسي في المكبات أقرأ مكونات علب الحليب الفارغة ، فقلما يتسنى لي قراءة تلك المحتويات في البيت لأن صاحب الدكان المجاور لنا لم يعد يحبذ الدين منذ بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية بالرغم من أن العالم بالنسبة له ينتهي عند انتهاء دائرة الأفق ، وأنا أخشى أحيانا أن أدخل يدي في جيبي مخافة أن تلسعني العقارب .

كان والدي في ما مضى ـ أطال الله عمره ـ مدمنا على جمع بقايا الطعام التي تسقط على الفراش بعد كل وجبة ثم يأكل ما جمع لينال به أجرا عند الله ، وفي إحدى المرات وكان الظلام دامسا بدأ هوايته بتمرير يده على الفراش حيث كنا نتناول وجبة العشاء وجمع ما لمست يده من بقايا ولما أراد أن يضعه في فمه اشتم فيه رائحة كريهة فأبعده ثم احتفظ به حتى الصباح ليتبين أن ما جمعه من بقايا الطعام كان قد اختلط بفضلات القط الصغير الذي كنت أربيه .
قصة والدي هذه تكررت معي اليوم ، ففي إحدى نوبات الإدمان التي تنتابني على القراءة.

a1-57.jpgجلست أتصفح كل المواقع الاخبارية الموريتانية المسجلة عندي على المفضلية بدء بموقع صحفي حسب ترتيب التسجيل عندي وانتهاء بموقع تقدم ، مرورا بأخواتهما ( ما شاء الله ) : أنباء ، أحداث انواكشوط ، أقلام حرة ، الأخبار ، الحصاد ، الحقائق ، الخبر ، السراج، السفير ، النشرة المغاربية ، صحراء ميديا ، صحيفة البداية ، تقدمي ، الديار ، الطوارئ ، الوطن ، (…… استراحة ….) ، ثم موريتانيد ، أخبار موريتانيا ، وكالة أنواكشوط ، البرق ، الشبكة الإخبارية ( وبالمناسبة أنا أفزع من ذكر الشبكة فقد سبق وأن سجنت بسبب الانتماء إليها ) ، ريم ميديا ، الفتح ، أمجاد ،
تحاليل ، الحرة ، مورينيوز ، موريتانيا اليوم ، والبديل ، ثم أمهم الكبيرة موقع نقابة الصحفيين الموريتانيين .
كل هذه المواقع قرأت كل جديد نشرته وما يزال الوقت ضحى ، ولأنه ليس لدي ما أشغل به
نفسي قلت لم لا أعيد الكرة فقد يكون الموقع الأول في المفضلية جد عليه جديد وهكذا إلى أن
شدت انتباهي لوحة تشبه اللوحات التي أقرأها كل يوم على الواجهات كتب عليها ” دكان محمد
فال ولد القاضي ” ، ولأنه كان من بين أحلامي أن يكون لي دكان أستطيع فيه أن أقرأ مكونات
الحليب على علبة ليست فارغة ، فقد كانت فرحتي كبيرة بالدكان قبل أن أعرف أن تلك اللوحة لم تكن إلا جزء من تعليق سخيف لمن سمى نفسه ” الشركاوي ” على شبه تأ بين كتبــــــته بعد وفاة رئيس المجلس الوطني الصحراوي ( محفوظ اعلي بيبا ) ومع أني لم أكن أطمح لثناء من أي كان على ما كتبته في حق رجل أعرف أني لم أذكر من خصاله إلا القليل مما يهمني ، لكني بالمقابل لم أكن أتوقع أن يستغل هذا “التأبين ” من بعض المتطفلين على الكتابة لتلفيق الأكاذيب وقلب الحقائق ، ففي تعليقه بدأ هذا ” الشركاوي ” بالعتب على موقع السراج لنشره ـ كما قال ـ خبر وفاة محفوط اعلي بيبا
متبوعا بخبر دكان محمد فال ولد القاضي لسمسرة مآسي الضحايا الذي ينوي مقاضاة جيش التحرير الشعبي الصحراوي . هنا انتهى الاستشهاد ليتمادى صاحبه في كشف جهله بالمعمعة التي أقحم نفسه فيها دون أن يدرك انه بالنسبة لي وضع نفسه موضع ” كبش حمدا ” الذي حلبه ليقنع النعاج بأنه قادم لحلبها .

إن أكثر شيء أثار استغرابي في تعليق ” كبش حمدا ” هذا هو طريقته المقلوبة في القراءة
وترتيبه للأحداث ، فموضوع الدعوى التي تنوي جمعية ذاكرة وعدالة رفعها ضد بعض قادة
البوليساريو نشر يوما قبل نبأ وفاة رئيس البرلمان الصحراوي ، لكن هذا الشركاوي يفهم الأمر
ويجسده بطريقة خادم الكاتب الكبير عبد القادر المازني الذي ذكر في بعض طرائفه أن خادمه هذا من البلادة بحيث إذا طلب منه زبدا أتاه بالكبريت ، كذلك صاحبنا فسر الكلمات موضع التعليق على النحو التالي :

جمعية ذاكرة وعدالة قرأها : دكان محمد فال ولد القاضي لسمسرة معاناة الضحايا .

مقاضاة قيادة البوليساريوتعني : مقاضاة جيش التحرير الصحراوي .

أما التاريخ فقد قرأه تنازليا إذ رأى أن اليوم 2 يسبق يوم 1 من الشهر .

إنني أعرف أن تعليق هذا الشركاوي لا يستحق عناء الرد عليه لولا احتواؤه على مغالطات وافتراءات لا أريد أن تنتقل عدواها إلى بعض القراء المندفعين وراء عواطفهم في مزايدات يفتقر أصحابها إلى الإلمام ولو بالقليل من المعطيات المتعلقة بقضية الضحايا الموريتانيين في سجون البوليساريو ، ومدى إمكانية التوفيق بين أن يطالب هؤلاء الضحايا بحقوقهم وبين أن يكونوا موريتانيين يحترمون القواسم المشتركة بينهم والصحراويين .

من هنا أجدني مضطرا للتذكير بأن ما نطالب به كجمعية يوجد من يطالب به من الصحراويين أنفسهم وحتى من داخل المخيمات ، ولم نجد من ينتقدهم .

وفي الختام أقول لهذا الشركاوي الذي يدعي بأنه من أقصى جنوب شرق موريتانيا ، بأني كنت أشارك في الأسواق الأسبوعية لبنكو وآمرج وعدل بكرو ، لكني مع ذلك أعرف وبشكل جيد حدود كل حي من أحياء مخيمات الصحراويين جنوب تيندوف ، ورغم ضيق مسكني فهو يتسع للقادمين من هذه المخيمات الذين أستقبلهم فيه دائما ، و اليوم ينبري من يتهمني بالمتاجرة بمعاناتهم ، فقد كبرت كلمة تخرج من فيه , واذكره بأنه يمكن أن يكفر دون أن يهجو الرسول ( اكد يكفر ال ما اشمت الرسول ) فقد قرأت للعاتبين على موقع السراج وينشر السراج عتبهم دون أن يقحموا أبرياء .

شفاك الله وعفى عنك

محمد فال ولد القاضي

الأمين العام لجمعية ذاكرة وعدالة

هاتف : 002222213776

memoireetjustice@yahoo.fr

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى