“ونا” تفتح ملف القتلى الموريتانيين في “قاعدة المغرب الإسلامي”: الطريق إلى مقابر “صحراء الإسلام”

انواكشوط – ونا – يسميهم رفاقهم “الشهداء البررة الذين سقطوا في ساحة الوغى وهم يجاهدون في سبيل الله”، وتصفهم حكومات


المنطقة وخصومهم “بالإرهابيين الذين نالوا مصيرهم المحتوم بعد أن اختاروا طريق الإرهاب والإجرام”.

ويقول فريق ثالث من مخالفيهم إنهم “فتية آمنوا بربهم حملتهم عواطفهم الجياشة وردة الفعل جراء ما رأوه من ظلم واضطهاد يعاني منه المسلمون في شتى أنحاء العالم، فخرجوا ابتغاء مرضاة الله

لكن تيار الغلو والتطرف جرفهم إلى صحراء الضياع” ليتحولوا إلى أجداث مجهولة، ورموس مطمورة في فيافي الصحراء الكبرى، أو أشلاء متناثرة في تلك السهول والفيافي، والقلة القليلة منهم تسلم ذووهم جثامينهم، وأتيحت لهم فرصة دفنهم في قبور معلومة.

إنهم مجموعة من الشباب الموريتانيين التحقوا بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ومن قبله بالجماعة السلفية للدعوة والقتال في الصحراء الكبرى، فقتلوا هنالك، بين تلك السهول والهضاب في صحراء مترامية الأطراف، الداخل إليها مفقود والعائد منها مولود، بعيدا عن الأهل والخلان، والأبوين والزوجة والولدان، أو في مدن وثكنات عسكرية ما راودت أي منهم ذات يوم أحلامه برؤيتها، فكيف بالموت فيها.

منهم من حملوا أرواحهم على أكفهم وتأبطوا الموت الزؤام في حزام ناسف يلتف حول خصره، أو سيارة مفخخة يمتطيها، فقتلوا (بفتح القاف والتاء) وقتلوا (بضم القاف وكسر التاء)، وهناك بعيدا عن مسرح العملية في أحد أحياء مدينة نواكشوط المنزوية، أو في إحدى المدن والقرى الداخلية للبلاد، يرن الهاتف في الغالب الأعم حاملا معه الخبر المؤلم “لقد استشهد ابنكم تقبله الله” فيقتحم الحزن البيت، وتلف الريبة والشك محيط المنزل، وترقب النظرات الحائرة تلك الأم الثكلى أو الزوجة الأرملة، والصبية اليتامى، وتتسلل بعض التعازي خلسة على استحياء وتوجس خيفة، وتمضي الأيام، فيرن هاتف في منزل آخر ناعيا ابنا آخر من أبناء هذا البلد مات كما مات سلفه، في قصص ستبقى تتكرر كما تتكرر حالات رحيل الشباب الموريتاني إلى المعسكرات في الصحراء الكبرى.

بلغ عددهم حتى الآن 21 قتيلا، معظمهم شباب في مقتبل العمر يبحرون في عقدهم الثالث أو الرابع، يقول زملاؤهم إنهم “زفوهم إلى جنات الخلد والحور العين والنعيم الذي لا يبلى”، ويقول خصومهم إنهم “ألقوا بأيديهم إلى التهلكة، فهلكوا وكفى الله المؤمنين بأسهم وبأس من جندهم وحرضهم”.

وتتوزع خريطة مقتل هؤلاء، بين خمس دول في المنطقة هي: الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر وتونس، فقد قتل ثمانية منهم في الجزائر، وقتل ثمانية آخرون في موريتانيا أو على يد الجيش الموريتاني، وقتل اثنان في مالي، واثنان في النيجر وواحد في تونس.

ومن بين هؤلاء أربعة قتلوا في عمليات انتحارية نفذوها بأنفسهم، اثنان منهم في موريتانيا وهما: موسى ولد زيدان المكنى”أبو عبيدة البصري” منفذ العملية الانتحارية قرب السفارة الفرنسية في أغسطس عام 2008، و “إدريس ولد محمد الأمين” المكنى”أبو إسحاق الشنقطي” منفذ الهجوم الانتحاري في النعمة في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي، إضافة إلى إبراهيم الخليل ولد حبي المكنى “ناصر” الذي نفذ هجوما انتحاريا ضد ثكنة للجيش النيجري في مارس عام 2010، وسيدينا ولد ختاري الملقب “أبو زينب الموريتاني”، الذي نفذ هجوما انتحاريا في مدينة لبويرة بالجزائر سنة 2008.

1 ـ أحمدو بمب ولد باب، المكنى “أبو محمد الجكني”، كان أول موريتاني يقتل في صفوف تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ينحدر من مقاطعة اركيز، وهو مهندس في الميكانيكا، تخرج من الجامعات الأردنية التي درست بها، وتلقى في أروقتها الفكر السلفي الجهادي فنهل منه وعل، وجالس بعض رموزه من أمثال “أبو أنس الشامي”.

وبعد عودته إلى موريتانيا عمل مهندسا بالشركة الموريتانية للصناعة والمناجم (سنيم)، لكنه ما لبث أن تخلى عن عمله، ليلتحق بمعسكرات الجماعة السلفية للدعوة القتال في شمال مالي، وكان خامس خمسة موريتانيين شاركوا في أول هجوم نفذه التنظيم على الأراضي الموريتانية واستهدف وحدة للجيش الموريتاني في بلدة لمغيطي شمال البلاد، فجر يوم الرابع من يوليو 2005 ،وقد قاد الهجوم أمير الصحراء حينها وقائد كتيبة الملثمين حاليا “خالد أبو العباس”.

وهي العملية التي أطلق عليها التنظيم حينها “بدر شنقيط” وشاء القدر أن يكون “أحمدو بمب” أول موريتاني يسقط في صفوف التنظيم، وعلى أرض موريتانية وبرصاصة موريتانية، فكان أحد الستة الذين قتلوا في تلك العملية في تبادل لإطلاق النار مع بعض جنود الوحدة العسكرية في لمغيطي، حيث قتل سبعة عشر عسكريا موريتانيا بينهم ضابط برتبة نقيب.

2ـ أحمدو ولد مقام المكنى “أبو خيثمة”، وينحدر من المنطقة الواقعة بين اركيز وبوتلميت في ولاية ترارزة، كان يتابع دراساته العليا في المغرب، عندما بدأت حرب الخليج الثانية، وشرع الأمريكيون في غزو العراق سنة 2003، فتوجه إلى العراق، وشارك هنالك في القتال ضد الأمريكيين إلى جانب أمير تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين “أبو مصعب الزرقاوي”، قبل أن يعود إلى البلاد، ثم التحق سريعا بمعسكرات التنظيم في شمال مالي وجنوب الجزائر، وقد قتل في اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن التونسية ومسلحين سلفيين قرب مدينة تونس العاصمة أواخر عام 2006، وهو شاعر مجيد، له قصيدة مشهورة بثت بصوته وصورته على شبكة الانترنت على نطاق واسع، في ما يعرف بفلم “جحيم المرتدين”، يقول في مطلعها:

دعاني الناصحون من الأهالي، غداة شددت للهيجا رحالي.

3ـ لمام ولد آحا المكنى “عمير أبو أسماء”، ينحدر من مقاطعة واد الناقة بولاية ترارزة، وقد قتل في الجزائر عام 2007.

4ـ إسلم ولد عبد الله ولد عبيد المكنى “حمزة أبو البتول”، وينحدر من مقاطعة واد الناقة بولاية ترارزة، وقد التحق بمعسكرات التنظيم سنة 2004، وقتل بمنطقة سيدي بوعقبة في الجزائر، أثناء اشتباك وقع بين مسلحين من التنظيم، وقوات من الجيش الجزائري في يناير عام 2009.

5ـ سيدنا ولد ختاري المكنى “أبو زينب الموريتاني” التحق بمعسكرات تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية سنة 2005، رفقة كل من أحمد ولد الراظي، وإدريس ولد محمد الأمين، وينحدر من مدينة بوتلميت بولاية ترارزة، وقد قتل بعد تنفيذ لعملية انتحارية في مدينة لبويرة بالجزائري في أغسطس سنة 2008، قتل فيها 12 شخصا.

6 ـ موسى ولد محمد اندي المكنى “أسامة أبو ناصر”، ينحدر من مدينة بوتمليت في ولاية ترارزة، وهو من أقارب سدينا ولد ختاري، شارك في الهجوم على السفارة الإسرائيلية بنواكشوط في فاتح فبراير 2008 ، وقتل في الاشتباك الذي وقع بين قوات الأمن الموريتانية وعناصر من تنظيم “أنصار الله المرابطون في بلاد شنقيط” في تفرغ زينة بنواكشوط، مساء السابع من إبريل عام 2008، وهي المواجهة التي يسميها التنظيم “بدر نواكشوط”، وقادت إلى اعتقال معظم عناصر تنظيم “أنصار الله المرابطون..” وقادته.

7 ـ أحمد ولد الراظي المكنى “أبو معاذ”، خريج الثانوية الفنية بنواكشوط، وهو خبير متفجرات تلقى تكوينه في معسكرات التنظيم بشمال مالي، وينحدر من مدينة تجكجة بولاية تكانت، قتل مع رفيقه “موسى ولد انديه”، بعد إصابته برصاصة في الرأس أثناء المواجهات في تفرغ زينة بين قوات الأمن وعناصر من التنظيم في إبريل عام 2008، توفي إثرها في المستشفى العسكري بنواكشوط.

8 ـ يحيى ولد محفوظ، ويكنى”أبو أيمن الشرقي” وينحدر من ولاية ترارزة، كان خطيبا ذا صوت عال كما يقول رفاقه، وقتل في ولاية ورقلة بالجزائر في اشتباك مع الجيش الجزائري بداية عام 2008، وقتل معه عناصر من التنظيم من بينهم “سلمان الجزائري” و “النعمان الصحراوي” و “داد الله التونسي ” .

9 ـ اعل الشيخ ولد امين ولد محمد ولد احمد، المكنى “عبد الصمد”، ينحدر من ولاية إنشيري، كان يقطن في حي كرفور بنواكشوط، وهو شاب من مواليد ثمانينيات القرن الماضي، وقد قتل على يد الجيش الجزائري في مايو عام 2008

10 إخليهن ولد الشيخ المكنى “أبو ذر القلاوي”، شارك في اكتتاب عدد كبير من الشباب الموريتانيين الذين التحقوا بتنظيم القاعدة، وقد قتل في عملية تورين في 14 سبتمبر 2008، التي نفذها التنظيم ضد وحدة من الجيش الموريتاني بولاية تيرس زمور، وكان القتيل الوحيد في صفوف التنظيم الذي سقط في تلك المواجهة، وله وصية مسجلة على شريط فيديو.

11 ـ محمد سالم ولد الكوري، ويكنى “النعمان”، وهو من أسن الموريتانيين الذين التحقوا بالتنظيم، وهو من سكان حي الزعتر قرب تنسويلم بنواكشوط، وكان يعمل قبل التحاقه بمعسكرات التنظيم، في مجال بناء المنازل، وقد قتل في يوليو 2009 أثناء اشتباكات مع الجيش المالي، في معركة يعرف لدى التنظيم باسم “غزوة الوسري”.

12ـ سيدي ولد يحظيه، المكنى “عبد الحكيم أبو اليواقيت”، ينحدر من مقاطعة واد الناقة، وقد اعتقل في نهاية أغسطس عام 2008 مع الطيب ولد سيدي عالي وآخرين على يد الجيش المالي، و بعد أشهر من الاعتقال في مدينة “غاوا” بشمال مالي، أرادت الحكومة المالية نقلهما إلى سجن العاصمة “بامكو”، لكن السيارة التي تقلهم تعرضت لحادث سير، أدى إلى مقتل أربعة من عناصر الأمن المالي، وأصيب سيدي ولد يحظيه إصابات بالغة في الرأس توفي على إثرها بعد أربعة أيام، بينتما نجا زميله الطيب ولد سيدي عالي.

13 موسى ولد زيدان “أبو عبيدة البصري” ينحدر من ولاية لبراكنة، وقد نفذ عملية انتحارية قرب السفارة الفرنسية في نواكشوط يوم 8 أغسطس 2009.، أخفق في الحصول على شهادة الباكلوريا، كما لم يوفق في الالتحاق بسلك الدرك الوطني، وعمل في مجال الأعمال اليدوية، إلى أن التحق بمعسكرات التنظيم عام 2007، وقد توفي في الهجوم الانتحاري الذي نفذه، وهو لم يكمل بعد عامه الرابع والعشرين.

14ـ الحاج ولد معط، وكنيته “أبو محمد الموريتاني” ينحدر من مدينة أطار بولاية آدرار، قتل على يد الجيش النيجري في عملية نفذها ضد مقاتلين من التنظيم قرب مدينة “تلوة” النيجرية، بداية عام 2010 وقتل معه عدد من عناصر التنظيم بينهم: “سعيد أبي سارية الجزائري، وليبيين كانوا معه.

15 ـ إبراهيم الخليل ولد حبي ويكنى “ناصر” وينحدر من ولاية لبراكنة، وقد نفذ عملية انتحارية ضد الجيش النيجري، في مارس 2010، في عملية أطلق عليها التنظيم “غزوة الشهيد سعد أبي سارية”، وقد جاءت العملية انتقاما من الجيش النيجري الذي قتل عددا من عناصر التنظيم بداية العام بينهم “أبو محمد الموريتاني”، وله وصية سجلها على شريط فيديو قبل تنفيذه للعملية.

16 ـ سيد احمد ولد الولي، ويكنى “أبو عبيدة البيكا”، نسبة إلى سلاح “البيكا” الرشاش الذي كان يستخدمه دائما، حسب تصريحات رفاقه، وقد قتل منتصف عام 2010 في كمين نصبه عناصر من التنظيم، لدورية من الدرك الجزائري قرب بلدة تنزواتين بجنوب الجزائر، وقتل معه عنصر آخر من الطوارق، بينما قتل في العملية 11 عنصرا من الدرك الجزائري.

17 ـ أبو بكر الصديق ولد يحيى ولد عبدي، المكنى “أبو الخطار” التحق بمعسكرات التنظيم في يناير 2010، وينحدر من مدينة ألاك بولاية لبراكنة، وهو من مواليد 1976، ومتزوج وأب لطفلة واحدة، قتل في الهجوم الموريتاني الفرنسي على معسكر للتنظيم في شمال مالي في 22 يوليو 2010.

18 ـ عبد القادر ولد احمدناه المكنى “إبراهيم أبو مرداس”، ينحدر من مدينة أطار بولاية آدرار، ويبلغ من العمر 24 عاما، وقد التحق بالتنظيم منتصف عام 2006، وقتل في العملية الموريتانية الفرنسية شمال مالي، وله أخ معتقل في السجن المركزي بنواكشوط، هو الطالب ولد احمدناه الذي اعتقلته السلطات السنغالية، وسلمته للسلطات الموريتانية في نوفمبر 2009

19 ـ أحمد فال (باب) وكنيته “عبد الرزاق أبو ضمام”، ينحدر من مدينة تمبدغة، وكان يقيم في نواذيبو شمال غرب البلاد، وقد قتل في الوسط الجزائري في يناير 2010، أثناء مشاركته في نقل شحنة من الأسلحة من الصحراء الكبرى إلى معاقل التنظيم في وسط الجزئر ـ حسب تصريحات الجيش الجزائري.

20ـ إدريس ولد محمد الأمين المكنى “أبو إسحاق الأفغاني”، وينحدر من مدينة كيفة، وقد التحق بالتنظيم سنة 2005، واعتقلته السلطات المالية في الثلاثين من فبراير عام 2009، وأفرج عنه بعد ذلك بأشهر في عملية لتبادل الأسرى، وقد نفذ عملية انتحارية بسيارة مفخخة استهدفت مقر قيادة المنطقة العسكرية الخامسة بمدينة النعمة في الشرق الموريتاني، فجر يوم 25 أغسطس عام 2010.

21 ـ “أسامة” من الشباب الموريتانيين الأوائل الذين التحقوا بالتنظيم، وجرح في جبال الطاسيلي جنوب شرق الجزائر، على مستوى الرأس، وقتل بعد ذلك في انفجار لغم أرضي في الجزائر عام 2009.

محمد محمود أبو المعالي