موجة جديدة من العنف في الصحراء الغربية

a-102.jpgاندلعت مجددا في الصحراء الغربية مواجهات دامية اليوم الثلثاء بين قوات الأمن المغربية والسكان المحليين المطالبين باستقلال الإقليم الصحراوي الشاسع والغني بالموارد الطبيعية. استخدم السكان المقيمون في عاصمة الإقليم ، العيون ، العصي والحجارة في معارك شوارع خاضوها مع الشرطة المغربية التي كانت تقوم بعمليات دهم وتفتيش البيوت ، بيتا بيتا ، حسب قول الناشط الصحراوي إبراهيم أحمد. “بين الفينة والأخرى نسمع الصراخ”.

اندلعت أعمال العنف يوم الإثنين الماضي عندما استخدمت القوات المغربية القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفكيك مخيم شيده ما يربو على 20,000 صحراوي خارج عاصمة الإقليم ، العيون ، للإحتجاج على التمييز والحرمان الممارس في حقهم من طرف الحكومة المغربية. لقد قاوم مشيدوا المخيم القوات المغربية المهاجمة حيث تكبد الطرفان خسائر إلا أن الأرقام التي صرح بها الطرفان كانت متضاربة ولم يتم التأكد منها من جهة مستقلة.

مدينة العيون مأهولة أساسا بالمستوطنين المغاربة كنتيجة لسياسة الحكومة المغربية لبسط سيطرتها على المستعمرة الإسبانية السابقة ، التي احتلها بعد ما غادرتها إسبانيا 1975 بعد ما يقارب قرن من الحكم الإستعماري. حركة التحرر الوطني الوحيدة ، جبهة البوليزاريو ، أعلنت الإستقلال سنة 1976 بالنيابة عن البدو الصحراويين ، الذين يمتلكون لهجتهم العربية الخاصة وثقافتهم المختلفة. يعتبر هذا النزاع أحد أقدم النزاعات العالمية التي لم تجد سبيلها للحل.

يوم الثلثاء اتهمت جبهة البوليزاريو الحكومة المغربية بالتسبب بأسوء أعمال عنف شهدها الإقليم منذ عقود بهدف تعطيل المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن مستقبل الصحراء الغربية. هذا القسم الجاف من شمال غرب إفريقيا يعج بالسمك ومخزونات هائلة من الفوسفات ، وهو المعدن المستخدم على نطاق واسع لتصنيع أي شئ من الأسمدة إلى حبر آلات التصوير.

a1-91.jpgوكالة أنباء المغرب العربي المغربية الرسمية ذكرت أن أربعة رجال من قوات الأمن لقوا مصرعهم يوم الإثنين في مخيم إقديم إزيك الواقع على بعد ستة أميال (10 كلومتر) شرق العيون ، وواحد قتل طعنا في القلاقل التي حصلت في المدينة. حوالي العشرين من قوات الأمن تم إسعافهم في المستشفيات حسب الوكالة المغربية.

جبهة البوليزاريو من جهتها ذكرت يوم الثلثاء أن 11 صحراويا قتلوا في الغارة التي شنتها قوات الأمن على المخيم وأعمال الشغب التي تسربت إلى مدينة العيون إضافة إلى 723 جريح و 159 مفقود.

أحمد قال أن الشرطة داهمت يوم الثلثاء المنازل في العيون مرغمة الأهالي على القسم بالولاء لملك المغرب وحكومته. “يجب عليك أن تغني النشيد الوطني المغربي ، يجب عليك أن تقول أن الصحراء مغربية”. لم تصدر الحكومة المغربية أي تعليق على هذه المزاعم كما أنها لم تسمح للصحافة الدولية بالدخول إلى المنطقة. ممثل جبهة البوليزاريو في مدريد ذكر أن أعمال العنف اندلعت مجددا يوم الثلثاء في إثنين من أحياء العيون بعد أن اعتقلت الشرطة المغربية أعدادا كبيرة من سكان المدينة. بشرايا بيون ذكر أنه علم بنبإ الصدامات من مقربين يقيمون في العيون. إيزابيل ترازا ، ناشطة إسبانية تقيم بالمدينة ، أيضا ذكرت لوكالة آسوشييتد بريس عبر الهاتف أن صدامات كثيرة لازالت مستعرة وأن أعدادا كبيرة من الجيش والشرطة تطوق المدينة.

على الرغم من هذه الصدامات ، استمرت المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليزاريو كما كان مخططا لها يومي الإثنين والثلثاء قرب مدينة نيويورك ، بحضور مندوبين عن الدول المجاورة وهي الجزائر وموريتانيا.
a2-42.jpg
المبعوث الأممي الخاص كريستوفر روس ، الذي حضر المفاوضات التي اختتمت مساء الثلثاء ذكر أن الطرفين “دخلا في نقاشات موسعة وصريحة حول رؤية كليهما الآخر للصحراء الغربية في جو يطبعه الإحترام المتبادل” إلا أن روس ذكر أن كل طرف “استمر في رفض طرح الطرف الآخر كأساس لمفاوضات مستقبلية”. المبعوث ذكر أن الطرفين اتفقا على استئناف “بدون تأخير” الزيارات العائلية إلى المنطقة المتنازع عليها عنطريق الجو. كما أنهما سيجتمعا أيضا مع مكتب المفوض السامي الأممي لشؤون اللاجئين في جنيف “في المستقبل القريب” ، بالإضافة إلى ممثلين من الجزائر وموريتانيا ، من أجل استئناف الزيارات العائلية براً كذلك ، يقول روس. اختتم المبعوث الأممي كلامه قائلا “اتفق الطرفان أن يجتمعا مرة أخرى في دجمبر وكذلك مطلع السنة القادمة لمتابعة ، من خلال أسالب مبتكرة ، مسلسل التفاوض الذي دعت إليه قرارات مجلس الأمن الدولي”.

“بما أقدم عليه بالأمس ، أراد المغرب تعطيل المفاوضات ظنا منه أننا لن نحضرها ، إنه يريدنا أن نتحمل مسؤولية تعطيل المفاوضات” يقول بيوم. “إنه أرادنا أن ندفع ثمن عواقب التعطيل ، إلا أننا حضرنا”. غير أن بيوم ليست لديه معلومات عن ما دار في أروقة المفاوضات.

يتكون سكان العيون من 30% صحراويين بينما تعتبر بقية السكان عبارة عن مستوطنين مغاربة دفعت بهم الحكومة هنالك. تشيع حالة من التوتر منذ وقف إطلاق النار المتفاوض عليه أممياً سنة 1991 والذي وضع حداً لِ 16 سنة من حرب العصابات بين البوليزاريو ومملكة شمال إفريقيا. علاقات العداء متأصلة بين المغرب والجزائر ، التي تأوي مخيمات اللاجئين الصحراويين وتدعم رهان البوليزاريو على إستفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة يقرر مصير الإقليم. الرهانات السابقة على إجراء الإستفتاء تعثرت بسبب الخلاف على ما إذا كان من حق المستوطنين المغاربة التصويت في الإستفتاء من عدمه. خلال جولة المفاوضات غير الرسمية في فبراير أي من الطرفين لم يتزحزح عن موقفه قيد أنملة والأمين العام الأممي بان كيمون ذكر في إبريل أنه لايرى في الأمد المنظور حلا لهذا النزاع المعمر. فبالنسبة للمغرب ، تعتبر وضعية الصحراء الغربية كجزء لايتجزء من الحوزة الترابية المغربية وموضوعا قريبا من المقدس – مثل الملك والإسلام – تاركا هامشا ضئيلا للنقاش. وهو ما يفسر تصفيق الصحف المغربية الصادرة يوم الثلثاء بشدة لتدخل الشرطة المغربية العنيف ضد المدنيين الصحراويين في مخيم إقديم إزيك ومدينة العيون.


واشنطن بوست

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى