نواكشوط – الأخبار – انتقد النائب البرلماني ولد سيدي محمود والمقرر العام للميزانية في موريتانيا تحول تعديل الميزانية من كونه حالة استثناء يلجأ إليها لدى الضرورة ليصبح القاعدة، قائلا إن الأعوام الثلاثة المنصرمة شهدت نقاش ميزانيات معدلة وهو ما سيحصل على الراجح العام القادم.
واعتبر ولد سيدي محمود أن الزيادة المعلنة في مخصصات الرواتب هي “زيادة خادعة” لا تتعدى نقل 5 مليارات أوقية من بند السلع والخدمات إلى بند الرواتب0 ورأى أن الزيادة على “كتلة الرواتب” لا تعكس بالضرورة زيادة في رواتب جمهور العاملين بل إنها في الواقع لا يستفيد منها إلا أقل من 1% من العاملين ومن كبار الموظفين فقط.
وانتقد ولد سيدي محمود في جلسة للبرلمان الموريتاني ما درجت عليه الحكومة من تأجيل عرض السلف على البرلمان لتسويتها إلى نهاية العام والحال أن بعض السلف تعود إلى أبريل 2010 وكان يفترض أن تناقش في أول دورة تعقب ذلك واصفا الإجراء بأنه أشبه بـ”طبيب بعد الموت”.
وطالب السالك ولد سيدي محمود الحكومة الموريتانية باحترام القوانين المالية المتعلقة بالميزانية منوها إلى أن الشروط الثلاثة اللازمة لأي ميزانية، وهي التطابق مع القوانين المالية وعد الإنفاق خارج الميزانية والشفافية في المخططات والأهداف، لا تتوفر في مشروع المالية المعروض على البرلمان.
وأردف مقرر الميزانية العامة والنائب عن حزب “تواصل” ذي المرجعية الإسلامية الذي كان يتحدث الاثنين (27-12-2010) “هناك إنفاق كبير لن تجدوا له أثر في الميزانية ولا في السلف ولا في التسويات” منوها إلى أن “النيات والشعارات وحدها لا تكفي، فالكثيرون ممن هم في السجون ربما أنفقوا الأموال العمومية بحسن نية لكنهم خالفوا القوانين” وفق تعبيره.
وفي منحى آخر نبه ولد سيدي محمود إلى أن النمو ليس مجرد أرقام وإحصاءات مشككا في قيمة نسبة النمو لهذا العام (5.1%) التي تسوقها الحكومة من حيث آثارها على التشغيل وانعكاسها المباشر على أوضاع الناس لكونها ناتجة في الأساس عن الأنشطة الاستخراجية.
وعبر ولد سيدي محمود عن قلقه من أن مشروع الميزانية الحالي يعلن رصد 70% من العائدات للرواتب وهو ما رأى أنه يضعف هامش المناورة في المفاوضات مع الشركاء والتي اعتبر أنها ستكون شاقة بعد أن باتت الميزانية تعكس الوضع الحقيقي للرواتب.
وفيما يتعلق بالعجز في ميزانية العام المنصرم أوضح ولد سيدي محمود أنها ناهز 43 مليار أوقية (بدل 6 مليارات كعجز متوقع) قائلا إن معنى ذلك أن الدولة أخذت هذا المبلغ من خواص والتزمت بتسديده وهو ما يعني أنه يمثل دينا على كاهل الدولة.
وهاجم ولد سيدي محمود “الصناديق الخاصة” قائلا إنها نوع من التسييس للميزانية وتناهز ميزانيتها أحيانا 10 مليارات وهو ما يفوق ميزانية الكثير من الوزارات.
وقال ولد سيدي محمود إن القانون صريح في أن الصناديق تشكل فقط لتمويل أجنبي يشترط مانحوه فتح حساب خاص له، فيما باتت تفتح في البلاد للموارد المحلية وهو ما يمثل للقوانين المالية مستشهدا بالنص القانوني.
وأشار إلى وجود صناديق أنشئت خارج القانون من قبيل بعض الضمانات التي لا بد أن تمر بالجمعية الوطنية مثل ضمان لشركة “SNAT” للمعدات الزراعية لم يمر يوما على البرلمان (رغم تصريح الجريدة الرسمية بوجوب ذلك).
وحول موارد الميزانية رأى ولد سيدي محمود أن من أهم أسبابه زيادة جميع الضرائب باستثناء الضرائب على السجائر، منوها إلى أن المواطنين ساهموا جميعا في زيادة الموارد ولا تعود زيادتها فقط إلى جهد للحكومة محذرا من إثقال كواهل المواطنين الضعفاء.
وأشار إلى أن كل مواطن موريتاني يدفع لخزينة الدولة 20 أوقية عن كل لتر من الوقود استهلكه كما يدفع خمس أواق من كل مكالمة داخلية وعشر أواق عن كل مكالمة خارجية.
وحذر ولد سيدي محمود من نقص الاستثمارات بعشر مليارات أوقية رغم ما قيل عن زيادة الموارد وهو “لا مبرر له” حسب قوله، مطالبا بتجنب استقطاب مستثمرين معروفين بغلاء أسعارهم إذ توجد خيارات كثيرة.
وقال ولد سيدي محمود إن الاستثمار يجب أن يكون مبنيا على دراسات محذرا من تكرار تجارب إفلاس سابقة، في إشارة لشركة الطيران الجديدة، ومطالبا بعدم تحويل الموضوع إلى مجال للدعاية والعواطف.